في تقرير حمل عنوان "حزب الله آلة حرب"، تحدثَّت صحيفة "لو موند" الفرنسية عن تطوُّر دور الحزب واتساع نفوذه منذ مشاركته في الحرب السورية في العام 2013، مشيرةً إلى أنّه تحوّل إلى لاعب إقليمي وإن لم يكن دولة، وأصبح يتمتع بقدرات عسكرية لا يُستهان بها في الشرق الأوسط، بعدما شكّل القوة العسكرية الأهم في لبنان.


الصحيفة انطلقت من العرض العسكري الضخم الذي أقامه "حزب الله" في القصير السورية، البلدة الرمزية التي انطلق منها ليقاتل إلى جانب الرئيس السوري، بشار الأسد، معتبرةً أنّه أصبح بمثابة جيش بعد استعراض القوى غير المسبوق هذا. كما وتطرقت الصحيفة إلى خطاب الأمين العام لـ"حزب الله"، السيّد حسن نصرالله، لافتةً إلى أنّه أصبح اليوم عدواً لدوداً للملكة العربية السعودية، ووسّع نطاق عمل حزبه ليشمل العراق واليمن والبحرين، ومتحدثةً عن إطلاق جمهوره مؤخراً شعار "الموت لآل سعود".

في سياق متصل، تحدّثت "لو موند" عن مشاركة "حزب الله" في سوريا، وتحديداً في حلب، مستندةً إلى إحصاءات عدة تؤكد أنّ عدد مقاتليه يتراوح بين 5000 و7000، بينهم 3000 من فرقة النخبة المدعومة من "سرايا المقاومة"، والتي مكنّت الجيش السوري من إحراز تقدّم ميداني كبير.

عن "سرايا المقاومة"، لفتت الصحيفة إلى أنّ القيادي عماد مغنية أسسها، موضحةً أنّها تضم متطوعين لبنانيين من مختلف الطوائف، متابعةً بالقول إنّها تضم مسلمين من أبناء الطائفة الشيعية من الذين لا يستجيبون للمعايير العسكرية والدينية التي يفرضها الحزب، فهم من "الزعران"، على حدّ وصفها.

وعلى الرغم من أنّ الصحيفة رأت أنّ هذه العناصر "مفيدة"، لفتت إلى أنّها "غير لائقة" بالنسبة إلى "حزب الله"، مضيفةً أنّ دورها في سوريا يقتصر على مراقبة المناطق التي يستعيد الجيش السوري وحلفاؤه السيطرة عليها وعلى توفير الدعم اللوجستي.

إلى ذلك، أجرت الصحيفة مقابلة مع حسين، وهو طالب يبلغ من العمر 24 عاماً شارك في القتال في 4 مناطق في سوريا، استنكر خلالها عدم مشاركة الشباب السوري في الدفاع عن وطنه. وفيما تساءل حسين عن الأسباب التي من شأنّها دفع اللبنانيين إلى المشاركة في القتال في سوريا، استدرك قائلاً إنّ الحزب يقاتل من أجل سوريا ومن أجل الدفاع عن نفسه والدفاع عن لبنان.

توزاياً، تناولت الصحيفة "حرب تموز" في العام 2006 التي انتهت بإلحاق "حزب الله" هزيمة بالجيش الإسرائيلي، ناقلةً عن علي، المقاتل السابق، تشديده على أنّ المقاتلين في سوريا، باستثتاء عناصر الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد والعقيد سهيل الحسن والمقاتلين العلويين، لا يرتقون إلى مستوى الحزب.

وفي معرض حديث الصحيفة عن العلاقة بين "حزب الله" ودمشق، واتهام المحكمة الدولية 5 قياديين من الحزب بالتورط في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قالت إنّ الحزب كان وما زال بمثابة "جوكر" بالنسبة إلى سوريا خلال المواجهات المسلحة. في هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن مراقب قوله إنّ الأوساط الموالية للنظام تشعر بالاطمئنان لوجود "حزب الله"، معتبراً أنّ الإيرانيين وأهدافهم التوسعية تثير الشكوك.

كما وتحدثّت الصحيفة عن انقلاب الموازين على وقع احتدام القتال في سوريا، فلم تعد دمشق عرابة لـ"حزب الله" بل حليفةً له، ناقلةً عن حسين قوله إنّ سوريا اعتادت التحكُّم بشحنات الأسلحة التي ترسلها إيران له قبل العام 2011، كاشفاً أنّ هذا الواقع تغيّر اليوم، فلم يسبق لـلحزب أن استفاد من هذه الشحنات كما اليوم.

في ختام تقريرها، تخوّفت الصحيفة من مستقبل لبنان والمنطقة في ظل تأجج المشاعر الطائفية، ناقلةً عن السياسي علي مراد قوله إنّ "حزب الله" تسبب بمشكلة طويلة الأمد بين اللبنانيين من أبناء الطائفة الشيعية ومحيطهم السني، واعتباره أنّ الحزب والنظام السوري يعيدان كتابة التاريخ، وأنّ بروز الجماعات الجهادية خدم خطاب نصرالله.

( "لبنان 24" - Le monde)