خطت الولايات المتحدة خطوة إضافية نحو بدء توجيه ضربات ضد قادة تنظيم «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة) في سورية، بعدما كانت تكتفي سابقاً باستهداف قياديين في ما يُعرف بـ «مجموعة خراسان»، وهم في غالبيتهم من غير السوريين الذين يعملون ضمن هذه الجبهة، لكنهم يرتبطون مباشرة بتنظيم «القاعدة» في أفغانستان وباكستان. وفيما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية الخميس، فرض عقوبات على أربعة من قادة «النصرة»، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» أن الرئيس باراك أوباما وقّع أمراً للقوات الأميركية بقتل قيادات «النصرة» في سورية، في خطوة كانت روسيا تطالب بها منذ فترة طويلة وسط تردد أميركي بُرر بأنه يتعلق بصعوبة الفصل بين هذا التنظيم المصنّف إرهابياً، وبين بقية فصائل المعارضة «المعتدلة».
وقال مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة، أن العقوبات على القادة الأربعة تهدف إلى عرقلة نشاطات «جبهة النصرة» العسكرية والمالية وما يتعلق بتجنيد الأشخاص، وفق ما أوردت «رويترز». واتخذت وزارة الخزانة هذه الإجراءات بالتنسيق مع وزارة الخارجية التي لفتت الخميس، الى أن «جبهة فتح الشام» هي اسم آخر لـ «النصرة» التي تعتبرها الولايات المتحدة فرع «القاعدة» في سورية. وأشارت «جبهة النصرة» في تموز (يوليو) الماضي، الى أنها قطعت صلاتها بـ «القاعدة» وغيّرت اسمها إلى «جبهة فتح الشام»، وهو ما لم يُقنع الأميركيين.
وتشمل العقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة: عبدالله محمد بن سليمان المحيسني، وهو من الدائرة الداخلية لقيادة «النصرة» ويلعب دوراً في تجنيد مقاتلين للجبهة في شمال سورية، وفق ما جاء في البيان الأميركي. وشملت العقوبات أيضاً، جمال حسين زينية، القيادي في الجبهة المسؤول عن التخطيط للعمليات بالقلمون في سورية وفي لبنان، وعبدول جاشاري وهو مستشار عسكري لـ «النصرة» في سورية ساعد في جمع أموال لأسر المقاتلين، وأشرف أحمد العلاق وهو قائد عسكري في الجماعة في محافظة درعا بجنوب سورية.
في غضون ذلك، ذكرت «واشنطن بوست» أن الرئيس أوباما أمر وزارة الدفاع (البنتاغون) بالعثور على قادة «النصرة» وقتلهم في سورية. وأشار مسؤولون أميركيون للصحيفة، إلى أن القرار الذي يتضمن نشر مزيد من طائرات «الدرون» بلا طيار وتعزيز القدرات الاستخباراتية، يعكس قلق أوباما من أن «النصرة» تحوّل أجزاءً من سورية إلى قاعدة عمليات لـ «القاعدة» على الأبواب الجنوبية لأوروبا. واعتبرت الصحيفة أن هذا المنحى ضد «النصرة» يُرجّح أن يزداد مع تولّي دونالد ترامب الرئاسة مطلع العام المقبل.
وشنّت الولايات المتحدة في الماضي، أكثر من ضربة جوية استهدفت قيادات في «القاعدة» انتقلت من باكستان وأفغانستان إلى شمال غربي سورية، لكن الأمر الذي أصدره أوباما إلى «قيادة العمليات الخاصة المشتركة» يوسّع نطاق الاستهداف ضد قيادات «النصرة»، ولم يعد مقتصراً على قادة «القاعدة» أو أولئك المتورّطين في مؤامرات خارجية.
وكشفت الصحيفة أن التغيير في هذه السياسة قاده البيت الأبيض ووزارة الخارجية، اللذان أعطيا الأولوية لاتخاذ خطوات ضد «النصرة»، فيما أبدى قادة «البنتاغون» تردداً في البداية لأن التغيير يتطلب سحب قدرات عسكرية منصبّة حالياً على محاربة تنظيم «داعش». وتابعت أن أوباما لم يكن سعيداً بأن وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات لا تقوم بمزيد من العمل لقتل قادة «النصرة»، على رغم التحذيرات التي كان يتلقاها من مسؤولي مكافحة الإرهاب إزاء التهديد الذي يشكله هؤلاء القادة في سورية. وذكرت أن مسؤولي الاستخبارات حذّروا أوباما من أن «النصرة» تسمح لقادة «القاعدة» في باكستان وأفغانستان بأن يبنوا أكبر تجمّع لشبكات التنظيم في شمال غربي سورية، منذ تشتت «القاعدة» إثر هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. كما حذّر المسؤولون الأميركيون أوباما من أن «النصرة» يمكن أن تملأ الفراغ الذي سيخلفه تراجع غريمها تنظيم «داعش».
في غضون ذلك، أوردت شبكة «شام» الإخبارية المعارضة، أن طائرة استطلاع من دون طيار استهدفت صباح الجمعة، مخيم الجميلية للنازحين بريف منطقة جسر الشغور في ريف محافظة إدلب الغربي، ما أدى إلى مقتل امرأة وجرح أشخاص آخرين، مشيرة إلى أن هذا الاستهداف الثاني للمخيم خلال أقل من يومين تقوم به «طائرة استطلاع لم يتم تحديد هويتها إن كانت تابعة للتحالف الدولي أو قوات (الرئيس بشار) الأسد». وتابعت «شام» أن الأهالي اعتادوا «على تحليق يومي لطائرات الاستطلاع التابعة لقوات الأسد وروسيا في أجواء المحافظة لرصد تحركات الثوار والمدنيين على حد سواء، إضافة إلى طلعات جوية لطائرات استطلاع تابعة للتحالف الدولي في الأجواء، والتي استهدفت لمرات عدة سيارات منها مدنية ومنها تابعة لجبهة فتح الشام».