يعاني المجتمع اللبناني خصوصا والعربي عموما من ظاهرة ممارسة العنف و التسلط ضد المرأة سواء كانت زوجة أو أختا على وجه الخصوص ولفتت أحداث كثيرة على هذا الصعيد نظر العديد من الخبراء والعلماء وقد تم وضع هذه الحالات في دائرة التخلف الاجتماعي في يوطننا العربي لأنه يعتبر المرأة دائما هي الحلقة الأضعف التي عليها أن تتحمل دائما سطوة الرجل وغضبه .
فهناك إختلاف بين البشر ووهناك فرق تصرفات الرجل مع المرأة وعند هذه الاختلافات يلجأ الرجل الى العنف لاسكات زوجته من النقاش الذي يجب حله في طرق اخرى غير العنف .
لكن بات هذا الحل الأنسب لبعض الرجال في مختلف الدول العربية والأجنبية فما ينبغي على المرأة الا الصمت من أجل أولادها والرضوخ للأمر الواقع بينهم  أو الصمت خوفا من زوجها وخوفا من تدمير زواجها التي تعتقد برأيها أنه الزوج المثالي ورغم جميع الأخطاء التي يرتكبها الرجل  تبقى المرأة حريصة على اسرتها حتى اللحظة الاخيرة او تلجأ بعد ذلك للهروب الى أهلها ومحاكمته في القضاء الخ....
وفي اسباب العنف فهو يأتي في بعض الأحيان عن طرق كثيرة مثلا هي عدم السيطرة على الأعصاب أو الأدمان على الكحول والمخدرات وعدم التعليم الكافي وعدم الإنخراط بين الناس مما يؤدي الى الجهل في كيفية التعامل مع المرأة أو هو يأتي من خلال التربية التي يتعملها الرجل من والده أو البيئة التي يعيش فيها وبعض الأحيان صحبة الشباب وأقوالهم الكاذبة تؤدي للتعاطي مع زوجاتهم بالعنف وهو الضرب المبرح بطرق كثيرة .ومنه الاجبار على الجماع ولو حتى كان بالضرب ،والمرأة هنا لا يحق لها الرفض ويحتم عليها القبول بجميع متطلبات الرجل .
وهناك اشياء كثيرة يفرضها الرجل الرجعي في القرن الواحد والعشرين مما يؤدي ذلك الى ضرب زوجته .
وللوقوف على هذا الموضوع من وجهة نظر اجتماعية و دينية التقينا عددا من رجال الدين للوقوف على الراي الديني تجاه الموضوع
وقد سألنا الأب عبدو رعد :

 - هل يجوز للرجل ان يمارس العنف مع زوجته بالضرب ماذا يقول الانجيل الكريم حول هذا الموضوع ؟

وكان الجواب : لا يجوز لأحد ولا للزوج ولا للزوجة ممارسة العنف. لا يجوز أبدا العنف إنما ما هو ممكن في قوانين الكنيسة وتعليمها الدفاع عن النفس. هناك حالات خاصة جدا تعتبر دفاعا عن النفس، يعني أنها ردة فعل على عنف سابق .
وفي موقف المسيحية : لا للعنف , و موقف السيد المسيح من العنف معروف وصولا إلى "أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم." لا للعنف، لا سيما ضد الفئات الضعيفة والصغار. كذلك مواقف الرسل.
كذلك بالنسبة للحياة الزوجية: على الأزواج محبة زوجاتهم ورعايتهن تماما كما يرعون أنفسهم، وأن من يحب زوجته يحب نفسه ولا أحد يسيء إلى جسده بل يعمل كل منا على تغذيته والعناية به تماما كما فعل المسيح للكنيسة. عليه فإن الكنيسة تعتبر الزواج رباطاً مبنياً على الحب والاحترام والالتزام المتبادل

