يبدو أن أسماءنا تلعب دوراً في الطريقة التي يرانا بها الآخرون، ففي العام 2013 اعترفت الكاتبة كيتي هوبكينز بربط أسماء الأطفال بالصورة النمطية عن أصلهم الطبقي، وقالت إنها فضّلت أطفالاً بأسماء فيكتورية جيدة من الطراز القديم، أو تلك التي لها أصل لاتيني أو إغريقي، كرفاق لأطفالها.

على الرغم من الغضب الذي أثاره ذلك الأمر، ثمّة عدد كبير من الدراسات التي تشير إلى أن تلك العادة ربما تكون منتشرة أكثر مما قد نرغب في الاعتراف به.

وبحسب موقع BBC، أجرى ديفيد فيجليو، مدير معهد أبحاث السياسة في جامعة نورث وسترن، دراسات عديدة باحثاً عن تأثير الأسماء.

بحث في البداية عن مشاركين لكي يُحدد خصائص الأسماء التي كانت مرتبطة بالطبقة العاملة، أو ذوي البشرة السمراء في أميركا.

وأوضحت نتائج البحث أن المقطع "إيشا" كما في لاكيشا، يميل للارتباط بالطبقة الفقيرة، كما تفعل الفاصلة الموجودة في (Du’Quan) على سبيل المثال.

ثم قارن بعد ذلك أزواجاً من الأشقاء، أحدهم باسم من أسماء الطبقة العاملة والآخر باسم من أسماء الطبقة الوسطى، ووجد أن الأطفال الذين تبدو أسماؤهم كما لو كانت تنتمي للطبقة العاملة، يؤدون بشكل أسوأ في المدرسة عن أولئك الذين تبدو أسماؤهم من الطبقة الوسطى.

يقول فجيليو، "لا يرجع هذا فقط إلى أنَّ العائلات المنتمية للطبقة العاملة تُعطي أطفالها أسماءً تنتمي للطبقة العاملة"، ولكن بسبب التوقعات المجتمعية المرتبطة بالعلاقة الضمنية للطبقة المنتمي لها الاسم.

يُمكن استمرار هذا التأثير فيما بعد مرحلة المدرسة، حسب ما أكدته دراسة تبحث في الطلبة الذين يرتادون جامعة أوكسفورد، إذ قارَن غريغوري كلارك الأسماء الأولى لـ 14000 طالب في الجامعة ما بين العامين 2008 و2013 مع السكان العاديين.

ووجد أن معدل وجود اسم إليانور في أكسفورد يزيد ثلاثة أضعاف عن المتوسط، ومرتبط بشكل متقارب مع بيتر، وسيمون، وآنَّا، وكاثرين. وأسماء مثل شين، وشانون، وبيج، وجاد، كانوا أقل حظاً، كما أن عدد أسماء "جايدز" كان أقل بنسبة واحد على ثلاثين من المتوسط.

وبعيداً عن الطبقات، تتأثر حظوظ حياتك أيضاً بمدى سهولة نطق اسمك ممن حولك.

طريقة نطق اسمك تؤثر على مستقبلك


كشفت إحدى الدراسات أن الطلبة كانوا يعتبرون أن نُطق المدرسين لأسماء الطلبة بشكلٍ خاطئ يعد "اضطهاداً عنصرياً كبيراً"، وبعد استطلاع عينة من 49 شخصاً بالغاً، ممن كانوا على الأغلب أميركيين من أصول آسيوية، وسؤالهم عن خبرتهم السابقة في المدرسة، وُجد أن كثيرين تعرضوا لاضطهاد عنصري كبير في المدرسة متعلق باسمهم، بما فيه نُطق المدرسين لاسمهم بشكل خاطئ، وفي بعض الحالات أدى هذا إلى إحساسهم بالعزلة والقلق.

يقول فيجليو إن آثار هذا يمكن أن تستمر لما بعد أول نُطق للاسم من سجل الفصل، الحقيقة أن تأثير الاسم يظهر في ظروف التعليم، حتى بعد أن يمر المدرسون بعدة فرص للتواصل مع طلابهم، مما يدفع للاعتقاد بأن هذا الحكم المبني على الاسم يخبو ببطء.

في الواقع يمكن لهذا الأثر أن يستمر حتى مرحلة البلوغ، حسب ما توصل إليه باحثان، أرسلوا مجموعتين من السير الذاتية إلى جريدة إعلانات وظائف في بوسطن وشيكاغو، ومُنح النصف "اسماً يبدو لأصول بيضاء" وهو ما أعطته الورقة البحثية أمثلة مثل إميلي والش وغريغ بيكر، ومُنح النصف الآخر أسماءً "تبدو لأصول أفريقية"، مثل لاكيشا واشنطن أو جمال جونز.

سجل الباحثان النتائج للمرشحين الوهميين، ليجدوا أن إيملي وجريج كانت فرصهما للحصول على مقابلة عمل ضعف فرص لاكيشا وجمال.

