إستناداً إلى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يحتلّ السعال المرتبة الأولى في لائحة الأمراض التي تدفع الأشخاص إلى إستشارة الطبيب. ما أهمّ أسبابه، وأيّ حلول فعّالة لإسكاته؟حتّى السعال القصير المدى قد يُشير إلى مشكلة صحّية يجب أن يُشرف عليها الطبيب. تعرّفوا اليوم إلى أهمّ العوامل المتّهمة بمعاناتكم السعال، وبذلك ستتمكّنون من تحسين وضعكم سريعاً:

نزلات البرد

السعال الممتدّ لثلاثة أسابيع أو أقلّ يحصل غالباً بسبب نزلات البرد. لسوء الحظّ، هذا السعال الذي يكون جافاً مع بعض المخاط قد يستمرّ لشهر أو أكثر بعد إختفاء سائر الأعراض. هذا الفيروس يهيّج النهايات العصبية للممرّات الهوائية، وقد تبقى حسّاسة لبعض الوقت.

لا يوجد علاج للعدوى الفيروسية، ما يعني أنه يجب الإنتظار إلى حين إنتهائها. إذا كان السعال جدّياً ولا تستطيع الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبّية تهدئته، قد يصف الطبيب علاجاً آخر. يُذكر أنّ مُزيلات الإحتقان أو البلغم تساعد أيضاً على جعل المخاط رقيقاً أكثر، وبذلك يمكن التخلّص منه بكمية أكبر عن طريق السعال.

تنقيط أنفي خلفي

إذا كنتم تشكون من سعال رطب أو جاف يدوم لثمانية أسابيع أو أكثر، من المحتمل أنكم تشكون من التنقيط الأنفي الخلفي المعروف بالـ"Post Nasal Drip"، أي تراكم المخاط في الجيوب الأنفية وتقاطرها في الجزء الخلفي من الحلق.

لا يوجد إختبار لرصد التنقيط الأنفي الخلفي، لكنكم قد تواجهون أيضاً سَيلان الأنف أو إحتقانه بسبب أعراض الحساسية أو نزلات البرد التي طالت مدّتها على سبيل المثال. وبما أنه شائع جداً، يحاول الأطباء غالباً معالجته حتّى إذا لم يتأكّدوا من التشخيص.

شطف الأنف بمياه مالحة يساعد على معالجة المشكلة، أو قد يوصي الطبيب بأخذ الستيرويدات أو مضادّات الهيستامين لخفض الإلتهاب. إنتبهوا جيداً إلى لون البلغم، فإذا كان أصفر أو أخضر يعني أنّ الجهاز المناعي قد تضرّر فعلاً، ما قد يرمز إلى وجود عدوى بكتيرية كإلتهاب الجيوب الأنفية الذي يستدعي الحصول على مضادات حيوية.

الربو

يظهر الربو عادةً على شكل صفير وضيق التنفّس. لكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون "Cough-variant Asthma"، فإنّ السعال الجاف والمستمرّ قد يشكّل العارض الوحيد. اللافت أنه يسوء غالباً خلال الليل، أو أثناء الرياضة أو بعد فترة وجيزة من ممارستها، أو عند إستنشاق الهواء البارد، أو التواجد بالقرب من مسبّبات الحساسية كغبار الطلع أو وبر الحيوانات الأليفة.

من المحتمل أن يُجري الطبيب إختبارات التنفّس لتشخيص الربو، أو يوصي بإستخدام جهاز الإستنشاق مرّتين في اليوم لأسابيع قليلة لمراقبة إنخفاض حدّة السعال. كذلك يمكن لمُضادات الهيستامين أو حقن الحساسية أن تلعب دوراً فعّالاً في هذا الصدد.

إرتجاع المريء

ترتبط هذه المشكلة الصحّية بنحو 25 في المئة من حالات السعال المُزمن. عندما يتدفّق الحامض إلى المريء مجدداً، يمكن أن يهيّج النهايات العصبية ويحفّز بالتالي السعال المستمرّ. لكن من الصعب تشخيصه، خصوصاً أنّ الحرقة لا تُصيب بالضرورة جميع الأشخاص الذين يشكون من إرتجاع المريء. السعال بعد تناول الوجبة الغذائية، أو الإستلقاء مساءً، أو الإستيقاظ صباحاً، أو بحّة متقطّعة في الصوت مُصاحبة بسعال، كلّها علامات قد تدلّ على إرتجاع المريء.

غالبية حالات إرتجاع المريء تكون سهلة العلاج نسبياً بفضل الأدوية المضادة للحموضة، غير أنّ حصولها مع سعال مُنتشر قد يكون أكثر صعوبة ويستدعي إستشارة الطبيب. كذلك إحرصوا على التخلّص من الكيلوغرامات الزائدة، ورفع الرأس أثناء النوم، بعدما أثبتت هاتان الطريقتان قدرتهما على تهدئة إرتجاع المريء.

الإلتهاب الرئوي

يؤدّي هذا المرض الجدّي إلى صعوبة في التنفّس، وينتج سعالاً يكون أحياناً مؤلماً. إذا احتوى السعال الكثير من الدم أو البلغم الأخضر، أو شعرتم بضيق في التنفّس، أو عدم الراحة في الصدر، تحدّثوا فوراً إلى طبيبكم. يُذكر أنّ إرتفاع حرارة الجسم والشعور بقشعريرة البرد يُعتبران من بين العوامل الأخرى المنبّهة.

تصوير الصدر بالأشعة السينية هي الطريقة الوحيدة للتأكّد من الإصابة بالإلتهاب الرئوي، غير أنّ ثمّة أطباء قد يشخّصونه من خلال الإستماع إلى الرئتين بواسطة السمّاعة الطبّية. غالبية الحالات لدى البالغين تكون بكتيرية، وتُعالج بالمضادات الحيوية.

حالات أخرى

يُذكر أنّ السعال قد يحصل أيضاً بسبب السعال الديكي، وهو مرض بكتيري حادّ مُعدٍ جداً بصدد العودة، مع أكثر من 18 ألف حالة سُجِّلت في أميركا عام 2015. أمّا بالنسبة إلى أنواع السعال التي لا تستجيب نهائياً للعلاج، فقد يطلب الطبيب من المريض الخضوع لتصوير الصدر بالأشعة السينية أو ما يُعرف بالـ"CT Scan" للرئتين أو الجيوب الأنفية للمساعدة على استبعاد أيّ حالات جدّية كمرض الإنسداد الرئوي المُزمن، أو سرطان الرئة.

أمّا إذا كان السعال يظهر فقط خلال بعض الأوقات أو الأماكن، فقد يرجع الأمر على الأرجح إلى الحساسية أو التحسّس على العوامل المهيّجة كالعفن، والتلوّث، والتدخين. لا تنسوا أيضاً الأخذ في الإعتبار الأدوية، بعدما تبيّن أنّ نحو 20 في المئة من الأشخاص الذين يأخذون مثبّطات "ACE" لعلاج حالات كضغط الدم المرتفع، يشكون من سعال جافّ.

(سينتيا عواد - الجمهورية)