جرت عادة الأصوليّين والمحقّقين على دراسة الآليّات والأدوات للإستعانة بها على فهم النص الديني ورفع الغموض والملابسات التي تحيط حوله، فإذا كانت تلك الأدوات تساعد على فهم النص فإنّ من الأهمّية بمكان دراسة الواقع الذي بدوره يساعد على فهمه، خاصةً إذا سلّمنا أن وجود الواقع هو قبل وجود النص، أو بمعنى أن وجود الحوادث والوقائع متقدّمٌ رتبةً وسابقٌ على وجود النص الديني. ويمكن القول أن النص الديني يولد من رحم فهم الواقع وبالتالي يصبح الموضوع أكثر وضوحًا ودقّةً وتنقيحًا، ممّا يسهّل علينا فهم النص تبعًا لفهم الواقع.

ومن هنا يمكننا أن نصبَّ الحكم على موضوعه، وهذا يعني أيضًا أنّ الواقع كلّما تغيّر لسببٍ من الأسباب ضيقًا واتساعًا نتيجةً لتطوّر حركة الحياة في الزمان والمكان وما يتبعهما من حيثيات التبدّل والتغيّر، يؤدّي إلى تغيير الموضوع ومن ثمّ الحكم المنصبّ عليه، فبدلًا من استنطاق النص وحده لمعرفة المراد منه ومؤدّاه فلا بدّ من فهم الواقع أوّلا وبهذه الطريقة والمحاولة يكون قد تمّ إخضاع فهم الواقع لصالح فهم النص.
                  
                                             بقلم الشيخ محمد حسني حجازي