لن تُكسر حلب ولن تسقط في أيدي الإيرانيين والروس. لا تحتمل موسكو وطأة «انتصار» حتى لو حصلت معجزة وانهار أهلها المدافعون عنها! ولن تحتمل طهران وطأة دخولها بالنار إلى واحدة من أعرق المدن العربية والإسلامية حتى ولو كان قرارها بـ»الحسم» جزءاً من مشروعها الاستراتيجي الشامل في المنطقة والذي لا معنى آخر له غير الفتنة التامة!ردّ الأميركيون على التهديد الروسي بالتصدي لأي ضربة عسكرية يوجهونها إلى مواقع بقايا سلطة الرئيس السابق بشار الأسد، بالتأكيد على أنهم مستمرون في البحث في «كل الخيارات» بما فيها العسكرية (المحدودة). وهذا أمر تفهمه موسكو تماماً (أو يُفترض ذلك!) حتى وإن حكت كلاماً علنياً مخالفاً لذلك الفهم! أو معاكساً له. بمعنى، أن واشنطن أولاً لم «تحسم» النقاش في شأن خطوتها المقبلة! أي أنها أبقت الباب مفتوحاً، نصف فتحة أمام الروس للعودة عن حكاية إسقاط حلب! وفي هذا ما يكفي من موجبات حفظ ماء الوجه ونفي الرغبة بالكسر أو بالتصعيد! وقالت ثانياً وتقول إن أحد خياراتها المعروضة للنقاش (الذي سيستكمل الاثنين المقبل!) هو استهداف مواقع تابعة للسلطة الأسدية وليس لغيرها!صعب إزاء ذلك، افتراض قلّة فهم من صاحب القرار في موسكو! وذهابه بالتالي إلى تصعيد مناوراته وإكمال إحراج نظيره في واشنطن! ودفعه غصباً عنه إلى شيء لا يريده! وصعب أكثر، الافتراض بأن أحداً في العاصمة الأميركية يستطيع التراجع علناً أمام تحدّ روسي وقح إلى هذه الدرجة! وصعب ثالثاً الافتراض أن الدب الروسي صار جحشاً كامل الأوصاف وقرر بكل تصميم اعتماد لغة كسرية مع واشنطن وحلفائها من أجل بشار الأسد وإيران وملحقاتها!هناك حدود للمناورات الحادة والأمر حتى اللحظة لا يزال تحت ذلك السقف، برغم استمرار الحملة العسكرية في حلب وإن تراجعت وتيرتها العامة كثيراً. وسيكون غريباً جداً أن يذهب الروس إلى خرق ذلك السقف طالما أن «فترة السماح» أو التطنيش مرّت وعبرت.. وبقيت أحياء حلب الشرقية صامدة في وجه النار ولم تسقط!ما يُعين على هذه القراءة، هو أن موسكو ظلّت تقول إنها ملتزمة إحياء «اتفاق جنيف» المشترك مع الأميركيين، حتى ولو كانت عملياً أظهرت التزامها أجندة الإيرانيين وبقايا سلطة الأسد الساعية إلى الحسم في حلب! وهذا في كل حال يساعدها على ملاقاة شروط التهدئة من دون أن تبدو وكأنها انهزمت (مرحلياً)، عدا عن أن كل القصف الجنوني الذي اعتمدته والهجمات البرية للميليشيات الإيرانية والأسدية، لم يوصلا إلى نتيجة حاسمة!في الخلاصة: فشلت حرب إسقاط حلب.. والباقي تفاصيل!


علي نون: المستقبل