مشاركة المرأة في الحرب أمر معتاد في أفلام "هوليوود" والأساطير اليونانية القديمة، أما على أرض الواقع وتحديدًا في الشرق فإن الأمر لا يزال غريبًا على العادات والتقاليد، خاصة أن كانت هذه الحرب ضد تنظيم من أقوى وأشرس التنظيمات الإرهابية وهو "داعش".

العراقية "سهام البدر"، المعروفة باسم "سمارا المقاتلة" كسرت كل تلك الحواجز، بمشاركتها في الحرب العراقية بكل قوة، لتصبح واحدة من أهم الإعلاميات الحربيات في العالم كله، وليس في العراق فقط.

لم تكتف "سمارا" بدورها الإعلامي الخاص بتغطية الحرب، بل حملت السلاح ضد "داعش" وشاركت في قتل رجاله، والتحقيق مع نسائه المقبوض عليهن من قبل القوات العراقية.

وتحدثت ابنة الـ28 عامًا عن مغامراتها الحربية ضد "داعش"، وتفاصيل ما توصلت إليه من أسرار حول التنظيم الإرهابي، موضحة أن دورها ينطلق من الواجب الوطني والشرعي فى الدفاع عن الوطن والعقيدة والمقدسات، لافتة إلى أن الواجب الوطني وشرف المهنة يستوجبان منها الدفاع عن بلدها الذي ولدت وعاشت وتعلمت فيه، لذلك تسعى إلى ضرب المنظومة الإعلامية الداعشية، وإسقاط التنظيم إعلاميا ونفسيا من خلال حرب إعلامية شاملة، والتلاعب بنفسيته وإحباط معنوياته.

"سمارا" أكدت أنها بدأت كمراسلة حربية أثناء الحرب على سوريا، حيث أجرت عدة لقاءات مع مجموعة مقاتلين في سوريا لقناة الإخبارية السورية التابعة للرئيس السوري بشار الأسد، ثم بدأت تذهب لمناطق الحروب في العراق دون علم أهلها وحتى دون علم زملائها الإعلاميين حتى تم اكتشاف أمرها أثناء مشاركتها في إحدى المعارك ضد "داعش"، ومن وقتها انخرطت للعمل المعلن مع الجيش العراقى.

وعن أجواء الحرب، أوضحت أن أجواء الحرب صعبة جدا على الرجال، وصعوبتها أشد على النساء، لكنها تعودت على هذه الأجواء منذ الصغر في زمن "صدام حسين".

ولفتت إلى أنها تعرضت أيضا لمحاولة اختطاف من قبل بعض الميليشيات التابعة للأميركيين، إلا أن كتائب "حزب الله" أفشلوا مخطط خطفها، ونجحوا في القبض على محاولي اختطافها في منطقة "جرف الصخر"، المؤدي لمحافظة "الأنبار" العراقية، كما تعرضت لمحاولة اغتيال في بيتها، ولكن المحاولة فشلت أيضا. وأكدت أنها شاركت في الحرب مع "الحشد الشعبي"، وتدربت على السلاح والرماية، مضيفة أنها كانت تصوب نحو بعض قناصة العدو، وتم تدريبها على القنص، وشاركت في أقوى المعارك.

وأشارت "سمارا" إلى أنها تعرضت لإصابتين؛ الأولى رصاصة قرب الرأس لكنها كانت خفيفة، والثانية إصابة بالغة كانت بالسلاح الكيماوى المحظور، حين قام "الدواعش" بضرب قواتها بمواد كيماوية مثل غاز الخردل وغيرها من المواد المحظورة، وبسبب استنشاقها هذه المواد تعرضت لمضاعفات كبيرة في الصدر والعيون والأنف والأذنين والحنجرة والقصبات والكبد، ما اضطرها للعلاج داخل وخارج العراق.

