أظهر تحليل أجرته رويترز لبيانات معلنة، أن روسيا عززت قواتها في سوريا منذ انهيار وقف إطلاق النار في أواخر سبتمبر/أيلول، حيث أرسلت قوات وطائرات وأنظمة صاروخية متطورة، في الوقت الذي يحاول فيه المسؤولون الأميركيون وحلفاؤهم إيجاد حل للتخفيف من حدة الهجوم الذي تقوده موسكو والنظام السوري في سوريا.

وقال محللون عسكريون، إن القوة البشرية الإضافية ربما تشمل متخصصين لتشغيل نظام إس-300 لصواريخ أرض جو الذي نشر في الآونة الأخيرة.

ويوازن البيت الأبيض خياراته لإبطاء التقدم الروسي-السوري في مناطق الثوار. لكن لا تحمل أياً من هذه الخيارات أملاً في إنقاذ أكبر مدن سوريا، حلب ومنع وقوع الجزء الشرقي منها في أيدي نظام بشار الأسد وحلفائه الروس، كما صرَّح مسؤولون لموقع "ذا ديلي بيست الأميركي.

 

تسليح الثوار

 

وفي المقابل، يقترح مسؤولون أميركيون على مستويات أدنى تسليح الثوار الذين تدعمهم الولايات المتحدة بأسلحة أقوى وذات مدى أبعد وأسلحة أرض-جوية قد تصدّ هجمات النظام وروسيا الجوية. ويأملون أن يمنح هذا النوع من الأسلحة جماعات المعارضة قوةً كافية لاستعادة السيطرة في مناطق سورية أخرى، مثل ضواحي دمشق.

وقال المسئولون إن قذائف أرض-جو المذكورة لن تتضمّن الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، والمسمّاة "نظام الدفاع الجوي المحمول MANPADS"، بل أنظمة أقل تنقلاً وأقل عرضة للوقوع في الأيدي الخاطئة.

وأوضح أحد المسؤولين في الولايات المتحدة لموقع ذا دايلي بيست :"نضع مثل هذه الخطط قيد الدراسة".

لكن هؤلاء المسؤولين يعترفون أن إقناع البيت الأبيض بهذه الخطط يُعَد طموحاً مبالغاً فيه، فقد رفضت الحكومة الأميركية حتى الآن أي اقتراحات لتدخل عسكري مباشر في شرق حلب. ولن يتم تنفيذ إحدى هذه الخطط المقترحة في الوقت المناسب للحؤول دون سقوط حلب في أيدي النظام، والذي أصبح وشيكاً بحسب ما قال المسؤولون لموقع دايلي بيست.

وتظل منظمات الحكومة منقسمة حول تردد وتقاعس الحكومة الأميركية عن منع وقوع كارثة إنسانية في حلب.

 

نجاح الخطة الأميركية

 

وقال المسؤولون إن الخطة الأميركية في سوريا ناجحة حتى الآن في نظر الكثير من عناصر الحكومة الأميركية. بنجاحها في إضعاف جبهة داعش، تنظيم الدولة الإسلامية، في مناطق سوريا. لكنهم يجادلون بأن الاعتداء على حلب يمثّل وضعاً مختلفاً.

ويرى مقترحو اتخاذ خطوات أكثر حسماً لوقف تقدم النظام وروسيا أنه في حال سقوط حلب، وهو احتمال يزداد منذ فشل مباحثات وقف إطلاق النار في التاسع عشر من الشهر الماضي، سيكون الهجوم على حلب نموذجاً تكرره قوات الأسد في مناطق أخرى من سوريا. وتصبح حلب المعادلة التي يسيطر بها النظام على سوريا بأكملها.
والأكثر من ذلك، ستضع الإدارة الأميركية الحالية الرئيس الأميركي التالي أمام جرأة بوتين المستجدة في سوريا.

إذا سقط الجزء الشرقي من حلب في يد الأسد، قد يبدأ النظام السوري وروسيا بتنفيذ هجمات على المستشفيات، والمخابز، وإمدادات الطعام والمياه في ضواحي دمشق مثلما يفعل الآن في حلب، التي كانت عنصراً رئيسياً في الحرب المستمرة لخمس سنوات حتى الآن.

وفي اليوم السابق، أعلنت الولايات المتحدة تعليق مباحثاتها مع روسيا لوقف إطلاق النار في سوريا، بسبب القصف الجوي المستمر على شرق حلب. ويضع انتهاء المباحثات المستمرة لشهرين نهاية لأكثر الحلول غير العسكرية حيوية. وقدّمت فرنسا يوم الأربعاء الماضي اقتراحاً لاستئناف المفاوضات للسماح بإيصال المساعدات للمدنيين في شرق حلب.

 

مشروع فرنسي

 

في الوقت ذاته أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت الجمعة، أنه سيتوجه بنفسه إلى الأمم المتحدة في نيويورك للدفاع عن مشروع قرار فرنسي حول وقف لإطلاق النار في حلب، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.

وقال آيرولت من واشنطن حيث التقى نظيره الاميركي جون كيري "ما زلت آمل بأن يتم التصويت على القرار وتنفيذه. سأتوجه بنفسي إلى نيويورك، إلى مجلس الأمن للدفاع عن هذا القرار".

وقد يتم التصويت على القرار السبت، لكن روسيا حليفة دمشق توعدت باللجوء إلى حق النقض.

وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين للصحفيين عندما سألوه إن كان سيلجأ إلى الفيتو "لا يمكن أن أرى كيف يمكن أن ندع هذا القرار يمر".

 

الإحباط يخيم على واشنطن

 

لا يستطيع أحد الحسم متى قد تسقط حلب، فقد شهدت المدينة قوات معارضة قادرة على تدارك هزائمها ونظام يتقدم ببطء في أحياء المدينة. يقول بعض المسؤولين الأميركيين أن سقوط حلب قد يستغرق أسابيع، بينما لا يتوقع آخرون سقوطاً رسمياً لأن قوات المعارضة ستستمر بالقتال.

وفي كلتا الحالتين، يخيّم الإحباط على الحكومة الأميركية، لأن حصيلة الحرب بعد سقوط حلب واضحة.

واستنتج أحد المسؤولين، مردداً ما قاله السيناتور جون مكاين في مقال رأي نُشر يوم الأربعاء الماضي "سيظل الأسد في السلطة لكنه لن يفوز في الحرب".

كتب مكاين "بينما يحقق التحالف الذي تقوده أميركا تقدماً في الحرب ضد الدولة الإسلامية، دعونا لا ننسى أن ظهور هذه المنظمة الإرهابية كان عارضاً للحرب الأهلية السورية، وستحمل نتائج تلك الحرب آثاراً إستراتيجية بالغة على الأمن القومي في الولايات المتحدة".

هافينغتون بوست عربي