نشرت صحيفة "ناشونال إنترست" الأميركية تقريرًا عن المرحلة التي ستلي سقوط حلب، معتبرةً أنّه وبعكس كل التوقعات، فإنهاء المعارك في المدينة لن يكتب نهاية للحرب السورية، بل سيدخلها في مرحلة جديدة على الصعيد العسكري والتوازنات السياسية.


ولفتت الصحيفة الى أنّ التقدّم السريع للجيش السوري في شرق حلب، أذكى النقاشات حول ما سيفضي إليه كسر الحصار على حلب. وإذ يتفق مراقبون على حقيقة أنّ التغيير على الأرض سوف يكون لصالح النظام الذي سيتمكّن من السيطرة على شرق حلب، إلا أنّ الوقت الذي سيستغرقه الجيش السوري لحسم المعركة لم يحدّد بعد، إن كان أسابيع أو أشهر .

وناقشت الصحيفة ماذا يعني سقوط حلب وما أهميته على مستقبل الحرب السورية، مشيرةً الى أنّ هناك توازنًا حسّاسًا في شمال سوريا بين القوات الكردية والتركية، وسيؤدّي سقوط حلب الى زيادة التوتر بين النظام السوري وأنقرة، حيث أنّ علاقتهما في الأساس مبنية على إتفاق روسي. ومن هنا تطرح ثلاثة أسئلة: كيف ستسقط حلب، التفاهم السوري مع تركيا، ماذا سيحدث في الرقّة؟

ورأت الصحيفة أنّ التركيز حاليًا ليس على التوقيت الذي ستسقط فيه المدينة، بل كيفية سقوطها وما سيقوم به النظام بعد حلب، إذ أنّ النزاع السوري لن ينتهي مع سقوطها، بل سيدخل في مرحلة جديدة فقط.

وأضافت: "سيستمرّ الجيش السوري بالقتال من أجل تأمين إنتصارات جديدة والسيطرة على مناطق جديدة. وهو يعاني من نقص في الأعداد المدرّبة جيدًا، وبسبب الخسائر البشرية سينتظر النظام أشهرًا كي يطلق هجومًا جديدًا".

من جهةٍ ثانية، فالتوازن الحالي في شمال حلب مبني على إتفاق تركي – روسي، وافق عليه النظام السوري.

أعطى بموجبه النظام موافقة على تواجد قوات تركية داخل الأراضي السورية الشمالية مقابل عدم انخراط تركي في حلب، وإنطلاقًا من هذا الإتفاق يبقى السؤال ماذا سيحدث إذا سقطت حلب؟ هل سيصبح النظام أكثر صخبًا في إنتقاداته لتركيا؟

وشدّدت على أنّ هذا التوازن مهدّد بالإنحلال وبدأت التي بدأت ملامحه تتضح عندما استهدفت طائرات سورية قوات تركية ما أدّى الى مقتل 5 منها وجرح آخرين. إذًا في أعقاب معركة حلب، يمكن أن نشهد توترًا بين دمشق وأنقرة وتفاهمًا جديدًا بين القوات الكرديّة والحكومة العراقية. فالقلق السوري من الوجود التركي يمكن أن يجلب تقاربًا أكثر مع بغداد، إذ يعرب صنّاع القرار السياسي في العراق عن نفس القلق من الوجود التركي في الموصل.

ومن الجدير ذكره هو أنّ السباق الى الرقة بدأته قوات سورية مدعومة من واشنطن، وهي "قوات سوريا الديمقراطية" التي تعدّ القوات الكردية من مكوّناتها الأساسية، بحسب ما أفاد تقرير أعدّه معهد دراسات الحرب. وبما أنّ الرقة ليست ذات قيمة استراتيجية أو تاريخية بالنسبة للأكراد ولا يوجد فيها عدد مهم منهم، فبالتالي لن يتمكّنوا من لعب دور أساسي في الإدارة في تلك المدينة، لذلك فهذه ليست معركتهم.

وعن موعد سقوط الرقة، ترى الصحيفة أنّ الأمر ليس قريبًا على ما يبدو، خصوصًا أن النظام ليس منخرطًا في السباق اليها، لكن قواته ليست بعيدة ولديها تواجد في تدمر، بدعم من أعداد كبيرة من المستشارين الروس. وبالنسبة إلى النظام فالتدخّل الذي يقوده التحالف الدولي بالنسبة إلى الرقة أمر مهم، لكن التحالف سيواجه مشاكل بعد إستعادة الرقة.

وختمت الصحيفة تقريرها بالإشارة الى أنّ السيطرة على حلب تمثّل خطوة مهمة للنظام السوري، لتنهي معها محاولات المجتمع الدولي لإشراك الرئيس بشار الأسد في مفاوضات حقيقية. وأكدت أنّ إنهاء معركة حلب لن يؤدي الى وقف نهائي للقتال، بل الى بدء مرحلة جديدة للنزاع.

(nationalinterest - لبنان 24)