وعن أخطر ما رصدته من جرائم لتنظيم "داعش" الإرهابي، أوضحت أنه عندما كانت قوات "الحشد الشعبي" والقوات الأمنية تحاصر منطقة "العوجة"، مسقط الرئيس الراحل صدام حسين، وكان فيها عدة قصور لعائلته يتحصن فيها مجموعة خطرة من "الدواعش". وتابعت: "كانت المسافة بيننا وبين تلك القصور من 500 إلى 700 متر، وكنا نراقب القصور عن كثب من خلال مواضعنا العسكرية، ونشاهد حركة العدو، ولاحظنا سيدة تتحرك داخل القصر، وكان الدواعش حولها"، وأوضحت: "حاصرنا وراقبنا تلك القصور لمدة 3 أيام، إلا أننا لاحظنا طائرة أميركية هبطت قرب القصر الذي كانت فيه المرأة والقيادات، ثم أقلتهم إلى مكان مجهول، وتبين لنا فيما بعد أن تلك المرأة كانت رنا صدام حسين، وأنها تشرف على الخطط العسكرية الداعشية". ولفتت إلى أن كل منطقة كانت تدخلها كانت تجد آلاف الوثائق، وهناك وثائق تدون أسماء الجنود والقيادات الداعشية، وهناك وثائق فتاوى وتحريم وتحليل حسب أهوائهم، وأغربها وأقذرها كانت فتوى تتحدث عن جواز نكاح المرأة المتزوجة من قبل أكثر من رجل من مقاتلي "داعش".

وفي ما يتعلق بالجانب العسكري، أكدت أن التنظيم لا يمتلك الخبرات القتالية الكافية بحجم الخبرات التي يمتلكها الجيش العراقي، وهذا ما لاحظناه فعليا على أرض المعركة، حيث كنا نشاهد حالات هروب جماعية لعناصر التنظيم في أغلب المواجهات العسكرية. وأكدت "سمارا" انضمام عدد كبير من السيدات للتنظيم باسم "المجاهدات"، ودورهن في الغالب تقديم "جهاد النكاح"، وقليل منهن يشارك في القتال، وكل هذا يتم بأجر عالي على أساسه توجهت الكثير من النساء العربيات والغربيات للانضمام للتنظيم.

وتتنوع جنسيات هذه السيدات فمنهن التونسيات والسوريات إلى جانب الفرنسيات والألمانيات والآسيويات، وهن يصلن إلى أماكن القتال فى العراق وسوريا، من تونس عبر ليبيا باتجاه تركيا، ثم إلى مدينة عزاز السورية، حيث هناك جماعات تستقبلهن لإدماجهن مع التنظيم، أما الغربيات فيأتين إلى تركيا ومنها إلى سوريا والعراق. وأوضحت أن من أبرز نساء "داعش" اللائي تم القبض عليهن مؤخرا "أم المقداد" وهي امرأة كبيرة سعودية كانت تعيش في "الأنبار" وتعمل على استقطاب الفتيات للانضمام إلى التنظيم، وتشرف على تدريب الفتيات على السلاح والقنص، إلى جانب قيامها بتشكيل خلية خاصة تنتشر في الأسواق تعمل على جذب النساء للانضمام إلى التنظيم، وهو ما دفع البعض لإطلاق لقب "أميرة داعش" عليها.

ختاماً، أشادت "سمارا" بدور المرأة العراقية في الحرب الحالية، موضحة أنه مشرف في مواجهة "داعش"، حيث كانت النساء تحث أزواجهن وأبناءهن وأخواتهن على القتال، بالإضافة إلى ما قدمته المرأة من خدمات أخرى مثل إعداد الطعام وإرساله للمقاتلين في الجبهات، وحفاظ المرأة على بيتها وأطفالها طوال فترة غياب زوجها المقاتل، كما أن هناك نساءً لهن دور كبير في علاج الكثير من الجرحى ولا ننسى دور أمهات الشهداء وزوجاتهم والجرحى في رفع الروح المعنوية.

(البوابة)