من الطبيعي استطلاع مهمة الحكومة الجديدة من خلال واقع الحال والظروف القائمة في لبنان.
 


وتنظيم الانتخابات، الذي أوقعه القانون اللبناني المرعي الاجراء ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية، يُعتبر المهمة الرئيسة للحكومة الناشئة بعد معاناة متكرّرة من التمديد القسري الذي أطاح منطق الوكالة الشعبية من دون مسوّغ منطقي مقبول وبصورة خاصة بعد حصول الانتخابات البلدية من دون عوائق أو تبعات من أي نوع.

إنها مهمّة ليست سهلة إذا ما اقترنَت بقانون انتخابي جديد ربما سيغيّر في المعايير المعهودة والنظم المحدّدة والتقسيمات الانتخابية المعتمدة. ولا بدّ من الاشارة الواقعية والواضحة الى أنّ أيّ إقرار لأيّ قانون جديد، باستثناء إجراء بعض التعديلات على القانون الصادر في العام 2008 والذي استنسخ قانون 1960، سيعرض الانتخابات النيابية الى تأجيل تأكيد تحت مسمّيات مختلفة ذات طابع تقني أو ما عداه من مسمّيات.

وبالتالي، يعتبر التأجيل الناتج عن أيّ ظرف شكلاً من اشكال الاخفاق للحكومة المؤلفة أساساً على هذا الأساس، وهذا ما لا ولن يرضى به فخامة رئيس الجمهورية المتمسّك دوماً بإجراء  الاستحقاقات الدستورية وفق مواعيدها المحدّدة وفق مبدأ دورية الانتخابات الذي يعتبر جوهرياً في النظام الديموقراطي.

أمّا مسألة الموازنة فهي من دون شك ترتدي طابعاً ذو بعدين، أولهما أنّ الاصلاح المالي والاداري والعام لا ينطلق إلّا من خلال تصحيح مالية الدولة وسَيرها وفق الأسس المحدّدة في الدستور وفي القوانين المرعية الإجراء ولا سيما في قانون المحاسبة العمومية، لكي يبنى على الشيء مقتضاه.

أمّا البعد الآخر الناشئ من اعتماد موازنة واضحة الأسس والمعالم فيتعلق بمصداقية لبنان في العالم خصوصاً إذا ما ترجمت الوعود الدولية بإقامة مؤتمر لدعم لبنان من الدول الشقيقة والصديقة.

والأسئلة كثيرة حول هذه المسألة، وأبرزها السؤال حول كيف نعيش ونعايش دولة وإدارة من دون موازنة عامة طوال أكثر من عقد من الزمن، وأليس هذا ضرباً بارزاً للأسس البنيوية التي تسير عليها الدولة؟ وأليست هذه أبرز معالم الفساد والافساد المنهجي؟

بالطبع ليس لدينا الجواب الناجع حول هذا التقصير الفاضح ودوافعه وأيّ تسويات مَرّرته، ولكن لدينا أمل شبه أكيد انّ هذا الامر المستهجَن في العلم والسياسة والقانون لن يحصل مرة أو مرات في ظل حوكمة رشيدة آن أوان اعتمادها في لبنان بعد كل ما عانته القوانين من انتهاكات والانظمة من خروق والمعايير من تعديلات أملَتها مصالح وغايات لا تمتّ الى مصالح الدولة والناس بأيّ ارتباط.

إنها حكومة الانتخابات والموازنة والتوازنات المختلفة الألوان والتوجهات. عليها تُلقى الآمال الكبار والشعب واقع على قارعة الانتظار المقيت حتى يبدأ تحقيق الاحلام بدولة الحق والسيادة.