كان واضحا ان رئيسة محكمة الجنايات في بيروت القاضية هيلانة اسكندر، ترغب في ايصال جريمة قتل جورج الريف المتهم فيها طارق يتيم الى خواتيمها بالسرعة الممكنة، وهي عرضت على جهتي الادعاء والدفاع خلال جلسة الامس امكانية ارجاء القضية الى المرافعة، وختم المحاكمة بعدما استكملت استجواب يتيم والظنينة لينا حيدر واستمعت الى افادة المدعية رولا زوجة المغدور التي كانت برفقته يوم الحادث فضلا عن سماع ثلاثة شهود، اثنان منهم كانا في مسرح الجريمة في الجميزة.


غير ان جهة الدفاع المتمثلة بالمحامي انطوان طوبيا استمهلت لتقديم طلب سماع لجنة من الاطباء، فيما اصر المحامي زياد البيطار وكيل الجهة المدعية الاستماع الى افادة جوزف منصور الذي قيل انه قام بتبديل معالم سيارة الظنينة بعد الحادثة، فقررت المحكمة امهال طوبيا عشرة ايام لتقديم طلبه لدرسه، فيما وافقت على طلب الادعاء سماع منصور ورفع الجلسة الى الثامن من كانون الاول المقبل.

وكادت جلسة الامس ان تنتهي على خير، غير ان اشكالا وقع بين فريقي الدعوى حين اتهم البيطار، يتيم بانه "غول" فهدد حينها المحامي طوبيا بالانسحاب من الجلسة لتتدخل رئيسة المحكمة طالبة التزام الاحترام لأن "الناس امام المحكمة هم سواسية وعلينا احترام الجميع".

لكن البيطار لم يتوقف عند هذا الحد انما اعتبر ان جريمة قتل جورج الريف هي جريمة العصر والمتهم قد ارتكبها، ليتوجه حينها طوبيا الى زوجة المغدور بالقول: انت قتلتيه". وبعد هرج ومرج داخل القاعة تدخلت العناصر الامنية التي فصلت بين الفريقين في حين نبهت الرئاسة الى عدم الخروج عن الاصول والدفاع ضمن الحدود.

كان يتيم الذي منذ دخوله الى قاعة المحكمة، ينظر بعيون "غاضبة"، تفرسّت في ملامح "حاملي الاقلام" من الصحافيين، الذين ثبّت نظره عليهم مطولا، قبل ان يحاول التواصل مع الظنينة لينا حيدر، حين نبهته رئيسة المحكمة مانعة اياه من الكلام معها خلال الجلسة التي استمرت لأكثر من ساعة .

في بداية الجلسة اوضحت القاضية اسكندر بان المحكمة اخذت قرارها في طلبات الادعاء ومنها اعادة توقيف حيدر بعد تخلفها عن حضور الجلسة الماضية فاعتبرت ان هذا الامر غير قانوني وان المحكمة غير مختصة باعادة توقيفها وانما صلاحيتها تقتصر على محاكمتها غيابا بمثابة الوجاهي.

ثم استمعت المحكمة الى افادة رولا ابو صالح زوجة المغدور حول روايتها للحادثة فافادت بان زوجها حضر الى المطار حيث تعمل كمفتشة لاصطحابها الى المنزل. واثناء الطريق فوجئا بسيارة كيا بيكانتو تقودها فتاة شقراء تطلق ابواق السيارة من ورائهم. ولان زوجها لم يتمكن من افساح الطريق لتلك السيارة، تمكنت من الدخول بين سيارتين وبالتالي الى "كسر" السيارة باتجاههم حيث صدمت سيارة زوجها. وكان ذلك عند مدخل نفق سليم سلام حين اخبرها زوجها المغدور ان من في سيارة البيكانتو يضحكان فيما كان قد تسببا بمقتلهما.

وتتابع الزوجة تقول: اتصلت حينها برقم الطوارئ 112 واعطيتهم رقم السيارة ثم لحق زوجي بها لان هدفنا كان ان يتوقفوا بعد صدمنا. واضافت: عندما وصلنا الى طريق غير نافذ نزل طارق من السيارة وتوجه الى زوجي وبدأ بالصراخ وتوجيه الشتائم وكان بيده خنجر، ثم صفعني صفعة قوية "ما كانت صفعة انسان"، وعمد الى دفعي فوقعت على رأسه، وبوصوله الى زوجي في السيارة بدأ بغرز السكين في بطنه ورجله من كل قلب محروق، واثناء ذلك لم تحاول لينا ان تتدخل لتهدئة المتهم فيما نحن لم يكن بحوزتنا اي شيء للدفاع عن انفسنا. واكدت المدعية ان سيارة زوجها المرسيدس فقدت توازنها من جراء اصطدام سيارة البيكانتو.

