رئيس الوزراء التركي السابق ينظر بعين الريبة إلى النظام الرئاسي الذي يناقشه البرلمان ويؤكد تمسكه بالنظام البرلماني في البلاد.
 
 اعتبر مراقبون للشأن التركي أن تصريحات رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو التي يتحفظ فيها على إنشاء نظام رئاسي في بلاده يعد أول اعتراض علني يأتي من داخل حزب العدالة والتنمية، ومن قبل إحدى أهم الشخصيات التاريخية للحزب الذي كان يعد في السابق منظر الحزب الأول.
 
وأعرب داود أوغلو عن مخاوفه من التعديلات الدستورية المقترحة التي يجري البرلمان مشاورات بشأنها حاليا.
 
وكشف في مقابلة مع صحيفة “يني شفق” اليومية التركية أنه أوصل “آراءه وأفكاره ومخاوفه” للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يدفع من أجل التعديلات التي توسع بصورة كبيرة صلاحيات الرئاسة.
 
وكان البرلمان التركي قد بدأ الأربعاء الجولة الثانية من التصويت على تعديلات دستورية من شأنها تعزيز سلطات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
 
وفيما يعتبر أنصار الرئيس التركي أن التعديلات الجديدة سوف تجلب الاستقرار إلى البلاد، يرى المعارضون لها أنها سوف تضعف الضوابط والتوازنات وتمنح سلطة كبيرة للغاية للرئيس، ويتهمون الرئيس أردوغان، الذي يترأس السطلة في البلاد كرئيس للوزراء أو كرئيس للجمهورية، منذ عام 2003، بالسلطوية المفرطة.
 
وينظر داود أوغلو، الذي كان الرجل الثاني في الدولة والحزب الحاكم قبل أن يختلف مع أردوغان ويطاح به العام الماضي من منصبي رئاسة الحكومة ورئاسة الحزب، بعين الريبة إلى النظام الرئاسي الذي يناقشه البرلمان ويعلن تمسكه بالنظام البرلماني في البلاد.
 
وقال داود أوغلو في هذا الصدد “عندما ننظر إلى التركيبة السياسية في تركيا، فإن البرلمان هو العمود الفقري ودرع الديمقراطية”، مؤكدا أن “البرلمان يتضمن المجتمع كله”.
وكان البرلمان قد وافق على التعديلات مادة تلو الأخرى في جولة أولى من التصويت.
 
وفي حالة تمرير المواد المعدلة في الجولة الثانية من التصويت، التي بدأت الأربعاء ويتوقع أن تختتم هذا الأسبوع، فإن حزمة التعديلات بالكامل تحتاج إلى تصويت نهائي بالموافقة، على أن يطرح مشروع الدستور الجديد بعد ذلك لاستفتاء شعبي يتوقع أن يتم في أبريل المقبل.
ويملك حزب العدالة والتنمية 316 صوتا في البرلمان المؤلف من 550 عضوا. وبمساعدة من بعض أعضاء حزب الحركة القومية، حصلت التعديلات الدستورية على أغلبية 330 صوتا اللازمة لتمريرها في الجولة الأولى.
 
ومع ذلك فإن المراقبين يتأملون إمكانية حدوث مفاجآت في الجولة الثانية قد تدعو بعض أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى التراجع عن دعم هذه التعديلات أو لجوء حزب الحركة القومية أو أعضاء به إلى سحب تأييدهم في القراءة الحالية الثانية للتعديلات المقترحة.
 
ويعد موقف أحمد داود أوغلو أول مؤشر على تململ ما داخل حزب العدالة والتنمية ضد طموحات أردوغان التي يصفها المعارضون بـ”السلطانية”.
 
ودافع داود أوغلو عن موقفه معتبرا أنه “ينبغي أن تسير السلطة التشريعية والتنفيذية على أرضية صلبة حول مبدأ الفصل بين السلطات”، بما فهم أنه تخوف من أن تصبح الصلاحيات الرئاسية مهيمنة على كل السلطات وتطيح بالقدسية التمثيلية للبرلمان.
 
وقال الباحث السياسي التركي فائق بولوط “قد يحاول حزب العدالة الاستجابة لإجراء بعض التغييرات الرمزية على مشروع التعديلات لإرضاء بعض الأصوات المحتجة من داخل الحزب”.
 
وعبر بولوط في تصريح لـ”العرب” عن اعتقاده بأن الهدف الرئيسي لمشروع القرار لن يتغير لأن الحكومة ستصر على النظام الرئاسي.
وتحظى مسودة الدستور الجديدة المطروحة، بدعم من حزب الحركة القومية المعارض، القوة الرابعة في البرلمان “39 مقعدا من إجمالي 550 مقعدا”، بينما يعارضه حزب الشعب الجمهوري القوة الثانية في البرلمان “133 نائبا”.
 
ويحتاج إقرار المقترح من قبل البرلمان إلى موافقة 330 نائبا على الأقل “ثلاثة أخماس الأعضاء” ليتم عرضه على رئيس البلاد من أجل إقراره، وعرضه على استفتاء شعبي خلال 60 يوما.
 
ورأت بعض الأوساط البرلمانية التركية أن الاجتماع الذي عقد بين كمال قليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي، المعارض للتعديلات الدستورية وأكبر أحزاب المعارضة، الأربعاء، مع رئيس حزب الحركة القومية المعارض دولت باهجة لي، والذي صوت لصالح التعديلات في القراءة الأولى قد يكون مؤشرا على احتمالات مفتوحة ومفاجئة.
 
وقال بولوط إنه “ربما قد تكون هناك مفاجأة إذا نجح أكبر أحزاب المعارضة الرئيسية في إقناع بعض أعضاء حزب الحركة القومية بالتصويت ضد مشروع القرار، وإذا تم ذلك فإن أمل حزب العدالة بتغيير نظام الحكم إلى رئاسي سيزول”.