تعتبر الاحتفالات السنوية برأس السنة الميلادية من المناسبات التي تشهدها مدن كبرى في العالم، ويحتشد قرب معالمها الشهيرة الآلاف وهم ينتظرون بداية عام جديد ويودعون آخر، بعدٍّ تنازليٍّ قرب برج إيفل في باريس أو بجادة تايم سكوير في نيويورك أو ساحة برج خليفة بدبي أو غيرها من الأماكن الشهيرة. لكن هذه المناسبة لا تمر دائماً بسلام، فقد وقعت في السنوات الأخيرة حوادث حملت بين طياتها بصمة الإرهاب والأعمال الانتحارية، كما قُتل وأُصيب الكثيرون نتيجة التدافع والألعاب النارية التي تُستخدم بكثرة في مثل تلك الاحتفالات.

فيما يلي تقرير عن أشهر الحوادث الدامية التي تصادف وقوعها مع الاحتفال برأس السنة.

36 قتيلاً بالصين

ويُعد ما حدث في مدينة شانغهاي الصينية ليلة رأس السنة الجديدة لعام 2015 واحدة من كبرى الكوارث التي حلت بالمدينة خلال السنوات الأخيرة. فحادث التدافع والارتباك الذي وقع في ساحة "بي تشن شنغهاي" بمدينة شانغهاي في الحادية عشرة والنصف مساءً مع اقتراب العد التنازلي لبدء العام الجديد، خلّف أكثر من 36 قتيلاً، بينهم 25 فتاة و10 شباب في العشرينات من العمر، بينما أُصيب نحو 50 آخرين، بينهم 3 أشخاص يحملون الجنسية الماليزية والتايوانية. وأكدت تقارير الشرطة أن الحادث جاء نتيجة التدافع بسبب هرع المواطنين لالتقاط "كوبونات" أشبه بأموال وهمية أُلقيت من مبنى يطل على الواجهة البحرية للمدينة، فسقط الضحايا، ونتيجة التدافع لقوا حتفهم تحت الأقدام.

وعلى أثر ذلك الحادث الكبير، دفعت سلطات مدينة شنغهاي لأسرة كل ضحية 800 ألف يوان (128 ألف دولار)، كما عاقبت الصين 11 مسؤولاً لاتهامهم بالتقصير في منع التدافع الذي أسفر عن ذلك العدد الكبير من القتلى، وتمت إقالة رئيس الحزب الشيوعي في هوانغبو، ورئيس حكومة الإقليم، ورئيس الشرطة، ونائب رئيس الشرطة وتم تجريدهم من مناصبهم الحزبية، كما تم فرض عقوبات تأديبية على 7 مسؤولين آخرين، بينهم ضابطا شرطة.

وكانت السلطات الصينية أظهرت بعض القلق في الأيام التي سبقت ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة لعام 2015 بشأن السيطرة على الحشود، وقامت بإلغاء عرض ليزر "3D " في الاحتفال بالعام الجديد؛ خوفًا من التدافع، والذي استقطب في احتفالات عام 2014 ما يزيد على 300 ألف شخص.

اعتداءات جنسية بألمانيا

ونشرت صحيفة "دايلي ميل" تقريراً أكدت فيه وقوع 1200 حالة اعتداء جنسي وأعمال سرقة في المدن الألمانية باحتفالات رأس السنة الجديدة لعام 2016. ووجهت الشرطة الاتهامات إلى نحو 2000 رجل في حالة سُكر واتهمتهم بارتكاب الجرائم الجنسية تلك في المدن الألمانية المختلفة والتي تركزت في مدينتي كولونيا وهامبورغ. ففي كولونيا، تم الإبلاغ عن 600 حالة اعتداء جنسي بحق نساء في احتفالات رأس السنة الجديدة، بينها حالة اغتصاب، في مقابل 400 حالة تم الإبلاغ عنها في هامبورغ.

وأكدت أن نصف المتهمين في الحادث من الرعايا الأجانب الذين وصلوا إلى ألمانيا، فيما أكد موقع "روسيا اليوم" أن المتهمين من أصول عربية من شمال إفريقيا وأن أعمارهم تتراوح بين 15إلى 35 عاماً؛ ونقل موقع BBC عن وزير العدل الألماني تحذيره من الربط بين تلك الجرائم وقضية المهاجرين واللاجئين. كما انطلقت احتجاجات في مدينة كولونيا بسبب الاعتداءات الجنسية التي وقعت باحتفالات رأس السنة الجديدة شارك فيها جماعات يمينية، ونددوا بتدفق اللاجئين إلى ألمانيا.

وبحسب موقع CNN، فإن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وصفت تلك الهجمات والاعتداءات الجنسية بـ"المثيرة للاشمئزاز"، مؤكدة أنها لن تتراجع عن التزامها بالترحيب باللاجئين الذين يطيعون القوانين الألمانية ويندمجون في المجتمع الألماني.

تفجير كنيسة القديسين بمصر

ومع الدقائق الأولى لعام 2011، وقع انفجار كبير بكنيسة القديسين في محافظة الإسكندرية (شمال القاهرة) راح ضحيته 24 شخصاً وأكثر من 100 مصاب، أعقبه اندلاع احتجاجات قبطية كبيرة، الأمر الذي واجهه البابا شنودة بدعوة الأقباط إلى الهدوء.

