قال الإمام علي (ع):" لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حرّا"، من الواضح أن الإنسان عندما يُغرب بوجهه وعقله صفحاً عن أوامر الله سبحانه وتعالى ويعتبر ذلك حقّا فقد عبد هواه. إذْ أنّ أحد المعاني المعروفة للعبادة هو الطاعة. فالعبادة للغير أن يملأ الإنسان قلبَه حبّاً وطاعةً وانقياداً ويسخّر كل إمكانيّاته وطاقاته وما منحه الله من إرادة وحريّة وقوّة لعبادة غيره كرمى لإرضائه والتقرّب منه. وأيّا يكن هذا الغير بشراً، حجراً، صنماً، أو طاغوتاً، أو إلهاً من آلهة الأرض وجبروتها ممن أحكموا قيد الخناق على أنفسهم من خلال ممارساتهم وأعمالهم وجعلوا على رقابهم القيود والسلاسل والأغلال للوصول إلى ما يريدون ويشتهون لإرضاء أهوائهم وتأمين مصالحهم. ووطّنوا أنفسهم أن يكونوا عبيداً أذلّاء للدنيا وللهوى والدين لعقٌ على ألسنتهم. كما قال تعالى في كتابه العزيز}أرأيت من اتخذ إلهه هواه{  حيث لا طعم ولا لون ولا قيمة ولا وزن لهم في الدنيا والآخرة.
ومن هنا, لا يعرف معنى العبودية لله من جعل نفسه أسير هواه وعبد نفسه وذاته و(أناه).
ولا يعرف حقيقة العبودية من عبد المال والمنصب والجاه. ولم يذِق طعم العبوديّة من أخلد إلى الأرض واتّبع هواه لاهثًا وراء حطام الدنيا ولذائذها وبهارجها.
نعم العبوديّة لله هي التي تحرّر الإنسان من عبادة الطواغيت والتبعيّة للحكّام والأمراء وتجعله حّرا في مواقفه وأعماله بعيداً عن كل الضغوطات والإملاءات مهما كان نوعها وحجمها وثمنها. فالحرُّ يعمل وفق ما يمليه عليه عقله وضميره ووجدانه ولا يحسب حسابًا إلّا لخالقه ولا تأخذه في الله لومة لائم، فيا أيّها الإنسان كن عبدًا لله كما خلقك حرّا ولا تركن للذين ظلموا أنفسهم فسَهُلَ بيعُهم وشراؤهم.
                                                بقلم الشيخ محمد حسني حجازي