لبنان كله على وقع الاستحقاق الرئاسي. ترقّب محير لكل الافرقاء، وتغريدات غامضة التوجهات والاهداف تولد حركة اتصالات بعضها لتوضيح الرؤى والطمأنة، وبعضها الاخر لضبط الانفعالات والردود. العونيون عاشوا نهاراً طويلاً على مسافة امتار من القصر الجمهوري، يحلمون ببلوغ باحة القصر الخالي، ودونهم امتار سياسية لا تقاس بالجغرافيا، في انتظار كلمة سر تخرج من فم الرئيس سعد الحريري الذي ابلغ الوزير جبران باسيل حسم موقفه ايجابا من الترشيح كما أفادت مصادر "التيار الوطني الحر". احياء ذكرى 13 تشرين الأول أمس تضمن كلاماً توفيقياً ومشهداً جامعاً لممثلي المذاهب، وتأكيداً للميثاقية مدخلاً الى بناء الدولة. وشكل "بروفة" احتفالية للعونيين شابها بعض الحذر من تراجع منسوب التفاؤل اذا لم يعد الحريري الى بيروت اليوم، بعد بث اخبار تؤكد هذه العودة لاعلان الترشيح غداً او في الايام القريبة، أو من عثرات قد تظهر من جهات أخرى في فريق 8 اذار. وما لم يقله العماد ميشال عون الذي اطل عبر الشاشة مخاطبا الجموع من غير ان يتناول الاستحقاق، عبر عنه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل مشددا على ان الحلم هو وقوف عون على شرفة القصر الجمهوري. وأضاف انه "عند صعود عون الى قصر بعبدا سيصبح أباً لكل اللبنانيين وسيرفض التفاهمات الثنائية والثلاثية والرباعية وسيصبح ضمانة كل اللبنانيين". هذا الكلام الاخير أثار تساؤلات لم تخرج الى العلن عن رفض التفاهمات، وما اذا كان مقدمة لتبدل لاحق في المواقف، وخصوصاً بعد تمييز الوزير باسيل في مقابلته الاخيرة بين موقف الحزب وموقف الدولة اللبنانية من دول خارجية.
واذا كان الرئيس نبيه بري قال امس أمام زواره "جربت الموالاة طويلاً وبدي جرب المعارضة"، في اشارة الى استمراره في رفض انتخاب العماد عون من دون "السلة"، علمت "النهار" ان تطورا في الموقف الرئاسي لدى كل من الرئيس بري والنائب سليمان فرنجية سيظهر خلال اليوميّن المقبلين. ولم توضح المصادر مصدر المعلومات طبيعة هذا التطوّر مكتفية بالقول إن النائب فرنجية مستمّر في الترشح لمنصب الرئاسة الاولى وهو سيكون حاضراً في الجلسة المقبلة لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية لمواصلة السباق أيا تكن التطورات المتصلة بترشيح عون.
من ناحيته، يتجه الرئيس الحريري الى إجراء جولة جديدة من المشاورات في الرياض التي قد تبلغه موقفها الواضح من خيار ترشيح عون. ولهذا آثر الحريري الامتناع عن الخوض علانية في الاستحقاق الرئاسي ريثما تتبلور نتائج مشاوراته في العاصمة السعودية.
أما في الداخل، فان أوساط الحريري، الذي بات قاب قوسين من تأييد ترشيح عون، تسأل عن المغزى من التغريدات والتسريبات التي تتناوله، وما اذا كانت متعمدة لايصال رسائل تهديد له من جهة تسعى الى تأجيل الاستحقاق ورمي مسؤولية الفراغ المستمر في مرمى رئيس "المستقبل". وتسأل تلك الاوساط عن موقف الحزب من "سلة" الرئيس بري، وما اذا كانت ستشكل دفتر شروط على عون لا يمكنه التقدم خطوة من دونه.
وفي معلومات "النهار" ان قيادياً في "حزب الله" أجرى إتصالات في الساعات الاخيرة مع عدد من الحلفاء بهدف توضيح موقف الحزب من موضوع وصول الحريري الى السرايا في حال وصول عون الى قصر بعبدا وذلك في ضوء الالتباس الذي أثارته تصريحات بعض الشخصيات الحليفة للحزب والتي تربط عودة الحريري الى رئاسة الحكومة بعدد من الشروط، والكلام عن رفض سوري للامر.

 

جنبلاط: الله يستر
من جهة أجرى، غرّد رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، عبر "تويتر": "أتت كلمة السر يبدو، الله يستر". وأرفقها برسوم تعبيرية منها: عيون ونظارات وابتهالات وطائرات. وبصورة لشخص لا يظهر وجهه يتسلم رسالة عبر النافذة من شخص لا تظهر منه إلا يده الحاملة للرسالة.وفي معلومات حصلت عليها "النهار" أن جنبلاط أبلغ بأن كلمة السر تتضمن رفضاً لمسار الحريري الرئاسي من قبل مسؤولين في الرياض كذلك رفضاً لرئاسة الحريري للحكومة من فريق 8 آذار مما استدعى تخوّفه من تداعيات محتملة وقوله "الله يستر".