يسابق رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري الزمن لتشكيل حكومته قبيل عيد الاستقلال في الثاني والعشرين من هذا الشهر، في مقابل ذلك يسجل على الساحة اللبنانية سباق من نوع آخر عداؤوه من الشق المحسوب على “الخط الممانع” الذي يعمل على تسويق أنه عراب التسوية السياسية التي أفضت إلى بزوغ عهد جديد في لبنان.

وتندرج زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للبنان، والتي انتهت الثلاثاء بلقاء كل من الحريري في بيت الوسط، ورئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، ورئيس الحكومة المؤقت تمام سلام في السراي الحكومي، وأمين عام حزب الله حسن نصرالله، في إطار عملية الإيحاء بأن الجانب الإيراني كان له الدور الأساس في الانفراجة التي يشهدها لبنان.

وصرح ظريف عقب لقائه بالرئيس سعد الحريري بأن “إيران عازمة على التعاون في كافة المجالات مع حكومة تصريف الأعمال الحالية والحكومة التي ستبصر النور قريباً”، مشيراً إلى أن “إيران منفتحة على لبنان وستدعمه”.

وقال ظريف “إننا تحدثنا مع الحريري عن مختلف الأزمات الأقليمية حيث شددنا على ضرورة تقارب وجهات النظر السياسية بين مختلف الجهات لإيجاد الحلول المناسبة”، متمنيا “أن يشهد لبنان كما شهد النجاح في مجال الاستحقاق الرئاسي، تشكيل حكومة جديدة لمصلحة لبنان والشعب اللبناني”.

وهذه أول مرة يلتقي فيها الحريري بمسؤول إيراني منذ عام 2010 حين التقى الرئيس محمود أحمدي نجاد آنذاك في طهران.

ولا يتعدى لقاء الحريري بظريف الجانب البروتوكولي بحكم موقعه الجديد، وفق متابعين.

ومعروف عن الحريري انتقاداته المتكررة لمساعي إيران وحزب الله (ذراعها في لبنان) ضرب استقرار المنطقة، وقد حملهما مرارا المسؤولية الكبرى عما يحدث في اليمن وسوريا.

ولكن الحريري اليوم يريد أن يرسل رسالة مفادها أن محور اهتمامه الرئيسي هو ضمان انطلاقة ناجحة للعهد الجديد في لبنان، طبعا مع تأكيده على أن البوصلة تبقى الانتصار لمحيطه العربي.

وكان ظريف قد بدأ زيارته، التي رافقه فيها وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى، بلقاء الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون، لتهنئته بالمنصب والتأكيد على انفتاح إيران على العهد الجديد.

وسبقت زيارة وزير الخارجية الإيراني لقصر بعبدا، زيارة أداها موفد عن الرئيس السوري، منصور عزام، الذي أكد حرص بشار الأسد على نجاح العهد الجديد الذي يحسب على ما اعتبره شق “المقاومة”.

وانتخب البرلمان اللبناني عون رئيسا للجمهورية يوم الاثنين الماضي مُنهيا بذلك 29 شهرا من الفراغ في سدة الرئاسة تَلِيَه تكليف الزعيم السُني سعد الحريري بتشكيل الحكومة.

وقد حرص الجانب الإيراني على أن يكون أول المهنئين بوصول عون، هو والنظام السوري، رغم أن طهران كان لها دور معطل لوصول الرئيس العتيد على مدار العامين ونصف العام، بشهادة معظم الساسة اللبنانيين.

واليوم، ومن خلال جولته، أراد ظريف الإيحاء للداخل كما الخارج بأن خطها هو من انتصر في لبنان مع أن المتابعين للمشهد اللبناني يقولون إن سر النجاح المسجل يكمن في أن الصيغة التي أخرجت بها التسوية تنبني على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب” سواء أتعلق الأمر بفرقاء الداخل أم بفرقاء الخارج.

ويرى مراقبون أن ما تقوم به طهران والرسائل التي تبعث بها، سيعقدان مهمة العهد الجديد، الذي هو ملزم إذا ما أراد تحقيق النجاح باتخاذ مسافة من القضايا الخلافية في المنطقة، مع تكريس انتمائه لمحيطه العربي والذي ضمنه عون في خطابه حين أكد التزامه بميثاق جامعة الدول العربية.

وكان سعد الحريري وقبل ساعات قليلة على لقائه بظريف، قد أكد “أن تولي العماد ميشال عون سدة رئاسة الجمهورية، والحكومة العتيدة الجاري تشكيلها يمثلان فرصة لتجديد التأكيد على هوية لبنان العربية وإعادة الزخم والحرارة إلى علاقات لبنان بأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي”.

جاء ذلك خلال استقباله وفدا من سفراء دول مجلس التعاون الخليجي ضم كلا من سفراء الإمارات حمد سعيد الشامسي، والكويت عبدالعال القناعي، وقطر علي بن حمد المري، والقائم بالأعمال السعودي وليد البخاري، والقائم بأعمال سلطنة عمان خالد بن علي حردان.

واعتبر الحريري أن “دول مجلس التعاون الخليجي تشكل المدى الحيوي الاقتصادي للبنان، لما توفره من فرص عمل للبنانيين وأسواق لصادراتهم ومصادر للاستثمارات المباشرة في لبنان وروافد أساسية للسياحة فيه، إضافة إلى أن الحكومات الخليجية وصناديقها التنموية هي المصدر الأول تاريخيا للمساعدات والتمويلات الميسرة لمشاريع إعادة الإعمار والتنمية في لبنان”.

وأوضح رئيس الحكومة المكلف أن “لبنان الذي يتطلع إلى مساعدة المجتمع الدولي عموما على مواجهة أعباء النزوح السوري وإعادة إطلاق عجلة التنمية في اقتصاده، يعلم بأن المحرك الأول لهذه المساعدات كان وسيبقى مجلس التعاون الخليجي ودوله وحكوماته وقياداته، ورهاني شخصيا هو أن سُحُب الصيف التي عبرت سابقا، قد ولت إلى غير رجعة في العلاقات الأخوية بيننا”.

صحيفة العرب