وبسؤال المتهم عما يقوله فكرر اقواله السابقة واضاف بانه كان في حال سكر شديد وما ادلى به سابقا استقاه من شريط الفيديو الذي يوثق الحادثة والذي اطلع عليه من خلال الـ"يوتيوب". وبسؤال ممثل النيابة العامة القاضي كمال ابو جودة قال بان ما يذكره ان سيارته كانت لجهة اليمين فيما سيارة المرحوم على اليسار ومن الواضح اننا كنا نتجه من اليمين الى اليسار حين اصطدمنا بسيارة المرحوم.

وبعدما تليت عليه افادته امام قاضي التحقيق لهذه الجهة قال المتهم ان "المغدور اصطدم بنا مرتين او ثلاثة اثناء الطريق، وهنّي عم يتخايلوا وانا عم اتخايل".

كما كررت لينا حيدر اقوالها السابقة لجهة كيفية حصول الحادث، وقالت: "اذكر اني لم ار سيارة المرسيدس عندما وصلت الى منطقة الصيفي ولمحتها عندما اتيت من اليمين لانتقل الى خط اليسار. وقد عمد المرحوم الى اطلاق بوق السيارة وراح يشتمني وكان ذلك عند اول النفق حين اصطدم هو بي".

وسئلت عن سبب عدم توقفها بعد حادث الاصطدام فبررت ذلك بالقول بان طارق كان "معصّب" ولم اكن اريد ان يقع اشكال". وذكرّتها رئيسة المحكمة بافادتها الاولية التي قالت فيها ان المتهم كان هادئا ولا يتعاطى الحشيشة فاجابت: "عصّب عليي عندما وصلنا الى برج الغزال وقبل ذلك كان متشنجا ولم يكن واعيا وكان شربان كتير".

ونفت الظنينة ان تكون قد سلمت السيارة بعد الحادثة الى جوزف منصور لتبديل معالمها انما اتصل بي واعلمني ان السيارة في المرأب فتوجهت من منزلي بسيارة تاكسي واستلمتها. اما المتهم فذكر بان السيارة لم تكن معه بعد الحادث ولم يركنها في المرأب.

ثم استمعت المحكمة الى افادة الشاهد السوري احمد السوادي الذي يعمل ناطورا في مبنى في الجميزة حيث وقعت الجريمة فافاد بعدما كرر افاداته السابقة، بانه سمع صراخا في الخارج ورأى سيارة تقفل الطريق على سيارة اخرى ثم تمكنت من الخروج بعد اصطدامها بتلك السيارة، وقد شاهد المتهم من بعيد يضرب المغدور.

اما الشاهد علي الغول الذي يعمل حارسا امنيا في المبنى نفسه فافاد بانه شاهد المرحوم يحاول الهرب من امام المتهم ولا يذكر اذا كان المغدور يحمل شيئا في يده ولا يظن ذلك. وبعدما كرر افادته السابقة قال الشاهد بانه رأى "المدام" (زوجة المغدور) تتلقى صفعة على وجهها، وخلال "القتال" اقتربت سيارة البيكانتو وبداخلها فتاة التي ترجلت منها واقتربت من المتهم قائلة له: "خلص" فصفعها واظن بانه شتمها.

واكد الشاهد بان المتهم قال للفتاة "هلق انبسطي يا.."، وانه حاول الا ينظر الى المرحوم لانه كان مشمئزا اذ كان يوجه ضربات اليه حتى فقد وعيه للحظات وتابع ضربه على رأسه وانحاء جسمه. وانا لم احاول الاقتراب وكان صدمة كبيرة لي.

وبالاستماع الى افادة المؤهل اول ح.ص. اكد بان المتهم والظنينة ادليا بافادتيهما من دون اي ضغط او اكراه، ولفت الى انه اجرى تحقيقا حول سيار البيكانتو لجهة تبديل معالمها او لا حيث اصرت لينا حيدر على ان السيارة صُدمت من سيارة المرسيدس العائدة للمغدور وان جوزف منصور قال بان السيارة بقيت على ما هي عليه وعندما نقلت السيارة من امام منزل طارق الى المرأب فاما ان يكون طارق او في المرأب قد عدّلوا فيها انما نحن لم نتوصل الى نتيجة.

واوضحت رئيسة المحكمة ان القرص المدمج وتقرير مكتب الادلة الجنائية يظهران حالة السيارة.

وعلّق يتيم على ذلك موضحا بانه لم "نكن نعلن ان جريمة وقعت لان المرحوم توفي بعد يومين من الحادثة ولم يخطر ببالنا تغيير معالم السيارة".

( المستقبل)