أجرى فريق طبي سوري بقيادة الدكتور أنور الحسنية أول عملية مجهرية ترميمية لنقل الإصبع الثانية من القدم مكان إبهام اليد المبتورة في "مستشفى المواساة الجامعي الحكومي" في دمشق. أجريت العملية الجراحية للشابة هدى عبد الهادي (18عامًا) بسبب تأذيها من انفجار أدى إلى بتر أصابع يدها على مستوى منتصف المشط.

يشرح أخصائي الجراحة التجميلية والترميمية أنور الحسنية لـ "السفير" تفاصيل العملية قائلاً: "كان أمامنا احتمالات عدة إما ترك الوضع على حاله فتتأقلم المريضة على العيش بيد واحدة، أو وضع يد صناعية لمجرد تحسين الشكل الخارجي، أو وضع يد صناعية متحرّكة تكلفتها عالية جداً قد تصل إلى عشرين مليون ليرة سورية وإجراءاتها معقدة وغير متوفرة حالياً، لذلك ارتأينا إقامة جراحة ترميمية ونقل إصبع من القدم إلى اليد، وهي العملية الأولى من نوعها التي تُقام في سوريا".

قام الفريق الطبي بنقل إصبعين: الإصبع الثاني من القدم اليمنى لزرعه مكان الإبهام في اليد اليمنى، فوظيفة الإبهام تعادل وظيفة نصف الأصابع، إضافة إلى نقل الإصبع الثاني من القدم اليسرى لوضعه مكان الإصبع الثاني أو الثالث من اليد نفسها، ليصبح باستطاعة المريضة الأكل والشرب والكتابة. يشرح الحسنية أن حركة المشي لا تتأثر لدى المريضة "عملياً يمكن للإنسان أن يمارس حياته الطبيعية بأربع أصابع في القدم، فحركة المشي تعتمد على القدم ورؤوس الأمشاط وخصوصًا مشط أصبع الإبهام، أما من الناحية الجمالية، فعند استئصال الإصبع نسدّ الفراغ لتصبح القدم طبيعية الشكل".

في هذا النوع من العمليات لا بدّ من تهيئة المريض لتفاصيل العمل الجراحي. "عملنا على تحضير المريضة نفسياً، ففي هذه الحالة لا نبحث عن تعويض الشكل الجمالي لليد بل عن تعويض الوظيفة، كما عملنا على حركة مشط الإبهام لتتمكّن من تحريك الإصبع المنقول".

استمر العمل الجراحي ثماني ساعات متواصلة، فالدقة البالغة للعمل الجراحي تحتاج وقتًا، ووصلُ الشريان والوريد والأعصاب يحتاج إلى مجهر مكبّر بشدة. "قِطرُ هذه الأوعية لا يتجاوز الميليمتر الواحد في أحسن الأحوال، لذلك نحن بحاجة لتكبير بالمجهر 40 مرة للقيام بعملية الوصل، يتم الوصل تحت المجهر بخيوط دقيقة لا ترى بالعين المجردة، في المرحلة الأولى لا تستطيع المريضة تحريك الإصبعين لأننا نضطر لتثبيت العظم بأسياخ، بعد نزع الأسياخ نقوم بتدريب الشابة على تحريكها بطرق متعدّدة".

العمل الجراحي ناجح من الناحية التقنية بحسب الحسنية، لكن هذا النوع من العمليات يتطلب أشهرًا لينسجم الطرف مع الأنسجة المحيطة وحينها يمكن أن نحصد النتيجة النهائية. "العملية دقيقة جداً ونادرًا ما تُجرى في الوطن العربي، نحن الآن في سوريا بحاجة إليها لمساعدة من فقدوا أجزاء من أجسادهم جراء الحرب".

من جانبها، تقول والدة المريضة في حديثها لـ"السفير": "إجراء العملية كان الحل الأمثل لتتمكّن هدى من استخدام يدها خصوصًا أن إصابتها في اليد التي تعتمد عليها بشكل رئيس في الحركة، هي في حالة جيدة، وتحتاج بعض الوقت لتلمس النتائج بشكل فعلي".

(السفير)