لكن عبر التاريخ تعددت ممارسات الكتيسة بشأن حقوق المرأة ومنها ما كان مع الأسف مخالفا لروح الإنجيل ومتناقضا مع المبادئ الأساسية بسبب الضعف البشري الذي ينتاب كل مؤسسة بشرية ولظروف اجتماعية ونفسية وسياسية عديدة.
العنف الزوجي الجسدي في ممارسة العلاقة الزوجية الجنسية. إجبارها على ممارسات لا ترغبها، إيذاؤها خلال العلاقة الجنسية، فرض الحمل أو الإجهاض، دفعها لإقامة علاقات مع آخرين، الخيانات الزوجية… إكراه الزوج زوجته على الجماع بالعنف. وصولا إلى القول اغتصاب الزوج لزوجته.
بعض العوائد وبعض المعتقدات مع الأسف تبيح الضرب دون أذية، في حالات الشرود عن الطريق القويم. وتبيح الممارسة الجنسية الإجبارية من باب الحق الزوجي. أما موقف الكنيسة بالعموم فهو رافض لأية ممارسة جنسية لا تحترم حرية المرأة وكرامتها. الكنيسة ضد العنف في كل أشكاله المعنوية والجسدية. إن الممارسة الجنسية لا يمكن أن تكون إلا تعبيرا عن الحب واستمرارية لواقع نفسي وروحي مرتاح.
لكن الكنيسة تعيش ضمن حضارة تتأثر بها وتتفاعل معها. ما يصح لكنيسة لبنان لا يصح مثلا لكنيسة فرنسا. لذا نحصر الموضوع أيضا بكنيسة لبنان. يظهر موقف الكنيسة اللبنانية الحالي جليا من خلال موافقتها على مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري. وإن يكن هناك تحفظات فمراعاة لأراء غير طوائف ربما وانطلاقا من مخاوف سلبية على وضع الأسرة والمحبة فوق كل شيء والقاعدة الأساسية للحياة المسيحية هي المحبة. الإنسان مدعو إلى ممارسة المحبة "أحبوا بعضكم بعضا". وممارسة المحبة بلا حدود وصولا إلى التضحية بالذات من أجل الحبيب. ولذا يقول السيد المسيح: أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم" وهو الذي ارتضى أن يموت من أجل من يحبهم. والموضوع في المسيحية هو أبعد من مسألة العنف أو اللاعنف هو المحبة المسوؤلة. فالمحبّة هي تلك القوة الإلهيّة التي يقول بولس الرسول، أن كمالها في الوهن (2 كو 9:12). وهي مستعدة للتخلي عن كل شيء
وقاعدة مهمة أيضا في المسيحية أن تعامل الناس كما تريد أن يعاملك الناس. وهذا ما يطلبه السيد المسيح. فهل يرضى الرجل بأن تضربه زوجته؟ أو العكس؟ طبعا لا.

العنف فشل والمحبة خلاقة
تطبق القاعدة (المحبة) بالعموم. وبشكل خاص يجب أن تطبق بين الزوجين. فلا يعقل أبدا العنف في العلاقة الزوجية
العنف المباشر: الضرب والاغتصاب والاحتقار... مرفوض. كذلك العنف غير المباشر: إبقاء الآخر في الجهل وعدم السماح له بالتعلم أو التطور، وعدم المساواةالعنف هو علامة فشل. هو انحدار من الإنسانية إلى الغريزة. لأنه عادة يلجأ الرجل إلى العنف عندما يفشل في إيجاد طرق سلمية. وطريق العنف عقيمة فالعنف يولد العنف. وإن كانت هناك مشاكل فيجب التفتيش عن حل خارج العنف.
لا يعط الإنجيل قوالب جاهزة وأطر قانونية حول العنف واللاعنف. إنما أعطانا نظرة إيجابية للأمور تحرر الانسان من القيود وتقوده إلى المحبة المطلقة وصولا إلى محبة الأعداء. وأعطانا مبادئ أساسية وعلينا اختيار الطرق وفقا للمكان والزمان لتطبيق هذه المبادئ العظيمة. وكم حري بالزوجين والزوج خاصة كونه العنصر الأقوى في مجتمعنا بتطبيق هذه المبادئ.
الحل في المحبة. المحبة خلاقة وهي أقوى من العنف. فلنختبرها!! و"طوبى لصانعي السلام، فإنّهم أبناءَ الله يُدعَوْن" كما يقول السيد المسيح.
وقد
سألنا سماحة السيد ياسر ابراهيم :
-  
هل يجوز للرجل ان يمارس العنف مع زوجته بالضرب ماذا يقول القرآن الكريم حول هذا الموضوع وسماحة السيد ياسر ابراهيم نائب رئيس لقاء العلماء اللبناني؟
فقال سماحته :

مما لا شك فيه ان الاسلام يرفض العنف بكل اشكاله , وخاصة العنف ضد المرأة التي اعتبرها الاسلام عبر حديث الرسول ص انها ريحانة وليست كهرمانة , ففي الحديث عن النبي ص انه قال : المرأة ريحانة وليست كهرمانة , اي ان المرأة هي وردة للشم والضم , بالاضافة الى كونها جزء اساسي في تكوين الاسرة فحملها الله في التكوين والخلقة الجانب العاطفي الرقيق واوكل اليها بث العاطفة الحنان في الاسرة , فهي مكملة لنجاح الرجل في تأسيس أسرة ناجحة , فلذلك نحن نرى ان العنف ضد المراة في بعض المجتمعات ناتج عن سيادة الثقافة الذكورية التي تعطي الرجل كل الحقوق بينما تمنع عن المرأة حقوقا اساسية وهذا بفعل التقاليد والاعراف الخاطئة , وما ورد من نصوص دينية حول طريقة تأديب المرأة لها زمانها الخاص وهي نصوص لها تاريخيتها , ولم تعد ناجعة في هذا الزمن الذي اصبحت فيه المرأة تشكل ركنا اساسيا في المجتمع , كما ان الاسلام قد ساوى بين المرأة والرجل في كثير من الحقوق والواجبات , فهي مكلفة كما هو مكلف بالاحكام الشرعية ولا فرق بينهما امام الله الا بالتقوى , حيث قال الله سبحانه وتعالى : .....انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم فالاسلام يرفض العنف ضد المرأة ويعتبره جريمة بحقها .

مصطفى محمد الشامي