نقلت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تحذيرًا فرنسيًا من أنّ "حلب قد تشهد أسوأ المجازر منذ الحرب العالميّة الثانية"، لافتةً إلى أنّ المدينة تنحدر "نحو الجحيم".


وفي الوقت الذي بدأ الجيش السوري حملته العسكرية الأعنف لاستعادة حلب، قبل تغيّر الإدارة الأميركية في كانون الثاني المقبل، قال أحد الأطباء للصحيفة إنّ "رائحة الدم في كلّ مكان داخل المدينة".

حلب، المدينة الأكثر عددًا للسكّان والأقوى نفوذًا اقتصاديًا، باتت مقسمة الى منطقة غربية يسيطر عليها النظام ومنطقة شرقية يسيطر عليها المسلّحون منذ عام 2012، وتُعرف بـ"جوهرة سوريا"، لكنّها أصبحت مسرحًا لأعنف قتال منذ اندلاع الحرب السورية. ورأت "إندبندنت" أنّ إستعادة المدينة سيكون إنجازًا جيدًا عسكريًا وانتصارًا رمزيًا للرئيس السوري بشار الأسد.

من جهتها، أفادت الأمم المتحدة أنّ التقدّم الكاسح للجيش السوري المدعوم من روسيا وبعض الحلفاء أدّى الى نزوح آلاف السوريين، فيما سيعقد مجلس الأمن إجتماعا طارئًا في نيويورك لمناقشة "الأزمة الإنسانيّة".

وقبل الإجتماع، قال السفير الفرنسي في مجلس الأمن فرانسوا دولاتر: "إنّ فرنسا وحلفاءها لا يمكنهم أن يبقوا صامتين في وجه ما يمكن أن يكون أكبر مجزرة بحق المدنيين منذ الحرب العالميّة الثانية".

في غضون ذلك، أوضحت روسيا أنّ غارات النظام والهجوم البري في شرق حلب يهدف الى تحرير المنطقة. وقال الجنرال إيغور كوناشنكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية "إنّ نصف المناطق في شرق حلب التي كان يسيطر عليها المسلّحون أصبحت محررة بشكل كامل". وأضاف: "الأهم هو أنّ 80 ألف سوري حرّروا، ضمنهم عدد كبير من الأطفال. وقد حصل كثيرون منهم على المياه والعناية الطبية من المراكز الإنسانية الروسية".

من جانبه، أرسل وسام زرقا وهو أستاذ وناشط، تسجيلات عبر "واتساب" الى الصحافيين قال فيها إنّ المعارضة تحاول تأمين ملاجئ لمئات العائلات الهاربة وبعض المباني باتت تشغل 3 مرات أكثر مما تستوعب.

وقال المبعوث الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا أمام البرلمان الأوروبي: "لا نعرف كم سيستطيع المسلّحون الصمود في وجه هذا الهجوم العنيف"، مؤكدًا أنّ العمل العسكري يسير بوتيرة سريعة وحلب ستسقط.

وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة فقد قتل 400 ألف سوري منذ إندلاع الحرب السورية، وأكثر من نصف السوريين غادروا منازلهم.

وفي الوقت الذي نقلت "إندبندنت" عن مسؤول رفيع المستوى في الحكومة السورية قوله إنّ "موسكو ودمشق كثفتا الحملة على حلب من أجل إنهاء المعارك هناك قبل أن يستلم ترامب مهامه الرسمية في كانون الثاني"، ناقشت مجلّة "ناشونال ريفيو " الأميركية القضية ذاتها، معدّدة أسباب روسيا للتسريع في حلّ ملف حلب قبل أن يدخل ترامب الى البيت الأبيض.

وقالت: "بوتين يرى أنّ الرئيس باراك أوباما سوف يغادر والمستقبل غير مؤكّد. عندما بدأت روسيا تدخلها العسكري في سوريا العام الماضي، كانت استراتيجية بوتين تركّز على تأمين منطقة قريبة من سيطرة الأسد في غرب سورياـ وتمتد من الشمال الى الجنوب، واقترب الجيش السوري من السيطرة على حلب بدعم روسي".

ورأت أنّه "إذا سيطر الأسد على حلب، فسيحاصر محور إيران – روسيا المعارضة في إدلب"، كذلك فالحدود السورية – التركية التي تعدّ خط الإمداد الخارجي الوحيد للمسلّحين لن يعد يفيد، لأنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدعم روسيا الآن.

كذلك فإنّه ليس من سبيل الصدفة أنّ روسيا وإيران إنتظرتا حتى الآن للدفع الأخير في حلب: فبوتين يعتقد أنّ هذا الوقت يقدّم دفعًا أكبر لتنفيذ استراتيجيته، والدينامية العسكرية في حلب هي لصالح الروس أكثر من أي وقت مضى.

وأوضحت أنّ أوباما يريد التخلّص من سوريا وسيسلّمها لخلفه لذلك يعمل بوتين بكل عزمه لإنهاء ملف حلب فهو لا يثق بالمستقبل، وفي الوقت الذي يبدو ترامب ودودًا تجاه بوتين، لا يزال القيصر حذرًا. فترامب يقوم بالإطلاع أكثر على ما تقوم به روسيا حاليًا في سوريا، ويمكن أن يسأل موسكو مثلاً عن عدم استهدافها لـ"داعش".

كما يعلم بوتين أنّ الحلفاء السنة العرب لأميركا سوف يطلبون من ترامب اتخاذ موقف ضد الأسد، ما يجعل بوتين يسرع في ملف حلب.

وهناك سبب إضافي هو أنّ بوتين يعاني من العقوبات الغربية بسبب سياساته في أوكرانيا وسوريا، ولذلك لا يزال الإقتصاد الروسي غارقًا بالركود، ومن هنا يبحث بوتين عمّا يمكن أن يقوّي اقتصاده، علّه في كانون الثاني تكون واشنطن والغرب قد نسيوا ما فعل القيصر في سوريا.

(إندبندنت - ناشونال ريفيو - لبنان 24)