يخفي البعض، خصوصاً الفئات الشابة، مشاكلهم الصحية المتعلقة بـالصحة الجنسية، على الرغم من خطورتها احياناً، وذلك لأنهم لا يجدون من يثقون به للاعتماد عليه في حل مشاكلهم حتى بين العاملين في القطاع الصحي. من هنا تتفاقم المشاكل البسيطة وتنتشر الامراض المتعلقة بالجنس، وكل ذلك لأننا في مجتمع يهوى التمييز والوصمة، منفصم في تعاطيه مع الجنس والمقاربة اقرب الى "العيب" والحرام" اكثر منه من العلاقة العلمية البحتة. هذا الواقع وغياب التوعية في الصحة الانجابية والجنسية فاقم الوضع وجعل ارقام الاصابة مثلاً بفيروس نقص المناعة يكثر بين الفئات العمرية الشابة. وكالعادة يحل المجتمع المدني بجمعياته ومتخصصيه ليملأ الفراغ بانشاء جمعيات تعنى بالفئات الشابة منها جمعية "مرسى".
 
مرسى هو "مركز الصحة الجنسية" بدأ أعماله مع جمعية "حلم" حيث كانت الحاجة الى اجراء بعض الفحوص الطبية مثل فحص نقص المناعة المكتسب والتهاب الكبد الوبائي، وغيرها من فحوص الالتهابات المنقولة جنسياً، كما اوضحت مديرة المركز ديانا ابو عباس لـ "النهار". و"بسب الحاجة الكبيرة لاجراء هذا النوع من الفحوص والتوعية عن مواضيع الصحة الجنسية، أسسنا جمعية مستقلة في العام 2010 مرسى".
و"مرسى" هو المكان الآمن، حيث بامكان الاشخاص التحدث بحرية عن حياتهم الجنسية والحاجة الى الحميمية دون ان يتعرضوا للوصمة او التمييز. وكذلك اجراء الفحوص الطبية اللازمة بسرية تامة تحفظ خصوصية كل فرد. وفي المركز فريق عمل إداري ومنسقون وأطباء متعددو الاختصاصات ومتطوعون ومعالجون نفسيون واختصاصيون في الصحة الجنسية. ويقدم المركز بعضاً من الفحوص مجاناً منها الفحوص السريعة لالتهاب الكبد الفيروسي ولنقص المناعة، والاستشارات النفسية للاشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب، وبعض الفحوص التي تجري على انواع اخرى من الالتهابات، ويتكلف الشخص القيمة المخفضة".
 
واعتبرت ابو عباس ان "موضوع الجنس لا يزال من المحرمات في لبنان ويخاف البعض من الاشخاص التحدث عن حياتهم ومشاكلهم الجنسية مما قد يعرضهم للخطر خصوصاً ان التهاباً بسيطاً اذا لم يعالج قد يتطور ليصبح مرضاً مزمناً او يؤدي الى انخفاض في الخصوبة او الاصابة ببعض الانواع السرطانية، من هنا كانت الحاجة الى التعامل مع اختصاصيين على جميع الاصعدة يتميزون بكفاءتهم واطلاعهم على خصوصية الموضوع وخبرتهم في التعامل مع مختلف الحالات. وعلى الصعيد النفسي تتم التوعية عن الهوية الجنسية وكيفية التعاطي مع العنف الجنسي سواء كان عنفاً لفظياً او جسدياً. في المركز فسحة كبيرة للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة، والمشكلة اليوم هو انتشاره بين فئات عمرية صغيرة: العام الماضي حضر الى المركز مراهق عمره 15 سنة فكان بمثابة انذار لنا عن اهمية الوقاية الصحية والتثقيف الجنسي". يلتقي الاختصاصيون في المركز مع من هم بحاجة ويعملوا معاً على تقبل الشخص لمرضه، وبالتالي ادارته بشكل سليم وجيد مع الالتزام بالعلاجات بشكل يومي، والتركيز على متابعة حياتهم بشكل طبيعي سواء كان على صعيد التعلم او العمل، وكذلك حياتهم الاجتماعية. ويطال التثقيف الصحي والدعم النفسي الشريكة او الشريك والعائلة والاصدقاء المقربين من حامل الفيروس.
 
ويعمل المركز على عدة اصعدة أبرزها التوعية العامة من خلال محاضرات توجيهية في الجامعات، وندوات تثقيفية ونشاطات متعددة لنشر التوعية عن الالتهابات الجنسية وكيفية الوقاية منها والابتعاد عن الوصمة والتمييز حفاظاً على خصوصية حامل الفيروس واهله.
 
وعبرت عن انزعاجها من "الانتهاكات الطبية غير المحترفة التي تحصل في بعض المستشفيات، حيث ينشر العاملون في القطاع الصحي الخبر وتبلغ شركات التأمين دون مراجعة المريض فتسحب تأمينها فوراً، ويعلّم الملف باشارة بشكل ظاهر، وكل هذه الممارسات هي غير اخلاقية في مهنة الطب، وتنتهك الحقوق الشخصية للمريض".