يعمل "تيّار المستقبل" على تجديد خلاياه السياسية في المرحلة المقبلة ليصبح أكثر تجاوبا وانعكاسا لتطلّعات جمهوره، وتمهيداً لخوض الإنتخابات النيابية المقبلة بعد جسّ نبض القاعدة الشعبية في المناطق اللبنانية كافّة.

وكانت أولى الخطوات عقد المؤتمر الثاني للتيار والذي أسفر عن إعادة انتخاب رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري رئيسا بالتزكية وأحمد الحريري أمينا عاما و20 عضوا للمكتب السياسي فيما عيّن رئيس التيار وفقا للنظام الداخلي 12 عضوا آخرين.

وتشير أوساط واسعة الإطلاع في "تيار المستقبل" الى أن هذا المؤتمر الذي سيعقد كل 4 أعوام أو عند الضرورة هو بداية تجديد لخلايا "تيار المستقبل" بدءًا من الكوادر وصولا الى الخطاب السياسي.

ولعلّ أبرز ما يميّز هذا التجديد هو إدخال عنصر الشباب بقوّة الى جانب المؤسسين بناء على طلب القاعدة الشعبية في المناطق اللبنانية كافّة، وقد رفض رئيس التيار سعد الحريري اللجوء الى أية إيحاءات دعما لمرشحين معينين راغبا في جسّ النبض الحقيقي للقاعدة ليبني على الشيء مقتضاه. هكذا فوجئ كثر بعدم فوز أبناء نواب وشخصيات قريبة جدّا من الحريري. الأمر الآخر هو فوز كوادر متنوعة طائفيا إذ تبيّن أن القاعدة المستقبلية لم تتوقف مطوّلا عند الصراع السني الشيعي وتمّ انتخاب منسقين من مختلف الطوائف. ومن المفاجآت أن القاعدة الذكورية لم تتردّد في انتخاب المرأة، فنجحت إثنتين وتمّ تعيين 5 أخريات، ولا سيما وأن القانون الجديد يفرض كوتا نسائية قوامها 20 في المئة. وسينعكس ضخّ العنصر الشبابي في المكتب السياسي وفي منسقيات المناطق حكما على الأداء السياسي وخطاب "تيار المستقبل" في المرحلة القادمة.

ويقول مصدر نيابي واسع الاطلاع في "تيار المستقبل": "سيتغيّر الخطاب برمّته وكذلك إدارة العمل التي ستتمّ بطريقة مختلفة، وسيرى اللبنانيون نسخة جديدة من تيار المستقبل في المناطق وعلى المستوى السياسي وفي الأطر التنظيمية"، ويضيف: "أعتقد بأن تيار المستقبل مقدم على مرحلة ستكون مختلفة كلّيا عن المرحلة السابقة، وهي لن تكون النقيض بالطبع لكنها مختلفة نظرا الى تعاقب الأجيال الذي يفرض نفسه، فلا يمكن لـ"تيار المستقبل" في العصر الراهن العمل بذهنية قديمة".

وسيكون المؤتمر الثاني جزءًا من مرحلة تطوير طويلة للماكينة السياسية وللخطاب السياسي وللتعاطي الإعلامي ولكن أيضا لإعادة تقييم الحريري لتحالفاته السياسية وكم كان مصيبا ببعضها أو مخطئا وكم ذهب بعيدا ببعض التحالفات وبعض الخصومات. 

ويشير المصدر النيابي: "لعلّ النتيجة الأهم لإعادة النظر تجلّت بالتعاطي الجديد مع العماد ميشال عون وصولا الى القبول به رئيسا للجمهورية اللبنانية على قاعدة مفادها: (لا عون سيصبح "تيار مستقبل" ولا نحن سنصبح "تيارا وطنيا حرّا)"، ويضيف:" لكن ثمة قواسم مشتركة يمكننا الإتفاق عليها ولعلّ أهمها مواجهة فكرة الدويلة التي تأكل الدولة اللبنانية ومواجهة الرئيس القوي بفكرة الدويلة التي يحاول "حزب الله" فرضها".


الرياض