عدم الإرتياح يرسُم معالمه على وجه حزب الله الغير موافق على مسار العلاقة المتأزمة بين رئيس تيّار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل من جهة ثانية. هناك خلل أنتج عدم ثقة وهذا الخلل ينعكس على أقطاب قوى الثامن من آذار التي جمعتها المقاومة وفرّقتها كرسي بعبدا يوم تواجه قطبيها المسيحيين كندين.

تنفّس حزب الله الصعداء حين وصل العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا متوجاً بالرئاسة. أَمِلَ بحسم الأمر وجلوس عون على الكرسي أن تنتهي مفاعيل "حرب الرئاسة" بين حليفيه، لكن الأمور زادت تعقيداً وما زادها تصرفات بعض العونيين والمرديين كذلك بعض الصحف التي أخذت لنفسها دور دق طبول الحرب وتوتير الأجواء، وبينهما معراب التي ترى مصلحةً في النزاع الأفرنجي - العوني وتدق أسافينه.

لم يعد يصلح أن تستمر المشكلة أو أن تتطور. دخل حزب الله على خط الوساطة محاولاً تبريد الأجواء بين بنشعي - بعبدا - الرابية. حقيقةً هي ليست المرة الأولى، بل أن هذه المحاولة تأتي ضمن محاولات عدة بدأت منذ ما قبل إنتخاب العماد عون رئيساً حيث حاول يومها الحزب التخفيف من نتائج وصول عون على العلاقة مع فرنجية دون أن يفلح. اليوم بالنسبة إلى حارة حريك تغيّرت الوقائع وبات هناك وضعية جديدة تحتّم على الجميع التعاون مع رئيس الجمهورية ونبذ أي خلافات خاصة وأنه رئيس من محور المقاومة ويجب دعم مسيرته. 

على هذا المبدأ تحرّك رئيس جهاز التنسيق والإرتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا للعمل على "ترطيب العلاقة" بين فرنجية - عون - باسيل. أجرى "الحاج وفيق" إتصالات مع رئيس تيّار المردة واضعاً إياه بالتوجه لدى "السيد" (حسن نصرالله)، وعلى نفس المستوى تواصل مع الوزير جبران باسيل الذي عقد وإياه جلسة "عمل" مطولة قبل فترة قصيرة، كانت ركيزتها إنهاء التوتر مع فرنجية "بأي ثمن".

تحدث الجانبان بكافة الأمور، من تراكمات معركة الرئاسة وصولاً إلى عقدة زعيم المردة. كان لسان حال حزب الله يقول أن "الحل يمر في بنشعي" وهو ما أدركه الوزير باسيل أكثر من ذي قبل وفهم أن مصلحة الرئاسة والتيار تقتضي مراجعة العلاقة مع فرنجية فترك الأمر لباسيل من أجل إيصال فحوى الجلسة إلى الرئيس وبدء العمل على التمهيد لـ"لقاء مصارحة" فيما كلف "الحاج" نفسه "تبريد مشاعر فرنجية" وتأمين التواصل معه.

"التبريد" هذا مرّ أولاً من خلال "لفتة معنوية عونية" تُرجِم الشق الأول منها ببيان الرئاسة حول "أبوة الرئيس ودعوته أي أحد لديه هواجس إلى لقائه" أم الشق الثاني فيتحتم أن يمرّ من "دارة باسيل" لـ"تصفية النوايا" وعندها يتوجه فرنجية إلى قصر بعبدا للقاء "أبوي" يجمعه بالرئيس داخل غرفة مغلقة تسمع فيها هواجس "البيك" ويشرح فيها "الرئيس" عتبه.. فتضع المعركة أوزارها هنا وينتهي كل شيء.

إذاً، حزب الله يعمل على عقد لقاء خاص بين الرئيس عون والوزير فرنجية ينسق ويعد له الحاج وفيق صفا. "لقاء مصارحة" ينهي حالة الخلاف ويعيد إلى قوى الثامن من آذار إستقرارها، يدفع بالعهد إلى الأمام وتُزال من أمامه العقبات وتمرّ الحكومة بسلام إلى سراي بيروت، العبور هذا تقول أوساط سياسية وازنة لـ"ليبانون ديبايت"، أنه لن يمر إلّا من بوابة بنشعي حيث تسقط الخلافات هناك.

 

 


عبدالله قمح | ليبانون ديبايت