صحيح أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ساعد في تسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بإعطائه حقيبة "الأشغال" لحليفه النائب سليمان فرنجية، إلا أن الصحيح أيضاً أن قوى "8 آذار" وفي مقدمها "حزب الله" تريد أن تكون الحكومة الجديدة وفق صناعتها وبالطريقة التي تريدها، ولهذا رفضت صيغة الـ24 وزيراً وأصرت في المقابل، كما أبلغت الرئيس الحريري أنها متمسكة بالحكومة الثلاثينية، لتضم أوسع مشاركة لحلفاء نظام بشار الأسد وإيران في لبنان، أي وبعبارة أخرى مازالت تتمسك بالثلث بالمعطل في التركيبة الوزارية الجديدة ولو أن الأمين العام ل"حزب الله" حسن نصر الله أكد أن لا حاجة لـ"الثلث الضامن"، بوجود رئيس الجمهورية ميشال عون، وهذا ما ظهر بإصرار "8 آذار" على أن يتولى حقيبة "الدفاع" الوزير السابق يعقوب الصراف، إضافة إلى توزير طلال أرسلان وأسعد حردان وعبد الرحيم مراد و"البعث"، الأمر الذي أثار امتعاض الرئيس المكلف الذي أبلغ الرئيس عون، أن لديه ملاحظات على توزير بعض هذه الأسماء، كما وأنه بدا متحفظاً على طلب رئيس الجمهورية توزير الوزير السابق سليم جريصاتي محامي "حزب الله" في المحكمة الدولية على رأس وزارة العدل، ما أوحى بإعادة الأمور إلى المربع الأول. 

وأفادت المعلومات المتوافرة أن أركان "8 آذار" أبلغوا الرئيس الحريري أنهم غير مستعدين للمشاركة في حكومة لا تكون "ثلاثينية" (أي من 30 وزيراً)، وبالتالي فإن الرئيس المكلف سيواجه صعوبة كبيرة في السير وفق تشكيلة الـ24 التي يفضلها أكثر من غيرها، في حين أن رئيس الجمهورية لا يبدو هو الآخر متحمساً لحكومة فضفاضة، لكنه قد يضطر إلى مسايرة حليفه "حزب الله"، ما يعني أن الأمور مرشحة لأن تأخذ المزيد من الوقت في إطار المشاورات التي ستجري في الأيام المقبلة لتقريب وجهات النظر وإخراج التشكيلة العتيدة إلى النور.

وحذرت أوساط سياسية، من تداعيات الحصار الذي بدأ يفرض على الرئيس الحريري من جانب «حزب الله» المنتشي من انتصارات نظام حليفه بشار الأسد في حلب، من خلال إرغامه على ترؤس حكومة ليس مقتنعاً بها، وهذا سيخلق له الكثير من المتاعب في المرحلة المقبلة، في موازاة الضغوطات التي يقوم بها الحزب وحلفاؤه لإقرار قانون انتخابات على أساس النسبية لضمان حصوله مع الحلفاء على الأكثرية البرلمانية التي قد تسمح له بطرح المؤتمر التأسيسي الذي يتحين الفرص لطرحه على حساب نظام اتفاق الطائف، حيث أكدت كتلة "حزب الله" النيابية، أن ما طرحه الأمين العام للحزب حول اعتماد النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة، هو المسار الإلزامي لبناء الدولة. وكان رئيس المجلس النيابي دعا إلى إقرار قانون انتخابات عصري، لافتاً إلى أنه لا يجوز إلزام اللبنانيين بالعودة ستة أجيال إلى الخلف (في إشارة إلى قانون الستين)، كما دعا إلى إعطاء زخم للعهد بالانحياز إلى قانون عصري يسهم في وضع لبنان على سكة المستقبل.

وفي موقف استباقي قد يثير المزيد من الخلافات في ما يتصل ببيان الحكومة الوزاري، قال وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، إن هناك تفاهماً عاماً على صيغة "الجيش والشعب والمقاومة" وهكذا سترد في البيان الوزاري، مشيراً إلى أن "حزب الله" حليفنا وتفاهمنا معه حمى الوطن وأدى إلى انتخاب رئيس للجمهورية، مشدداً على أن "التيار الوطني الحر" الذي يترأسه هو حليف "حزب الله" على "رأس السطح". واعتبر باسيل أن بشار الأسد هو الرئيس الشرعي لسورية، كاشفاً عن وجود تواصل مع وزارة الخارجية السورية عند الحاجة.


السياسة الكويتية