سبع سنوات مضت والبحث عن الحقيقة مستمرّ. هل انتحر الدكتور جمال الصمد أم أنّ المعاون الأوّل في "فرع المعلومات" رامي ب. ج. قد أرداه قتيلاً بعدما أطلق عليه رصاصة في رأسه؟

جلسات بالجملة تعقد في المحكمة العسكرية منذ سنوات من دون أن تفيد في جلاء حقيقة ما حدث في الخامس من تموز 2009 في طرابلس، حين تشاجر الصمد مع إحدى النساء التي قامت بإبلاغ أحد معارفها بالأمر، ليرسل دورية من "المعلومات" إلى المبنى حيث تقيم المرأة.

ولذلك، فقد أضحى عدد الشهود الذين أدلوا بدلوهم في هذه القضيّة بالعشرات، وكان آخرهم، أمس، الخبير الكيميائي وخبير تحليل البصمة الوراثية اللذان أعدّا تقريرين منفصلين بشأن الحادثة.

وبعد الشكوك واتهامات عائلة الضحية بقيام القوى الأمنية بالعبث بمسرح الجريمة بعد موت الصمد وضياع أكثر من دليل، تأكد، أمس، أن التقارير المعدّة بشأن مسدّس المدّعى عليه غير كاملة أيضاً!

وهذا ما أخرج رئيس "العسكرية" العميد حسين عبدالله عن طوره عند الاستماع إلى خبير تحليل البصمة الوراثية المؤهل أول م. ش. الذي لم يُكلّف أصلاً الكشف عن الطلقة التي يظن أنها أطلقت من مسدّس المدعى عليه وأصابت رأس الضحية، وذلك للتثبت ما إذا كان رأسها ملطّخاً بالدماء لتتأكد فرضيّة القتل، بل حصل العكس فقد نظّف رأس الطّلقة.

كما أن المعنيين كلفوا الخبير بالكشف عن مسدّس الضحية من الداخل والخارج للتأكد ما إذا كان يحتوي على الدماء (على اعتبار أنّ إطلاق النار من مسافة قريبة يؤدي إلى دخول الدماء إلى داخل ماسورة المسدس)، وذلك بعد أن كشف عنه قبل يومٍ واحد فرع الأسلحة والبصمات.

وما زاد الشكوك في الجلسة هو شهادة المؤهل الأول الذي أشار إلى أنه لم يعمد إلى فكّ المسدس للتثبت من آثار دماء داخله، ذلك أنّه يعلم أن استخدامه من قبل فرع الأسلحة والبصمات وإطلاق النار منه لتجريبه، يؤديان إلى تعذّر إيجاد أي أثر للدماء. واكتفى بالكشف عن المسدس من الخارج لإيجاد آثار دماء، وهو أمر طبيعي على اعتبار أن المسدس كان بالقرب من الضحية الذي سالت منه الدماء بغزاره بعد موته.

فيما كان رأي عبدالله عكس ذلك، مشيراً إلى أنّ إطلاق النار من مسافة قريبة يؤدي إلى فراغ بين المسدس والسبطانة (الجزء الأنبوبي من السلاح) ما يسهل دخول الدماء إليه من دون أن يؤثر إطلاق النار على تنظيفه من أي أثرٍ داخله.

ولذلك، توجّه عبدالله إلى الشاهد قائلاً: "أنت إذاً قمت بتقرير تحليليّ واستنتاجي من دون الالتزام بما تم تكليفك به"، مضيفاً: "شو عم نلعب؟".

فيما تبيّن أن الخبير الكيميائي المكلّف رفع وشم البارود عن يدي الضحيّة لم يقم بذلك "لأنّنا في تلك الفترة لم يكن لدينا لا الخبرة ولا الأجهزة اللازمة للقيام بذلك"، كما قال، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر كان أيضاً متعذّراً القيام به في أي مختبر في لبنان في ذلك الحين.

ومع ضغط الأسئلة كان المدّعى عليه الذي مثل بلباس رسميّ مع "كرافات" يقف إلى يسار القاعة، ليحمرّ وجهه غضباً، فيما كان وكيل الدفاع عنه المحامي محمد المراد يوجه الأسئلة إلى الشهود الثلاثة قبل أن يطلب خمسة شهود جدد ممن عملوا على رفع البصمات من مسرح الجريمة.

ثم أرجئت الجلسة إلى 23 كانون الثاني المقبل.

(السفير)