يواصل رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري بصمت مشاورات تشكيل حكومته التي يأمل في الانتهاء منها قبيل عيد الاستقلال الموافق للـ22 من الشهر الجاري.

وبات هناك تخوف واضح من إمكانية أن يطول أمد التوصل إلى التوليفة الحكومية المنتظرة في ظل الحسابات المتضاربة بين الفرقاء وحتى الحلفاء.

وقد حرصت القيادات الحزبية اللبنانية في تصريحاتها على إعطاء جرعة تفاؤلية عن إمكانية التوصل قريبا جدا لإنهاء التركيبة الحكومية الملزمة بحفظ التوازنات الداخلية الدقيقة.

وأعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال لقاء الأربعاء النيابي، عن أمله “في الإسراع بتشكيل الحكومة قبل عيد الاستقلال”.

وقال بري “هناك رغبة جدية في تأليفها في أسرع وقت ممكن للانصراف إلى العمل، ولا سيما العمل من أجل إقرار قانون جديد للانتخابات ومعالجة الملفات الحيوية المطروحة”.

من جانبه شدد رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة على “ضرورة العمل قدر المستطاع من أجل تيسير عملية تأليف الحكومة ولا سيما أنها محدودة بالوقت بالنظر إلى موعد إجراء الانتخابات النيابية”.

واعتبر السنيورة أن من المهم أن “تتألف الحكومة بسرعة ويكون لديها برنامج عمل جزءا من برنامج متكامل حتى نعرف ما هي الفترة الزمنية المتاحة أمامها”.

ويرى محللون أن تصريحات القيادات اللبنانية الداعية إلى ضرورة التسريع في تشكيل الحكومة، غير كافية، فلا بد من عمل فعلي وتنازلات من جميع الأطراف.

وتعبر مسألة تمثيل المسيحيين في الحكومة أحد المطبات الرئيسية التي تعترض رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري حيث يصر رئيس مجلس النواب نبيه بري على ضرورة عدم حصر هذا التمثيل بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر (خاصة في الحقائب الوازنة)، مشددا على ضرورة أن يكون هناك حضور لكل من تيار المردة وحزبي الكتائب والقومي السوري في التشكيلة الحكومية.


فؤاد السنيورة: ضرورة العمل قدر المستطاع من أجل تيسير عملية تشكيل الحكومة
ومعروف أن الأحزاب الثلاثة لم تصوت كما هو الحال بالنسبة إلى بري للعهد الجديد، ووفقا للتسريبات فإن هناك اتفاقا عونيا قواتيا مسبقا على أن يكون لهما نصيب الأسد من حصة المسيحيين في الحكومة.

وأثار موقف بري حفيظة زعيم القوات سمير جعجع الذي رد في تصريحات صحافية بأن رئيس حركة أمل يحاول أن يبدو في موقع “أب كل المحرومين والمظلومين في البلد”.

ورفض جعجع محاولات البعض، في إشارة إلى أمل والمحيطين بها، إظهار القوات كما لو كانت “جائعة” وتعمل على التهام الحقائب الوزارية.

وكانت القوات قد لعبت دورا مهما في الدفع بولادة العهد الجديد، حيث كان سمير جعجع من أول الأطراف في فريق 14 آذار الذي أعلن دعمه لتولي ميشال عون منصب رئاسة الجمهورية.

وقد لعب دورا مهما في إقناع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بدعم هذا الخيار بعد انسداد الأفق أمام باقي الخيارات.

وعلى ضوء ذلك تتصرف القوات على أساس أنه لا بد من أن تكون لها حصة وازنة من الحكومة، إلا أن بري في المقابل يرى أن وزنها النيابي لا يخول لها ذلك.

ويرى متابعون أن هذا الاستهداف من طرف بري للقوات مرتبط أساسا بمسألة وزارة المالية التي تعتبر حقيبة سيادية وتطالب بها القوات وحتى تيار المستقبل.

ويعتبر بري أن هذه الحقيبة الوزارية بالذات هي حكر على الطائفة الشيعية، وأنها كما بعض المناصب العليا في الدولة لا يشملها مبدأ المداورة.

وقد أكد بري في وقت سابق أن هناك إشكالا كبيرا حول المالية، إلا أنه لفت إلى أنه بالإمكان التوصل إلى حل يرضي الجميع.

ويتوقع البعض من المتفائلين أن يتم تذليل هذه الخلافات والمطبات التي تعترض الإنجاز الحكومي في الساعات المقبلة، لافتين إلى وجود إدراك من معظم الأطراف أن تأخير الإعلان عن الحكومة ليس في صالح أحد لعدة أسباب، لعل أهمها أن لا أحد يرغب في انتكاسة الاندفاعة الإيجابية التي تحققت بانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس للوزراء، فضلا عن وجود استحقاقات لا تقل أهمية على غرار الانتخابات النيابية التي بات موعدها ضاغطا على جميع الأطراف.

وأخيرا وليس آخرا أن سرعة تشكيل الحكومة من شأنه أن يعزز ثقة المجتمع الدولي بالعهد الجديد، ويفتح معه صفحة جديدة من التعاون والدعم الذي يحتاجه لبنان بشدة نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه في ظل وجود أكثر من مليون لاجئ سوري على أراضيه.

وكانت أنباء قد تحدثت عن توجه فرنسي لعقد مؤتمر خاص لدعم الاقتصاد اللبناني.

صحيفة العرب