حصل رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي على حكم قضائي بالعودة إلى مهمته كنائب للرئيس فؤاد معصوم، وهي خطوة اعتبر مراقبون عراقيون أنها بمثابة تحدّ لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الذي سبق أن ألغى مناصب نواب الرئيس في سياق خطواته الإصلاحية.

وتزامن الحكم القضائي، الذي سيعبد الطريق أمام المالكي للتأثير مجددا في مؤسسات الدولة، مع دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى مظاهرات شعبية ضد الفساد لتبدو كردة فعل على عودة خصمه اللدود المالكي إلى الواجهة.

وقال مصدر عراقي إن قرار عودة المالكي إلى منصب نائب رئيس الجمهورية هو تجاوب مع دعوة أطلقها المالكي نفسه قبل أيام، مشيرا إلى استعداده للعودة التي صارت أشبه بمنصب “وزير الوزراء” لمنافسة سلطة العبادي.

وأصدرت المحكمة الاتحادية العراقية العليا الاثنين حكما بنقض قرار العبادي الذي يتعلق بإلغاء مناصب نواب الرئيس، لمخالفته دستور البلاد الذي يلزم وجود هذه المناصب.

وأصدر العبادي في أغسطس 2015، قرارا قضى بإقالة نواب رئيس الجمهورية الذين كانوا ثلاثة في ذلك التاريخ وهم إياد علاوي ونوري المالكي وأسامة النجيفي.

ونقل بيان رسمي صدر الاثنين عن القاضي عبدالستار البيرقدار المتحدث باسم السلطة القضائية الاتحادية، أن “وجود نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية إلزام نص عليه الدستور”.

وأضاف أن “إلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية يعني تعديل أحكام دستور جمهورية العراق لسنة 2005”، مشيرا إلى أن “المادة 142 من الدستور تقتضي في مثل هكذا حالات، موافقة الغالبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب على التعديل وعرضه على الشعب للاستفتاء عليه”.

وأكد البيرقدار “بناء عليه واستنادا إلى أحكام المادة 93 من الدستور، قررت المحكمة الاتحادية العليا عدم دستورية قرار (…) إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية”.

ولم يستبعد متابعون للشأن العراقي أن يكون رئيس الوزراء السابق قد استفاد من تأثير “صديقه” مدحت المحمود رئيس مجلس القضاء الأعلى للحصول على هذا القرار الذي يعيده إلى دائرة التأثير في المشهد السياسي ومن موقع المسؤول وليس المراقب.

وقال متابع عراقي إن القرار القضائي سيمكن المالكي من أن يتواصل مع الموالين له في مؤسسات الدولة بشكل علني بدل التحركات السرية، فضلا عن أنه سيجعله متابعا لما يجري إعداده من قوانين وإجراءات من خصمه العبادي والتصرف على ضوئها.

وأضاف المتابع في تصريح لـ”العرب” أن وجود المالكي في مؤسسة الرئاسة سيساعده على إفشال هذه القوانين، وخاصة تلك التي تُعنى بترتيب الانتخابات لا سيما ما يتعلق بالمنظومة القانونية والمؤسساتية التي يراد منها تحجيم وزنه.

وتتخوف الأوساط السياسية من أن يعطي القرار القضائي مبررا لرئيس الوزراء السابق كي يتحول إلى حاكم فعلي للعراق ولو من وراء الستار عبر الوزراء والمسؤولين الموالين له، والذين زرعهم في مختلف الوزارات وكانوا الأدوات المباشرة لظاهرة الفساد.

وفي رد مباشر على قرار عودة المالكي إلى مؤسسة الرئاسة دعا مقتدى الصدر العراقيين إلى الانطلاق في مظاهرات شعبية في بغداد للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد.

وقال الصدر، في بيان صحافي له “أدعو إلى مظاهرة شعبية عارمة بعد انتهاء مراسم عاشوراء، لا صدرية ولا مدنية بل شعبية عامة لإيصال صوت الإصلاح إلى داعمي الفساد والاستمرار بالمظاهرات الغاضبة ضد مفوضية الانتخابات في المحافظات”.

وأضاف “إذا لم تقم الحكومة بخطوات جادة بتعيين وزراء مختصين مستقلين للوزارات الأمنية فعلى الشعب الاستعداد لاعتصام ثان مفتوح”.

وأشار المتابعون إلى أن عودة المالكي قد تسرع بتوحيد جبهة خصومه مثل العبادي والصدر وقد تتوسع لتشمل عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي.

صحيفة العرب