تشن وسائل إعلام مقربة من حزب الله اللبناني، هذه الأيام حملة على التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، ما يعكس حالة التوتر التي بلغتها العلاقة بينهما، في ظل تعطل عملية ولادة الحكومة.

وبلغت هذه الحملة مداها، الثلاثاء، حينما شنت إحدى الصحف الموالية للحزب هجوما شرسا على باسيل، متهمة إياه بالجحود وعدم الوفاء للحزب والنائب سليمان فرنجية اللذين لعبا دورا مهما في حصوله على منصب وزاري في حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى، رغم أنه رسب في الانتخابات النيابية آنذاك.

وجاء في عناوين الهجوم كذلك اتهام باسيل بخلط الخصوصية المسيحية بالعناوين الاستراتيجية الكبرى، والدفع في اتجاه إعلاء اتفاق التيار الوطني الحر مع القوات اللبنانية، وما نتج عنه من ادعاءات بحصرية التمثيل المسيحي على كل ما عداه من استحقاقات.

هجوم الحزب يراه متابعون ليس محصورا فقط في شخص الأمين العام للتيار الوطني الحر بل موجه بالأساس إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، حينما أعاد تذكير الأخير بفضله في وصوله إلى هذا المنصب.

ويقول المتابعون إن حزب الله غاضب من انتصار التيار الوطني الحر للقوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، في ما يتعلق بالتشكيل الحكومي، على حساب تحالف 8 آذار، فضلا عن مواقف باسيل وعون تجاه القضايا الإقليمية، حيث بدا الطرفان يبتعدان شيئا فشيئا عن تبني رؤية الحزب.

ويخشى الحزب الشيعي من أن يفضي التقارب المسجل حاليا على خط الرابية معراب إلى بروز حالة مسيحية قادرة على فرض نفسها كرقم صعب في المعادلة اللبنانية.

ويرى النائب عن كتلة المستقبل غازي يوسف أن حملة حزب الله على باسيل “الهدف منها إلغاء كل الاتفاقات والتعهدات التي كانت القوى السياسية قد عقدتها مع بعضها البعض، ولكن لا يبدو أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يقبل بهذا الأمر”.

وكان التيار الوطني الحر قد عقد اتفاقا مع حزب القوات اللبنانية قبيل انتخاب رئيس للجمهورية يقضي بتمكين الأخير من حصة وازنة في حكومة الرئيس سعد الحريري.

وقد دافع التيار بشراسة على حصول القوات على حقيبة سيادية، إلا أن ضغوط حزب الله عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري حالت دون ذلك، وتواصل ضغط الطرفين الشيعيين حتى في ما يتعلق بالحقائب الأخرى التي حسمت لصالح حزب جعجع وتحديدا حقيبة الأشغال.

فقد أصرت الثنائية الشيعية على أن تكون هذه الحقيبة من نصيب أمل أو تيار المردة، الأمر الذي رفضه الحر، الذي بدى راغبا في تحجيم المردة الذي يقوده سليمان فرنجية.

وقال النائب عن كتلة التحرير والتنمية عبدالمجيد صالح هناك “مجموعة من الوقائع التي تحكم سلباً على أداء الوزير جبران باسيل، وأهمها محاولته إسقاط ما أقره التيار في اتفاقه مع القوات على الواقع الحكومي، والسعي إلى احتكار التمثيل المسيحي، ولجم حضور المستقلين”.

وتلفت بعض القراءات إلى أن باسيل يخشى من أن يؤدي تمثيل تيار المردة بأي حقيبة وازنة في الحكومة، إلى منحه القدرة على توسيع قاعدته الشعبية المسيحية، بشكل يؤثر على التيار في الانتخابات النيابية القادمة، ويساهم في تحويله إلى حيثية مسيحية وازنة.

واعتبر صالح أن “المشكلة الأساسية مع باسيل هي محاولة الضغط من أجل عدم منح سليمان فرنجية حقيبة وازنة، وهو ما من شأنه أن يعيد الأمور إلى المربع الأول”.

وأكد أن الرئيس بري “لا يؤيد تعطيل الحكومة، ولكنه يرفض منطق معاقبة سليمان فرنجية، ومنطق التشدد الذي يمارسه باسيل ضده حين يقول له إذا أردت المشاركة في الحكومة فستكون لك حقيبة الثقافة وحسب”.

ويؤكد مراقبون أنه في خلفية العناوين العريضة لخلاف باسيل مع الثنائية الشيعية يقع عنوان سعي حزب الله والرئيس بري إلى توسيع الحكومة، وضم شخصيات مسيحية موالية للنظام السوري إليها. وسيتسبب هذا الأمر، في حال تحقق، بضمور التمثيل المسيحي لتحالف التيار الوطني الحر والقوات، وضرب عنوان حصرية التمثيل المسيحي التي ينادي به ويسعى إلى تحويله الى واقع سياسي وتمثيلي حاسم.

قراءة أخرى باتت تطرح بقوة الآن أن وراء هذا الهجوم على التيار وعرقلة عملية ولادة الحكومة، مسعى من الثنائية الشيعية إلى إبقاء الوضع الحكومي مجمدا إلى حين انقشاع الرؤية في سوريا وخاصة في ما يتعلق بمعركة حلب التي يبدو أنها تتجه لصالح النظام السوري.

وربما تعول الثنائية على هذا التطور لفرض رؤيتها للتشكيلة الحكومية في لبنان.

شادي علاء الدين: العرب