في ظل الحديث عن الجهود التي تبذلها السعودية بهدف تحقيق رؤية 2030 التي أعلن عنها ولي ولي العهد محمد بن سلمان، والتي تشمل تخفيف الاعتماد على النفط وترشيد النفقات وزيادة الضرائب واعتماد تدابير تقشفية، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعانيها المملكة بعد انخفاض أسعار النقط، سلّط موقع "ستراتفور" الاستخباراتي الأميركي الضوء على أزمة أخرى من شأنها إعاقة بلوغ الأمير الشاب غاياته، المياه.


انطلاقاً من اعتماد السعودية على المياه الجوفية بشكل مفرط، في ظل الضغوطات الديموغرافية والاقتصادية المتزايدة، ذكر الموقع أنّ دراسات عدة تشير إلى أنّ موارد المياه الطبيعية في البلاد معرضة لخطر الاختفاء خلال الـ20 سنة المقبلة، لافتاً إلى أنّ المياه الأحفورية التي توفرها طبقات المياه الجوفية تتميّز بمعدلات إعادة تغذية بطيئة، ناهيك عن أنّ الأضرار التي تلحق بها نتيجة استخراجها بشكل مفرط غير قابلة للإصلاح.

في هذا السياق، حمّل الموقع مسؤولية الأزمة التي تُقبل عليها السعودية للسياسات الزراعية التي طُبقت خلال الأعوام الخمسين الفائتة، ففي السبعينيات والثمانينيات احتلّت الرياض المرتبة السادسة عالمياً على مستوى تصدير القمح؛ علماً أنّ الحوافز التي قدّمتها الحكومة آنذاك أدت إلى هذا الارتفاع الكبير في الانتاج، الذي يتخطى هدفي الاكفاء الذاتي وقدرة البلاد على التخزين.

في الإطار نفسه، أكّد الموقع أنّ القطاع الزراعي ما زال المستهلك الأكبر لموارد المياه في البلاد، متحدّثاً عن معدلات استهلاك المياه في القطاعين المنزلي والصناعي التي تواصل ارتفاعها. وفيما توقع الموقع بأنّ يزيد الطلب على المياه في القطاع الصناعي بنسبة 50% خلال الأعوام الـ15 المقبلة، عاد إلى رؤية العام 2030 الاقتصادية، مؤكداً أنّ هذه الأرقام مرشحة للارتفاع.

توازياً، شدّد الموقع على حاجة الرياض إلى تطوير أعمال تحلية المياه، موضحاً أنّها تسعى إلى توسيع عملياتها الحالية وبناء مشاريع جديدة، ولافتاً إلى أنّ الوقود الذي تحتاج إليه هذه المعامل الإضافية قد يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط، بما يهدد استدامة صادرات المملكة النفطية.

ختاماً، أوضح الموقع أنّ رؤية 2030 شملت قطاع المياه في السعودية، التي ستواصل عمليات استنزاف مواردها الطبيعية الضئيلة، مرجحاً أن تكشف الإجراءات التقشفية عن أزمة كمنت سابقاً تحت فائض الأموال. وعلى الرغم من الموقع أكّد أنّ الاستثمارات ستزيد قدرة الرياض على تحلية المياه، استدرك بالقول إنّها لا تكفي وحدها للتعويض عن النقص في الموارد الطبيعية، ما يعني بأنّ السعودية ستواصل تأرجحها على حافة محدودية مواردها الطبيعية.

 

 

(ترجمة "لبنان 24" - Stratfor)