"خراب البيوت" هو التوصيف الافضل لحال مربي الداوجن في منطقة حاصبيا – النبطية، حيث يعجز المزارعون من مربي الدواجن (الدجاج) عن بيع منتجاتهم من الطيور بسعر يؤمن لهم الاستمرار في مهنتهم، التي تحولت الى ما يشبه كارثة اقتصادية – اجتماعية كاملة تصيب هؤلاء المزارعين الذين بادروا الى اقامة المزارع الحديثة على أمل ان تساعدهم في البقاء والصمود في بلداتهم وقراهم، لا ان تتحول الى عبء يرزحون تحت نيّره الثقيل بسبب القروض والفوائد المصرفية المتراكمة في موازاة الانهيار الكبير في اسعار لحوم الطيور.
تنتشر عشرات المزارع الحديثة على امتداد قرى وبلدات حاصبيا، ليبلغ عددها عشرات المزارع بكل معنى الكلمة. وذلك بعدما ازدهرت صناعة او تربية الدواجن للحوم نتيجة الطلب الكثير عليها قبل فترة والمردود المالي الجيد الذي اغرى الاهالي المقيمين في تلك الانحاء بالاندفاع الى المصارف وطلب قروض من مؤسسة "كفالات" لانشاء مزارع دواجن للحوم. وبالفعل عمت تلك المهنة انحاء كثيرة، ورغم الكلفة الكبيرة التي كانت تترتب على تربية الدواجن غلا ان اسعار البيع الجيدة وحاجة السوق اللبنانية المستمرة الى لحوم الدجاج ادت الى تعزيز هذا القطاع ودفع المزيد من الاستثمارات اليه. لكن كل ذلك اصبح من الماضي، بعدما اندلعت الحرب الاهلية في سوريا، وانفلتت الحدود بين الجانبين امام عمليات التهريب في الاتجاهين وفي مقدمها الفروج السوري، ورغم كل الحواجز والمعوقات بين الجانبين إلا ان الفروج السوري اخذ يتدفق بكميات منافسة الى السوق اللبناني. ولكن الضربة الاكبر ليست من الجار السوري، بل من الدجاج الاوكراني والبرازيلي المستورد بكميات ضخمة والذي يدخل مجلداً الى الاسواق اللبنانية وعبر المرافئ الشرعية، ومنها الى احواض خاصة لاذابة الثلج عنها ومن ثم الى المستهلك على أنه فروج لبناني منتج محلياً ويباع بسعر الطيور اللبنانية، مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج كارثية على المزارعين اللبنانيين الذين يجدون انفسهم امام واقع كساد الانتاج او بيعه بأسعار بخسة تجنباً للخسائر الفادحة التي قد تترتب على الاحتفاظ بالمنتج في المزارع.
واقع حال مربي الدواجن في حاصبيا ومنطقتها لا يختلف عن واقع كل القطاع في كل انحاء لبنان، خصوصاً ان لا وزارة الزراعة ولا الاقتصاد ولا اي هيئة حكومية تبادر الى حماية انتاج الطيور اللبناني المتروك لمصيره ونهايته المأساوية المحتمة امام طمع كبار التجار ومافيات المواد الغذائية التي لا تكترث لمصير الانتاج المحلي، ولا هم لها سوى جمع المال والثروات واخيراً.

 

المصدر: "النهار"