أول من علّق على الاقتراح الشامل للرئيس نبيه بري، المتعلّق بقانون الانتخاب وتأسيس مجلس شيوخ وانتخاب مجلس النواب في وقت واحد، الوزير جبران باسيل، يقول القريبون من عين التينة أنفسهم، قال: "أرى فيك يا دولة الرئيس وجه الامام المغيّب موسى الصدر. ولم أره قبل اليوم". ردّ برّي: "ربما لم تكن خبرتك واسعة". وافق المشاركون في الحوار على الاقتراح، وأسهب الرئيس فؤاد السنيورة في الثناء. بعد ذلك طلب بري منهم تعيين ممثلين عنهم وحدّد اليوم التالي موعداً لاجتماعهم. وكانت مهمتهم صياغة اقتراحه المتشعّب تمهيداً لامرارها الى مجلس الوزراء والنواب للإسراع في التنفيذ. اجتمع المتحاورون في اليوم التالي، وفوجئ بري في بداية الجلسة بإعلان الشيخ سامي الجميل ممثل حزب الكتائب سحب موافقته على الاقتراح المشار اليه أعلاه. ولما سُئل عن السبب قال "نحن نحتاج الى مزيد من الوقت لدرسه". كما فوجئ بسحب الوزير باسيل موافقته المرحّبة جداً، وكذلك بمبادرة الرئيس السنيورة الى الخوض في تفاصيل كثيرة للاقتراح فَهِم منها الجميع تراجعاً عملياً عن الموافقة عليه. ورغم ذلك طلب الرئيس بري منهم تسمية مندوبيهم ففعلوا، حرصاً منه على اجتماعهم وأملاً في توصلهم الى ما يزيل التحفظات أو الرفض اللذين حلّا وخلال 24 ساعة مكان الموافقة والقبول. ماذا حصل أيضاً في اجتماعات مؤتمر الحوار في أيامها الثلاثة؟

بعد "وأد" مشروع بري أو اقتراحه، يجيب القريبون أنفسهم، بدأ المتحاورون يبحثون في مشروعات قانون الانتخاب المقترحة من جهات عدة، مثل المختلط مع 13 دائرة الذي طرحته حكومة ميقاتي، ومشروع "المستقبل" - "القوات" - "الحزب التقدمي الاشتراكي" المختلط أيضاً، ومثل الاقتراح الآخر الذي قدمه الرئيس بري المتضمن التأهيل على مستوى القضاء. ويتم هذا التأهيل وفقاً لـ"المشروع الارثوذكسي" ولكن معدّلاً اذ "يؤهّل" المسيحيون المسيحيين والمسلمون المسلمين بغض النظر عن المذاهب عند أبناء الديانتين. أما نسبة التأهيل فلا تكون مرتفعة كثيراً وذلك للإفساح في المجال أمام التنافس في الانتخابات النهائية. لكن حصيلة ايجابية لحوار الأيام الثلاثة هذا لم تتكوّن، وهي لا تزال غير مكوّنة، وحتى الآن ما مشي شي. ولا بد من الانتظار وفي الوقت نفسه من العمل لأن عدم إنجاز قانون انتخاب "مقبول ومفتوح على العصرنة ومنتج لنواب يمثلون فعلاً سيحبط اللبنانيين أكثر مما هم محبطون"، يقول بري استناداً الى القريبين أنفسهم.
ماذا في عين التينة عن الوضع الاقليمي استناداً الى القريبين منها؟
يقولون أولاً أن الرئيس نبيه بري يهزّ رأسه مبتسماً عندما يكرّر زائر أمامه أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون صُنِع في لبنان. وهو طبعاً يأسف لذلك. لكنه يقول أن عدم معرفة الحقيقة أو تجاهلها لاعتبارات ومصالح سياسية لا يجوز. واذا كانت هناك نية فعلية "للبننة" الاستحقاقات الوطنية كلها بل لـ"لبننة" لبنان فما على الجميع إلا العمل معاً لإزالة الانقسامات التي صارت تهدّد جدياً وحدة البلاد، والاستعداد لمرحلة السلام في المنطقة التي ستأتي عاجلاً أو آجلاً كي تكون للدولة اللبنانية كرسي حول طاولة البحث والتفاوض. وإلّا فستكون مع شعبها على الطاولة. ويقولون أيضاً أنه، ورغم المظاهر أو بالأحرى المواقف الاعلامية التي تصدر عن المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، والتي تشير الى استمرار العداء بل المواجهة السياسية المباشرة والعسكرية بالواسطة بينهما، أنه "لا يشيل من باله" أن تفاهماً ما بينهما أو تلاقٍ ما لمصالحهما هو الذي وضع نهاية للفراغ الرئاسي في لبنان الذي طال كثيراً، وصار تالياً شديد الخطورة. ويضيفون أنه حاول مرّة أو أكثر الاستفهام غير التفصيلي من المختصّين في إحدى الدولتين لكنه لم يحصل على جواب شاف، ورغم ذلك فهو مستمر في اقتناعه.
أما على الصعيد الإقليمي فهو يعتقد على ما يقول القريبيون من عين التينة أنفسهم، أن تلاقياً ما لمصالح الرياض وطهران سيحصل يوماً وسيضع أزمة اليمن وحربها على طريق الحل. ذلك أن لا مصلحة للسعودية في استمرارها وكذلك لإيران. وهو يروي في مجالسه قصة مفادها أن مؤسس الأولى الملك عبد العزيز احتل في أثناء "التأسيس" اليمن بعاصمتها صنعاء. لكنه لم يبق فيها أكثر من ستة أيام انسحب بعدها الى "مملكته". ولما سئل عن السبب قال: "بريطانيا العظمى أقوى دولة في العالم احتلت معظم المنطقة بدولها الكبيرة والصغيرة وحكمتها. لكنها لم تحتل اليمن رغم قوّتها. فرأيت أن الأفضل لنا الانسحاب". وهذه الحكمة بعينها".