لم يعد الخلاف القواتي – الكتائبي خافياً على أحد، فالأمور ليست على ما يرام منذ ما قبل انتخاب النائب سامي الجميّل رئيساً لحزب "الكتائب" العام الماضي.

يتفق الحزبان في الخط الاستراتيجي في ما يخص سيادة لبنان ورفض سلاح "حزب الله" ومعاداتهما النظام السوري ومحور إيران في المنطقة، إضافة إلى كونهما مكونين أساسين لـ"ثورة الأرز" عام 2005. كما يجمعهما التاريخ المشترك، إذ إن المتعارف عليه أن "القوات ولدت من رحم الكتائب"، وقد دفع الاثنان أثماناً باهظة في الحرب اللبنانية من شهداء وجرحى وأسرى ومفقودين ومنفيين.

لكنّ "تكتيكات" الحزبين لا تتقاطع منذ فترة ولأسباب عديدة، مع أن هذه الاختلافات لم ترقَ سابقاً إلى خلافات علنية في الإعلام بل كانت توضع في إطار التنافس الطبيعي والصحّي بينهما.

وبعد انتخاب النائب سامي الجميّل رئيساً لحزب "الكتائب" العام الماضي بدأت ملامح هذه الاختلافات تظهر شيئاً فشيئاً إلى العلن، وخلال عدة استحقاقات لم يكن الطرفان في خندق واحد، إلى أن وصلت الأمور إلى أوجها بعد انتخابات الرئاسة التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وبعد تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الأولى في العهد الجديد.

بالأمس، نشر الموقع الرسمي لـ"القوات" مقالاً ضمن قسم "بالمرصاد" بعنوان: " سامي الجميل… مشكلتك مش عنا حل عن القوات"، ما استدعى رداً "كتائبياً" نشره الموقع الرسمي في مقال بعنوان: "الكتائب ترد على المرصاد بالحقائق"، وأثار ذلك حملات متبادلة بين مناصري الطرفين على وسائل التواصل الاجتماعي.

عاقوري

وفي حديث لـ"لبنان 24" قال رئيس تحرير موقع "القوات" جورج عاقوري: "الكتائبيون في مسار إطلالاتهم الإعلامية كانوا دائماً يهاجمون "القوات"، في المقابل لم نكن نرد بشكل مباشر من أجل الوحدة والتاريخ المشترك والنضال، لكن في الأسبوع الماضي ظهر أحد أعضاء المكتب السياسي الكتائبي وأظهر ضراوة في خطابه فقمنا بالرد بطريقة غير مباشرة لإيصال رسالة لهم".

وتابع: "بعد ذلك قام النائب سامي الجميّل باتهامنا بأننا سلمنا البلد لإيران وسوريا، فأردنا القول أنه ليس سمير جعجع من يسلم البلد لإيران وسوريا ومشكلتك ليست معنا، أي أن ما كتبناه هو من باب الدفاع عن النفس، ولنقول أن المسار الذي ينتهجه حزب الكتائب برئاسة النائب سامي الجميّل ليس سليماً أو صحياً، كما أننا نرفض لغة التخوين هذه، اليوم لم نعد في زمن الـ75، بل يجب أن نتصرف بواقعية سياسية ومجاراة الأحداث والتغيرات".

وأكد العاقوري أن "لا أحد يستطيع أن يزايد على مبدئيتنا وثوابتنا، ونحن الذين دفعنا أثماناً في الشهادة والسجون والنفي والأسر".

وسأل العاقوري: "لماذا اعتبر الجميّل نفسه معنياً بكلام الدكتور جعجع؟" وقال: "نحن ننطلق من أنه أمر طبيعي أن يكون هناك معارضة في نظام ديمقراطي، وهذا لا يعني أنني نريد إلغاء أحد، فهناك أطراف أخرى أيضاً لم تنتخب العماد عون للرئاسة، لكننا نتبنى وجهة نظر البطريرك مار نصر الله بطرس صفير بأن الدولة هي عربة لا يمكن أن يجرها حصانان، لذلك كنا نرفض حكومات الوحدة الوطنية".

رزق

من جهته قال مدير موقع "Kataeb.org" جيلبير رزق في اتصال مع "لبنان 24": "هجوم القوات كان شخصياً على النائب الجميّل، لكننا وعلى رغم ذلك قمنا بالرد بالحقائق من دون استخدام أسلوب التجريح الشخصي، وما هو حقيقة بالنسبة الينا قد لا يكون كذلك بالنسبة اليهم، لكن المسألة لا يجب أن تكون شخصية، كما أن هناك محاولات لإظهار أن الرئيس أمين الجميّل غير راض على أداء النائب سامي الجميل، وهذا أمر غير صحيح بتاتاً، بل على العكس هناك مباركة من الرئيس الجميل لأداء الشيخ سامي".

وتابع رزق: "كان واضحاً أننا مقصودون في حديث الدكتور جعجع التلفزيوني، لكن النظام اللبناني نظام برلماني وليس جمهوريًا، أي أنه إذا رفضنا انتخاب رئيس من 8 آذار لا يعني أن نكون ضد الحكومة، بل على العكس نحن سمينا الرئيس سعد الحريري، أي أننا شاركنا في عملية تكليفه، ونحن ننظر إلى العهد بإيجابية استناداً إلى خطاب الرئيس عون الذي وعلى رغم حاجتنا إلى بعض التوضيحات بشأنه إلا أنه إيجابي ويمكن البناء عليه، لكننا نستغرب كيف أن "القوات" تريد إلغاءنا لتجلس مع "حزب الله" على الطاولة نفسها".

إلى ذلك أشارت معلومات خاصة بـ"لبنان 24" إلى أن اتصالات جرت صباح اليوم، بين أشخاص مقربين من "القوات" و"الكتائب" في آنٍ واحد، وتحديداً بين قدامى "الكتائب" و"القوات"، وجرى التباحث والتأكيد على ضرورة وقف كل الاتهامات والاتهامات المضادة التي شهدتها وسائل الإعلام ليل أمس، وبالتحديد مواقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" و "تويتر"، التي وصلت إلى حد التجريح الشخصي برئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل ورئيس حزب "القوات" سمير جعجع، ويعمل هؤلاء الأشخاص على ترتيب لقاء بين مسؤولي الحزبين لانهاء هذا السجال الدائر، والذي ذهب أبعد من اللعبة السياسية وتشكيل الحكومة والاقصاء والمشاركة.

(حسن هاشم -  "لبنان 24")