كتبت صحيفة "الراي": يستعدّ البرلمان اللبناني لعقد جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من هذا الأسبوع والتي يفترض ان تنتهي بمنح ثقةٍ نيابية كبيرة للحكومة نظراً الى طبيعة تركيبتها التي تضمّ غالبية الأفرقاء السياسيين ناهيك عن ان الصيغة التي أقرّها مجلس الوزراء للبيان الوزاري شكّلت تسوية نموذجية أخرى من شأنها ان تطلق عمل الحكومة نحو الأهداف التي حدّدتْها في البيان.


والواقع ان السرعة التي أُنجز فيها البيان الوزاري بعد جلستيْن فقط للجنة الوزارية المكلفة بوضعه ومن ثم انعقاد مجلس الوزراء قبيل ليلة عيد الميلاد، وهو أمر نادرٌ في لبنان، رَسمتْ مرة أخرى ملامح الدفع القوي الجاري في مسار الحكومة منذ تشكيلها قبل اسبوع فقط، الأمر الذي يعكس ايضاً في رأي أوساط وزارية مطلعة، طبيعة القرار السياسي الداخلي المغطى خارجياً بوضع لبنان امام منقلبٍ مريح يعزله ما أمكن عن عواصف المنطقة.

ولفتت الاوساط عبر "الراي" الى ان كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري يتوليان الدفْع بهدوء وثبات نحو إقلاعةٍ قوية للحكومة، وان هذا الاتجاه برز بوضوح منذ تشكيلها قبل أسبوع ولاقاه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سارع عقب إقرار الحكومة البيان الوزاري الى تحديد موعد جلسات مناقشة البيان وإنجازها هذا الاسبوع الذي يصادف أسبوع نهاية السنة.

وأشارت الأوساط الى ان زخم التسوية السياسية مكّن الحكومة من تَجاوُز المطبّ الاول الذي واجهتْه والذي تَمثّل في اعتراض وزراء حزب "القوات اللبنانية" على الفقرة المتعلقة بـ "المقاومة" في البيان الوزاري فاكتفى الوزراء بتسجيل اعتراضهم رسمياً على الفقرة وحدها، وأُقرّ البيان كما وضعته اللجنة الوزارية.

ورأت الاوساط الوزارية عيْنها ان مطلع السنة الجديدة ستشهد دينامية حكومية كبيرة نظراً الى الاستعدادات الجارية لدى فريق الرئيس الحريري الذي يدرك تماماً ان الحكومة هي أمام واقعِ وقتٍ محدود يفرض توظيف الفرصة بأسرع ما يمكن لإطلاق بعض الإنجازات ذات الطبيعة الملحة اقتصادياً واجتماعياً وخدماتياً في موازاة انطلاق ورشة البحث في قانون الانتخاب الجديد.

واضافت هذه الأوساط ان الحريري لا يبدو راغباً في إغراق الحكومة في استحقاق قانون الانتخاب وحده على حساب إنجازاتٍ ينتظرها الناس بفائق الصبر، ولو ان لقانون الانتخاب أولويته، اذ انه يرى إمكان النفاذ بالوقت المتاح، على محدوديته، لإنجاز بعض المشاريع الاقتصادية والخدماتية المهمّة والتي وضعها في البيان الوزاري من دون ربْط مسار العمل الحكومي برمّته بورشة الملف الانتخابي سواء في البحث في قانون جديد او في الاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة في مايو.

وأوضحت الاوساط الوزارية ان مناخ البحث السياسي في قانون الانتخاب سيتبلور بوضوحٍ أكبر هذا الاسبوع لدى مناقشة البيان الوزاري، علماً ان جلسات الايام الثلاثة التي سيعقدها مجلس النواب ستشكل افضل فرصة للكتل والأحزاب والتيارات السياسية لتحديد السقوف الدنيا والعليا من تسويةٍ بدأ الكلام عنها في قانون الانتخاب.

وفي تقديرات هذه الاوساط ان طريق التسوية حول قانون انتخابٍ جديد يبدو لا مفرّ منه وإمكاناته معقولة جداً وخصوصاً بعدما لمح الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمته الأخيرة الى ان التمسك بالنسبية لا يمنع الأخذ بهواجس البعض من النسبية بما يعني الانفتاح على مواقف "تيار المستقبل" والنائب وليد جنبلاط المعترضين على النسبية الكاملة .

وتقول الاوساط ان انطلاق الإشارات الاولى من "التيار الوطني الحر" الى البحث في مشروع انتخابي جديد غير المشروع المختلط الذي كان التيار اتفق مع الرئيس نبيه بري عليه يدلّ بوضوح الى ان الاستعدادات للتسوية قد بدأتْ من اتجاهات عدة وان شهر كانون الثاني سيشهد على الارجح أوسع المساعي الدافعة نحو بلورة مشروع تسوية سياسية عريضة على قانون الانتخاب، بما يمهّد لبت الموعد الحاسم النهائي للانتخابات التي في حال التوصل الى تسوية على قانون جديد سيصار الى تأجيلها لأشهر قليلة بما لا يثير اي ردود فعل سلبية داخلية او خارجية باعتبار ان هذا الإرجاء سيُدرج في اطار تقني محدود ولا يشكل مؤشراً لتمديد ثالث للبرلمان الحالي.