كشف تقرير استقصائي جديد أنّ "وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تعاقدت مع شركة دعاية بريطانية لتصميم وإدارة برنامج دعائي في العراق، بهدف فبركة فيديوهات عن تنظيم القاعدة، يعزز البروباغندا الخاصة بها، وروايتها بشأن الحرب على الإرهاب".

وأدلى مارتن ويلز، خبير أفلام عمل فترة طويلة في شركة "بول بوتنيغر" الدعائية البريطانية التي استعان بها البنتاغون إبان غزو العراق عام 2003، بشهادته أخيراً، بعدما قرّر فتح خزانة أسراره لصحيفة "صنداي تايمز" ومكتب التحقيقات الصحفية. وأقرّ مدير الشركة السابق، لورد تيم بيل، بأنّها عملت بشكل وثيق مع البنتاغون في إدارة مشروع دعائي سري في العراق.

وفي الفترة من 2007 إلى 2011، دفع البنتاغون 450 مليون دولار لبول بوتنيغر مقابل تزوير أفلام رعب بالعربية ونسبتها إلى تنظيم "القاعدة". ويؤكّد ويلز، في التحقيق الصحفي الإستقصائي الذي نشر مطلع شهر تشرين الأول الحالي، أنّ أهم جزء في هذا المشروع السري كان إنتاج تسجيلات مزوّرة لا تتجاوز مدتها 10 دقائق ونسبتها إلى تنظيم "القاعدة". وذكر ويلز أنّ عمله "كان صادماً"، وأن ما تنتجه الشركة من تلفيقات "يوقّعه قائد القوات الأميركية في العراق آنذاك ديفيد بترايوس وأحياناً البيت الأبيض".

ويقول مدير الشركة السابق لورد تيم بيل: "لقد عملنا على علاج الوضعية، ولكننا لم نوقف الفوضى التي ظهرت، كان جزءاً من آلة الدعاية الأميركية".

ويعترف بيل في التحقيق ذاته بأنّ منتجات الشركة شملت لقطات فيديو قصيرة على طريقة شبكات التلفزة، وأشرطة مزورة منسوبة إلى تنظيم القاعدة، وأنه كان عليه إرسال منتجاتها لكل من البنتاغون، و"سي آي إيه"، ومجلس الأمن القومي الأميركي.

ولم يكن بإمكان الشركة صناعة مواد موجهة إلى الإعلام الأميركي، لأن القانون هناك يحمي المواطنين من الدعاية الكاذبة للاستخبارات، وبدلاً من ذلك وزعوا أشرطتهم المفبركة التي أنتجوها بلغة العرب على القنوات العربية، بحيث تنقل عنها وسائل الإعلام الأمريكية والغربية.

وإلى جانب الدعاية السلبية، تحتوى الأشرطة على خاصية تتيح للبنتاغون معرفة المناطق التي شوهدت فيها بالضبط، ما يمكنه من رصد أصداء دعايته، ومراقبة المتأثرين بها.

وفي النهاية، يصل محتوى الأشرطة إلى الأميركيين وغيرهم، فتفي بغرضها في رسم صورة موغلة في الوحشية عن تنظيم تتخذ واشنطن من عدائه ذريعة لضرب أهداف مختلفة في أرجاء العالم.

وفي حين كشف التحقيق الجديد أنّ كثيراً من عنف "القاعدة" صُنع في غرف مغلقة ولا وجود له في الواقع، يصعب التشكيك في النهاية المأساوية لمسلسل الفوضى الذي أنتجته واشنطن في العراق.

ورأى المراقبون أنّ الفوضى آتت أُكُلها في العراق، فقطعت أوصاله ودمرت بنيته التحتية ورمت به في قاع العشائرية وجحيم الطائفية الدينية، وجعلته مأوى للمتشددين.

(الخليج أونلاين)