تأثير البوبا/كيكا


بعيداً عن هذه العنصرية الضمنية، والظلم الطبقي، فإن الوقع السماعي العشوائي لاسمك قد يستحضر بعض الخصائص، إذ يُستقبل اسم "مولي" بطريقة مختلفة عن "كاتي"، مثلاً، يعود هذا إلى الطريقة التي تلتف بها المقاطع حول اللسان، كيف ذلك؟

من المعروف أننا نربط حروف وكلمات معينة مع أشكال حادة، وأخرى مع أشكال مستديرة، نربط كلمة "بوبا" بحدود ناعمة، مقارنة بالاسم الأكثر حدة "كيكي" على سبيل المثال.

يتعدى هذا إلى أسمائنا، حسب ما اكتشف باحثون من جامعة كالغاري في كندا، سُئلت مجموعة من الناس عما إذا كانت أسماء بعينها تجعلهم يفكرون في أشكال حادة أو ناعمة، وقورنت النتائج مع تأثير بوبا/كيكي.

وكما أشار البحث السابق، كانت الأسماء التي بها حرف B أو U مرتبطة أكثر بالاستدارة، وارتبط حرفا K , I مع الحدة، كما تضمنت الأسماء التي تبدو مستديرة ليو، ومولي، وناثان، وسامانثا، بينما تاي، وكيرا، وكيتي كانت مرتبطة أكثر بالحدة.

وجد الباحثون عقب ذلك أن المشاركين ربطوا الأسماء المستديرة بصفات أنثوية، والأسماء الحادة بصفات ذكورية، مما يعني أنَّه كانت هناك صلة بين الأسماء ونوع الإنسان.

وتعدى الأمر إلى أنواع الشخصيات، إذ اُعتبرت الأسماء المستديرة قابلة للتكيف، وبسيطة، ومنفتحة، وودودة، ومرحة، وانطوائية، بينما الأسماء الأكثر حدة كانت تُعتبر أكثر عدوانية، وغضباً، وإصراراً، وتعكر مزاج، وسخرية.

على أي حال، وضع الباحثون نزعتنا تجاه خلط الآراء التي نملكها عن الناس الذين نعرفهم مع أسمائهم. ومن بين 32 مشاركاً، اعترف 24 بالتأثر بعلاقات قائمة أثناء الدراسة، مما قد يكون له بالغ الأثر على النتائج في حد ذاتها.

أسماء عائلاتنا تحدد أشكالنا


قد تكشف ألقاب عائلاتنا أيضاً عن صفاتنا الجسمانية، مما يُرجح أننا قد ورثنا أنواع البناء البدني من أجدادنا، الذين يُرجح أنَّ تسميتهم جاءت بناءً على حِرَفِهِم.

سأل الباحثون أكثر من 200 شخص ممن لقب عائلتهم تايلور أو سميث (وهو اسم يسمى به الحدادون في الأساس) عن عمرهم، وطولهم، ووزنهم، بالإضافة لقدراتهم فيما يتعلق برياضات القوة والتحمل.

وفحصوا أيضاً ترتيب الرجال خلال سنة في فعاليات الحلبة والميدان بالجمعيات الرياضية بكلٍ من المملكة المتحدة، والنمسا، وألمانيا.

في غضون ذلك، توصلوا إلى أن أصحاب اسم تايلور يميلون إلى قصر القامة، وخفّة الوزن، وصغر الكتلة مقارنة بسميث.

ويميل أصحاب اسم سميث إلى اعتبار أنفسهم مناسبين أكثر للمِهن والألعاب الرياضية التي تتطلب قوة، ويزيد تمثيلهم في ألعاب القوّة، بينما يزداد تمثيل تايلور في ألعاب قوة التحمل، والتي تتطلب جسماً ووزناً أخف.

أياً كان الاسم الذي مُنح لنا عند الميلاد، ما يهم أكثر هو الطريقة التي نتعلم بها كيفية التعامل معه، يكشف بحث فيجليو أنَّ الأولاد الذين يحملون أسماء بنات، يقعون في مشاكل أكبر من الأولاد الحاملين أسماء تقليدية لذكور، وأنَّ هذا الفرق يظهر بشكل خاص في حالة ما إذا كان بالفصل بنت تحمل نفس الاسم.

كما يكشف عن أن قضية تأثير أسمائنا على قَدَرنا في مثل هذا العمر الصغير، تُعدُّ مثيرة للقلق بشكل خاص، لكنها مُشكلة يزداد الانتباه لها.

مزح الرئيس باراك أوباما ذات مرة بخصوص اسمه الأوسط "حسين" قائلاً "لقد أخذت اسمي الأوسط من شخص يبدو بكل وضوح أنَّه لم يتخيل أنني سأترشح للرئاسة".

(هافينغتون بوست)