في الاشتباك الاخير بين الرئيسين عون وبري وتاليا بين البطريرك الراعي والمفتي قبلان سقطت جهود الرئيس المكلف سعد الحريري لتأليف الحكومة الجديدة ضحية بـ"نيران صديقة". كان من المتوقع أن تكون الحكومة الجديدة على منصة الاحتفال بعيد الاستقلال الثلثاء المقبل. لكن لم يعد هناك من رهان عند من يأملون في نجاح مساعي الرئيس الحريري في أن التشكيل سيتحقق في القريب العاجل. وما يعزز هذا الاقتناع ان أي توضيح لم يصدر بعد عن قصر بعبدا أو عن قصر عين التينة يصف الاشتباك بأنه "غيمة صيف" لن تؤدي الى عرقلة ولادة الحكومة.

يقول المتابعون لجهود الحريري إنه قدم ليل الاربعاء الماضي تصورا متكاملا لحكومة يمكن اعتباره، بعد إدخال رتوش عليه إذا أحب عون، الطبعة الاخيرة قبل ذهابه الى الاعلان هذا اليوم على أبعد تقدير. لكن اشتباك الخميس محا كلام الاربعاء. ويحتاج المرء الى جهد كبير في الفهم كي يصدق أن هذا الاشتباك يبرر حرمان لبنان من سلطة تنفيذية تعطيه شيئا من الامل في زمن المصاعب على كل الصعد.
هناك من راهن على تدخل "حزب الله" لإصلاح ذات البين بين حليفيّه في الرئاستين الاولى والثانية.لكن هذا الرهان سرعان ما تبدد بعدما أظهر الحزب برودة كاملة حيال ما جرى. وتبرير الاخير أنه وضع موضوع الحكومة بيد بري "الذي لديه الحل" مما يعيدنا الى تبرير سابق للحزب والذي عاش نحو عامين ونصف العام وهو ان الرئاسة الاولى بيد عون و"لديه الحل". وهناك خشية من ان نكون في مسار طويل لن تكون خلاله في لبنان سوى حكومة لتصريف للاعمال وربما حتى موعد الانتخابات النيابية في الربيع المقبل.
في زمن الاضطراب الكبير في الشرق الاوسط، لا يمكن مهما حسنت النيات الفصل بين ما يجري في لبنان عما يجري في الاقليم. ولا يزال على الموقع الالكتروني لوكالة الانباء الايرانية (أرنا) منذ 13 الجاري تعليق يحمل عنوان"هل بدأت حقبة التراجع الاميركي والسعودي في الهيمنة على القرار السيادي اللبناني؟" ولا ريب في أن نظرة طهران الى الدور الذي لعبه الحريري وكان حاسما في كسر حلقة الفراغ الرئاسي وانتخاب عون تنطلق من ان الرياض قد تقدمت على طهران في تحقيق هذا الانجاز اللبناني.
التكهنات تتصاعد بأن شهر العسل النووي بين واشنطن وطهران الى أفول. وفي العدد الحالي من مجلة الايكونوميست" ان بإمكان الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب أن يعطّل الاتفاق النووي "بسهولة" إذا ما أراد. كما أن روجر بويز في مقال له في "التايمز" البريطانية علّق على تهديد آية الله احمد خاتمي في خطبة الجمعة لترامب من المس بالاتفاق فقال ان على المسؤول الايراني "أن يتحضّر لأن ترامب سيعمل على قلب السياسة في الشرق الاوسط رأسا على عقب".
هل ان نذير العواصف بدأ حكوميا؟