طالَ أمدُ الشغور الرئاسي ليُقارب العامين ونصف العام، وهو وقت ليس بقصير، ما دفع بعض الفرقاء السياسيين، ومنهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، إلى إطلاق مبادرات هدفها الوصول بهذا الملف الى خواتيمه السعيدة. وبعد تبنّي الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون، كانت جولة لجعجع على الرابية و»بيت الوسط»، مؤكداً أنّ مرحلة الفراغ قاربت الانتهاء.حلّ جعجع على الرابية ضيفاً غير منتظر ومن دون دعوة، فوصَل مع موكبه برفقة رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» ملحم الرياشي، مفاجئاً الجميع. سارع عون الى استقبال جعجع، وبعدها بوقت قصير حضر النائب ابراهيم كنعان لينضمّ الى الخلوة التي استغرقت ساعة ونصف الساعة.

هذه الزيارة المفاجِئة أتت ضمن الخطة التي وضَعها جعجع لمواكبة دعم ترشيحه لعون الى أقصى حدّ.

«الجلسة كانت ودّية»، هذا ما يؤكّده مصدر قواتي، قائلاً: «تطرّق المجتمعون في هذه الخلوة الى أهمّية التوافق المسيحي الذي زادنا قوة، خصوصاً بعدما تراكمت إيجابيات اتفاق معراب في 18 كانون الثاني الماضي حتى اليوم، أي منذ تبنّي جعجع ترشيح عون.

بعدها جرى تقويم للمسار الرئاسي، حيث عرض المجتمعون الإحصاءات و»البوانتاجات»، من حيث توزيع أصوات النواب المؤيّدين لعون والمعارضين له».

أما بالنسبة إلى الرسائل والشروط التي حمَلها جعجع إلى عون والاتفاق على حصص وزارية معيّنة، فينفي المصدر القواتي الأمر، مشدّداً على أنّ «كلّ ما يتداوله الإعلام غير صحيح، فجعجع لم يُشارط عون على أيّ حقيبة وزارية.

و«القوات» انطلاقاً من مبادئها تُصرّ على إنهاء الشغور في المركز الرئاسي المسيحي الوحيد في الشرق، ويهمّها مصلحة اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً».

ويلفت المصدر الى أنّه «حتى الساعة، نرى أنّ حظوظ عون الرئاسية ما كانت لترتفع، أولاً لولا تنازل جعجع عن حقّه في الترشح الى الرئاسة لتبنّي ترشيح عون الذي يُعتبر رئيساً قوياً، ويملك أكبر حيثية مسيحية بإجماع أكبر قوّتين مسيحيتين حول شخصه، ناهيك عن ثقله في المجلس النيابي وفي الحكومة العتيدة.

وثانياً، لولا دور جعجع الذي ساهم في جعل الحريري يتبنّى ترشيح عون. ولاكتمال هذه الصورة، لا يزال عون يحتاج إلى نيل دعم بقية حلفائه بعد تأييد «حزب الله» أمس.

بعد زيارته إلى عون، وصل جعجع مساءً الى «بيت الوسط» بناءً على موعد مسبق، وكان الحريري ينتظره على المدخل الرئيس، حيث قال جعجع للصحافيين الموجودين في المكان لمواكبة الحدث «رجعنا ورجعت ليالينا».

بعد اجتماع أوّلي مع الحريري، عقد جعجع مؤتمراً صحافياً ثمّ توجّه إلى طاولة العشاء بمشاركة رياشي والنائب السابق غطاس خوري، ومدير مكتب الحريري نادر الحريري، ومستشاره الإعلامي هاني حمود.

وفي السياق، يشير المصدر القواتي الى أنّ «جعجع شرَح للحريري أهميّة وصول عون الى الرئاسة مدعوماً من كتلتي «المستقبل» و»القوات». وكما حصل في الرابية، شهدت طاولة عشاء «بيت الوسط» إحصاءات دقيقة ومفصّلة لجهة توزيع أصوات النواب لصالح عون. «وقوّم المجتمعون العملية الانتخابية، والمشاكل التي قد تعترض مسارها، وكيفية العمل على حلّها».

وعن السبب الذي جعل الحريري يتخلّى عن تبنّي ترشيح النائب سليمان فرنجية لمصلحة عون، يوضح المصدر أنّ «في ظلّ التجاذبات الحاصلة، وجَد الحريري أنّ حظوظ وصول فرنجية الى الرئاسة غير متوافرة، وهو بخطوته هذه، ضحّى برصيده الشخصي في الشارع السنّي من أجل إنهاء الشغور، لأنّ بذلك مصلحة لجميع اللبنانيين، ولكشف الذين يريدون استمرار الوضع على حاله».

الشغور الرئاسي والخروج منه، هو مطلب أساس لجميع اللبنانيين الذين يتوقون الى وجود رئيس في قصر بعبدا، ما ينعكس إيجاباً على الوضع اللبناني في كلّ مستوياته. وما شهده هذا الملف من حراك حتى الآن، يُعتبر خطوة إلزامية وضرورية للوصول الى الخاتمة السعيدة، حيث يكشف المصدر القواتي: «إذا دعت الحاجة، سيلتقي جعجع في الأيام المقبلة زعماء آخرين قد يلعبون دوراً في موضوع الرئاسة».

 


جنى جبّور | الجمهورية