الحادث الذي سارعت السلطات المصرية ووصفته بـ"الإرهابي"، صرح مسؤولون بوزارة الداخلية بأن الانفجار نتج عن عبوة يحملها شخص انتحاري لقي مصرعه بالتفجير؛ وذلك قبل أن يُعلن وزير الداخلية حبيب العادلي أن لديهم دليلاً قوياً على وقوف تنظيم جيش الإسلام الفلسطيني خلف حادث القديسين، وهوما نفاه التنظيم إلا أنه أشاد بالتفجير. كما ألقت السلطات المصرية القبض على عدد ممن قالت إنهم مشتبه في ضلوعهم في الحادث وقامت بتعذيبهم، ما أدى إلى مقتل المواطن "سيد بلال" نتيجة التعذيب الذي تعرض له خلال فترة التحقيقات.

إلا أنه وبعد أحداث ثورة 25 كانون الثاني 2011، انتشرت تقارير تؤكد ضلوع وزير الداخلية إبان فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حبيب العادلي، وجهاز أمن الدولة في تفجير كنيسة القديسين، ولفتت التقارير إلى أن العادلي كلّف القيادة رقم 77 "القيام بعمل من شأنه أن يُخمد احتجاجات الأقباط ويُهدئ من نبرة البابا شنودة حيال القيادة السياسية"، وذلك بالتعاون مع بعض الجماعات المتطرفة التي قضى أفرادها سنوات طوالاً في المعتقلات وتعاونت مع النظام فيما بعد".

انفجار ألعاب نارية بالبرازيل

وتحولت احتفالات رأس السنة الجديدة لعام 2016 إلى كارثة في "ريو داس أوستراس" بريو دي جانيرو في البرازيل إثر انفجار الألعاب النارية وسط حشد من المتفرجين. وعقب خروج الألعاب النارية عن نطاق السيطرة وانفجارها، أُصيب نحو 10 أشخاص بحروق، وأكدت السلطات البرازيلية أن تلك الألعاب النارية بها عيوب بصناعتها لذلك انفجرت.

وفيات وإصابات بإيطاليا

رغم وقوع عدد من الحوادث بأنحاء متفرقة من إيطاليا خلال احتفالات العام الجديد في 2014 وتسببت في وقوع عشرات الإصابات؛ منها 50 إصابة على الأقل بمنطقة نابولي، فإنها أرقام أقل بكثير مقارنة بالإصابات التي حدثت في احتفالات عام 2013 والتي وقع بها أكثر من 361 إصابة، وحالتا وفاة. فخلال الاحتفالات التي أُقيمت بإيطاليا لاستقبال العام الجديد في 2014، وقعت عدة حوادث خلّفت عشرات الإصابات نتيجة الألعاب النارية التي تُستخدم في الاحتفالات.

ونشرت صحيفة دايلي ميل تقريراً لفتت فيه إلى وقوع انفجار نتيجة الألعاب النارية في منطقة الريف بقرب تيفولي في لاتسيو، ما تسبب في بتر يد شخصين وإصابة 5 آخرين بجروح. وقد انفجرت مجموعة من الألعاب النارية التي وضعها شخص في الاتجاه الخاطئ فأصابت عددا من الأشخاص تتراوح أعمارهم بين 16 و35 عاماً، ما تسبب في بتر يد شخصين وإصابة آخرين بجروح خطيرة.

حريق بفندق بدبي

وبالقرب من برج خليفة، أعلى ناطحة سحاب بالعالم، وتحديداً في إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة، وقع حادث ليلة رأس السنة الميلادية لعام 2016، حيث نشب حريق بفندق "العنوان داون تاون". وقد اندلع الحريق بين الطابقين الرابع عشر والخامس عشر بالفندق ذي الـ63 طابقاً، والذي أدى إلى إصابة نحو 16 شخصاً، معظمهم إصاباتهم طفيفة. ونجحت فرق الإنقاذ في السيطرة على الحريق بشكل سريع، وذلك قبل أن تقوم شرطة دبي بإجلاء نزلاء الفندق وكذلك الأشخاص الموجودين بمركز التسوق "دبي مول" القريب منه.

شرطة دبي أعلنت بعد مرور ما يزيد على 20 يوماً على الحادث، أنه وقع نتيجة ماس كهربائي ولا توجد شبهة جنائية أو إهمال تسبب في الحادث، ولم يتم القبض على أحد.

ولم يؤثر الحريق على سير برنامج الاحتفالات برأس السنة الجديدة في دبي والتي تُعد وجهة للكثير من السياح والمولَعين بالألعاب النارية، حيث أُقيمت العروض الضوئية والألعاب النارية على برج خليفة بالشكل الذي خططت له السلطات في دبي قبل اندلاع الحريق.

قتلى بالدنمارك

وتحول احتفال رأس السنة الجديدة 2015 في شمال جوتلاند بالدنمارك إلى ليلة مأساوية، حيث قُتل 4 أشخاص وأُصيب آخرون في حوادث متفرقة بسبب انفجار الألعاب النارية، وفي حوادث سيارات.

وتسببت الألعاب النارية التي كانت مضاءة داخل أنبوب معدني في مقتل شابيْن بالمدينة يتراوح عمراهما بين عام 24 و25 عاماً، بينما أُصيب شخصان آخران لم يتجاوز عمراهما 28 عاماً وكانت إصابتهما خطيرة.

كما قُتل شخص آخر يبلغ من العمر 37 عاماً ببلدة أسينس في جوتلاند بعدما تعطّل صاروخ للألعاب النارية وانفجر في وجهه، وذلك في الدقائق الأخيرة قبل منتصف ليلة رأس السنة الجديدة لعام 2015.

ووقع بالمدينة ذاتها اصطدام سيارتين كان قائداهما في حالة سُكر، وذلك قبل بداية العام الجديد بدقائق، ما نتج عنه مقتل مواطن يبلغ من العمر 37 عاماً، بينما نجا سائق السيارة الأخرى ومن كان معه بعدما فقد السيطرة على سيارته لقيادته وهو في حالة سُكر.