قبل انتخابه رئيساً لأمريكا، تعهد دونالد ترامب بوقف العمل بالاتفاق النووي الإيراني باعتباره أحد أخطاء إدارة أوباما. لكن أمريكا لم تكن الدولة الوحيدة التي وقعت على الصفقة النووية مع طهران، بل هناك دول أوروبية ومعها روسيا. 

ويرى جي سولومون، محرر شؤون سياسية وأمن قومي في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن زعماء تلك الدول لن يسمحوا للرئيس المنتخب بتنفيذ وعده. 

ويحذر خبراء آخرون من أن أية محاولة من ترامب للرجوع عن الاتفاق النووي مع إيران ستكون له عواقب خطيرة.

من جهة أخرى، سيواجه ترامب مهمة أصعب تتركز على إقناع قوى دولية بالانضمام إليه في تفكيك صفقة يقول أوباما أنها قللت من خطر وقوع حرب أخرى في الشرق الأوسط، وأدت لتراجع حدة توترات في المنطقة. 

إعادة التفاوض
ويلفت سولومون لانتقادات وجهها ترامب خلال حملته لإدارة أوباما، وقوله إنها فاوضت إيران بشكل سيئ. كما قال أنه سيلغي الصفقة، وسيعاود التفاوض على بنودها. فقد أبلغ لجنة الشؤون العامة الأمريكية - الإسرائيلية في مارس( آذار أن " أولى أولوياتي ستكون في إلغاء الصفقة مع إيران".

ولكن يوم غد، الاثنين، من المتوقع أن يكرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي دعمهم القوي للتطبيق الكامل للصفقة.

الاتفاق ليس معاهدة
ويقول سولومون إن الصفقة الإيرانية ليست معاهدة، ولم يتم التوقيع عليها رسمياً، ولم يصادق عليها الكونغرس الأمريكي. وإذ وافق عليها مجلس الأمن الدولي، لكن ليس من خلال إجراءات تفرض على الدول الأعضاء عقوبات إذا لم يلتزموا ببنودها. 

ويلفت الكاتب إلى أن أي طرف في الصفقة، ومنهم إيران، يستطيع أن يتوقف لفترة قصيرة عن تطبيق اتفاق أدى لتخفيض قدرات طهران النووية في مقابل رفع معظم العقوبات الاقتصادية عنها. 

مليارات الدولارات                                     
وقبل أيام، قال مارك تونر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "يبقى الاتفاق قائماً طالما التزمت به جميع الأطراف".

ويشير سولومون إلى تطبيق عدد كبير من بنود الصفقة. وكجزء من الاتفاق، حصدت إيران مليارات الدولارات كمدفوعات من أموال احتجزها الغرب لسنين جراء فرض عقوبات، واستأنفت عمليات تجارية مع دول أخرى في مجال النقل والطيران والطاقة. وقال خبراء وديبلوماسيون إن المكاسب التي جنتها إيران لا يمكن استرجاعها. وفي المقابل، شحنت طهران معظم مخزونها من اليورانيوم المخصب، وفككت آلافاً من آليات الطرد المركزي.

إجراءات عقابية
ويلفت سولومون إلى رفع عقوبات اقتصادية ارتبطت ببرنامج إيران النووي، رغم زعم قوى عالمية بأنها قادرة على إعادة فرض إجراءات عقابية.

لكن ديبلوماسيين وخبراء تساءلوا عما إذا كانت دول أوروبية وآسيوية راغبة بالعودة إلى نظام عقوبات صارم، وحتى لو قررت الولايات المتحدة العودة عن الاتفاق، وفرض عقوبات جديدة. 

أثر محدود
ويقول سولومون إن انسحاب أمريكي أحادي سيكون أثره محدوداً، إذا واصلت قوى أخرى بناء شراكات مع إيران. كما سعى مسؤولون إيرانيون، ممن عملوا على الاستفادة، بأقصى ما يمكن، من رفع العقوبات، على الإبقاء على علاقات تجارية مع أوروبا، رغم مواصلة المرشد الأعلى الإيراني، خامنئي، انتقاده للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، ستتعرض مصارف أوروبية وآسيوية لضغوط من اجل قطع علاقاتها مع إيران، أو مواجهة عقوبات أمريكية. 

تسريع البرنامج النووي
وبحسب ديبلوماسيين وخبراء، قد يؤدي انهيار الاتفاق إلى تسريع إيران برنامجها النووي، وتجدد ضغوط على الولايات المتحدة أو إسرائيل لمهاجمة البنية التحتية النووية لطهران، ما يمثل نقطة مجهولة أخرى حيال كيفية تصرف ترامب، عند تسمله السلطة. 

ويقول سولومون أن إفشال الصفقة سيضع ترامب أيضاً في مواجهة مباشرة مع حليف طهران الوثيق، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الزعيم الذي لطالما قال ترامب أنه سيعمل معه عن قرب

تحد آخر
في هذا السياق، قال آندرو تابلر، خبير في شوؤن الشرق الأوسط في معهد سياسات الشرق الأدنى في واشنطن: "لا أعرف كيف يمكن لترامب رفض الصفقة النووية إن كان يأمل بالعمل مع بوتين في مناطق كسوريا. إذ لا بد من فصل الموقفين عن بعضهما البعض، وهما اليوم متلازمان". 

 

 24.ae