لم يعد البحث في أرقام أو عدد عناصر «حزب الله» الذين يسقطون في سوريا، يُجدي نفعاً ولا منفعة، ولم يعد له تأثير كبير داخل قيادة حزب لا تريد أن تعترف بهزيمتها أمام شعب قرّر الذهاب إلى الموت، لكن على طريقته ودفاعاً عن وطنه. عناصر يسقطون في كل يوم، يرحلون دفاعا عن أنظمة لا تعرف غير القتل طريقة للتخلص من عارها ومن استبدادها وظلمها. 

سقوط عناصر من «حزب الله» في سوريا، في ارتفاع مُستمر وتبدّل دائم بين لحظة وأخرى، وكأنها بورصة قتل تأبى أن تستقر على حال واحد. معضلة غاية في الصعوبة تعجز عن حلّها القيادة على خطي بيروت ـــــــ سوريا والعكس، وما يصعب على هذه القيادة إخفاؤه، تتكفّل به مواقع حلفاء الحزب الإخبارية وبقيّة من عناصره تحوّلوا بدورهم إلى مصدر يمكن الركون اليه في عمليّة الكشف عن الأسماء والاعداد. خلال أقل من اسبوع، شيّع الحزب أكثر من سبعة عناصر سقطوا في سوريا، حاول الحزب خلالها «الإفراج» عن أسماء هؤلاء العناصر على دفعات، لكن عددا من المواقع الخاصّة التي تنتمي إلى بيئته، كانت أسرع في الكشف عنهم وعن بلداتهم وحتّى عن ألقابهم العسكرية. 

ظنّ أهالي عناصر «حزب الله» أن «موجة» الموت التي أتتهم من سوريا والتي أنهكتهم وأهلكتهم خلال فترة لا تزيد على اسبوع، قد انتهت أقلّه لفترة طويلة، لكن سرعان ما تبيّن العكس، فالموت الذي يأبى أن يُفارق هذه البيئة أردف لها خلال يومين فقط مجموعة شبان آخرين أفيد عن سقوطهم في سوريا في معارك حلب. 

العناصر الذين سقطوا خلال اليومين المنصرمين هم: حسن حسين حوماني من بلدة حاروف، حسن علي عبد الله «ابوتراب»، حسين عدنان شقير ومحمد علي هزيمة من ميس الجبل، يوسف محمد نصرالله من مدينة صور وعلي الطويل. كما شيّع الحزب بالتزامن جعفر رامز حمية «ابو علي» من بلدة طاريا، موسى الزيات من بلدة برج الشمالي، علي الرضا الحاج حسن، علي صادق صادق، علي سعيد سلمان من بلدة مجدل زون، علي حسين ديراني من بلدة شقرا، علي سعيد سلمان «باقر» من بلدة مجدل زون، محمد مصطفى مظلوم «جلال» من بلدة بريتال وعباس مصطفى ياسين. وفي وقت سُرّبت فيه معلومات من داخل بيئة الحزب، تتعلّق بسقوط مجموعة من العناصر في سوريا سيتم تحديد أسمائهم وبلداتهم خلال الساعات المقبلة، ذكرت مواقع تابعة للمعارضة السورية، سقوط ما لا يقل عن ثلاثين عنصراً من «حزب الله»، بالإضافة إلى أسر عدد منهم. ويُذكر ان الحزب نفى منذ أيّام، أن يكون أحد من عناصره، وقع في الأسر. 

يترك حجم سقوط عناصر «حزب الله» المتزايد يوما بعد يوم جوانب كثيرة معقدة في صفوف قاعدته الشعبية التي من الواضح أنّها تتأثّر بشكل كبير بحجم الخسائر التي تردها على الدوام والتي غالباً ما تكون من أبناء أو أشقّاء أو أقرباء منضوين في صفوف الحزب الذي اختارهم بدوره للقتال في سوريا. تحار هذه القاعدة في صمت قيادة الحزب عن المعلومات التي تتحدث عن حجم هذه الخسائر والتي تدّعي على الدوام بأنها «ملفقة». تُعبّر هذه القاعدة داخل الاحتفالات الحزبية خصوصاً في القرى، عن مدى إنزعاجها من الأرقام الخيالية التي وصلت اليها الخسائر البشرية والتي قيل إنها وصلت إلى حدود الألفين وخمسمائة عنصر معظمهم إمّا قادة من الصف الثاني في «المقاومة»، وإمّا صغار السن ما دون السادسة عشرة. وقد سُربت معلومات، أن من بين الشبان الواردة أسماؤهم في الاعلى، ثمة اثنان على الأقل لا يتجاوزان السابعة عشرة. 

ما يجري في بيئة «حزب الله» اليوم وتحديداً لجهة سقوط هذا الكم الهائل من العناصر في سوريا، لم يصل بالتأكيد إلى اهتزاز ثقتها بالحزب، لكنه يترك آثاراً بالغة في نفوسهم تولّد لديهم انطباعات تشي بفترة ضبابية مُقبل عليها «حزب الله» من الصعب أن يتمكّن فيها من تحديد الأرض التي يقف عليها أو حمايتها، أو على الأقل تخفيف النزف البشري الذي يُلاحقه منذ دخوله الميدان السوري. مصادر على اطلاع واسع بما يجري داخل «كينونة» الحزب، تتوقع سقوط المزيد من عناصره في سوريا خلال الفترة المقبلة، نظراً لحالة التفلّت والتخبط التي يُعاني منها على كافة المستويات، الامنيّة منها والعسكرية والمادية والسياسية. وقد بدأ هذا القلق يُخيّم على بيئة الحزب وجمهوره في لبنان وعلى حلفائه أيضاً خشية استعادة الفصائل السورية المسلحة، فرض سيطرتها على الميدان في حلب، وفعلاً هذا ما ظهر خلال اليومين المنصرمين حيث تمكنت المعارضة من توجيه ضربات قاسية للحزب والنظام في بعض مناطق حلب، كما ظهر كمّ كبير من الرسائل الصوتية التي أرسلها مقاتلو الحزب إلى ذويهم وأقاربهم وأصدقائهم، يطلبون منهم، الإكثار من الدعاء والصلاة لهم في هذه الظروف الصعبة. 

 

بقلم علي الحسيني /  المستقبل