حتى الساعة لا توحي الإتصالات الجارية بين "بيت الوسط" ومعراب بحلحلة ممكنة لعقدة تمسّك "القوات اللبنانية" بما تعتبره حقًا من حقوقها المكتسبة بأن تُوّلى حقيبة سيادية، من بين الحقائب الأربع، أي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية، التي تبدو أنها محسومة سلفًا. فحقيبة وزارة الدفاع الوطني تُعتبر من حصّة رئيس الجمهورية فيما تذهب حقيبة الخارجية إلى "التيار الوطني الحر"، وتبقى حقيبة المالية من حصّة الطائفة الشيعية الآيلة حكمًا إلى الرئيس نبيه بري المتمسك بتوزير علي حسن خليل بالذات، على أن تبقى حقيبة الداخلية من حصة تيار "المستقبل"، ويُحكى أنها باقية مع الوزير نهاد المشنوق.

وبذلك لا يبقى لـ"القوات" حقيبة سيادية إلاّ إذا اعتبر "التيار الوطني الحر" أن له لدى "القوات" دينًا لا بدّ من سداده، فيتنازل عن الخارجية لمصلحتها. وفي حال قبل "التيار"، وبالتحديد الوزير جبران باسيل، السير بهذا الخيار فهل يقبل مثلًا "حزب الله" بأن تُسند حقيبة الخارجية إلى "قواتي" في هذا الظرف السياسي الإقليمي الدقيق والخطير في آن؟

سؤال مطروحٌ في الأوساط السياسية بقوة، خصوصًا أن ما بين حارة حريك ومعراب من تباعد يدفع بـ"التيار الوطني الحر" إلى مراجعة حساباته، وبالأخصّ أنه لا يريد خسارة أي من حليفيه، ولو على ضفتين متناقضتين.

وبذلك، فإن هذا الإحتمال يبقى في إطار التمنيات ليس إلاّ، وهي تمنيات على نقيض مع ما في الواقع السياسي وتركيبة البلد من أمور قد لا تتلاقى دائمًا مع الإرادة الطيبة، وإن كان الثمن هو تسهيل قيام حكومة العهد الأولى، مع ما تفرضه سرعة التأليف من إنطلاقة سليمة ومزّخمة لعهد أمامه الكثير من الملفات العالقة، والتي تتطلب جهودًا مضاعفة إن لم تكن "متربلة".

وفي إعتقاد بعض الذين كانت لهم صولات وجولات في مسيرة فكفكة العقد من أمام تأليف حكومات العهد الماضي أن الحلّ شبه الوحيد المتاح أمام رئيسي الجمهورية والحكومة لتأمين "تقليعة" سهلة للحكومة يكمن في تنازل كل من "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل" عن حصصهما الوازنة في ما يُعرف بالحقائب الخدماتية لمصلحة "القوات اللبنانية" فتحصل بذلك على وزارتين "دسمتين"قد تعوضان عليها حرمانها من أي حقيبة سيادية.

فهل تقبل "القوات" بهذا الحلّ، وفي حال الإيجاب، هل تقبل الأطراف الأخرى بأن يكون لها حصّة وازنة من هذا العيار، وهي من حيث حجمها التمثيلي لا يحقّ لها بالحصول سوى على وزارة خدماتية واحدة؟

 

 

اندريه قصاص     : لبنان 24