استوقفني خبر نشر في جريدة النهار (19/1/2013) بعنوان "اول زواج مدني في لبنان".

يبدو لأول وهلة أن العروسين خلود سكرية ونضال درويش أرادا كسر جدار الجمود الذي يعتري موضوعاً هاماً يدور النقاش حوله منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي لجهة إقرار قانون مدني إلزامي أو اختياري للأحوال الشخصية.

أمام الواقع الذي استحدثه زواج خلود ونضال المنعقد أمام الكاتب العدل بتاريخ 10/12/2012 لا بدّ من وضع الإطار القانوني العام الذي يرعى عقد الزواج المدني المنعقد في لبنان ومن ثم طرح الأسئلة والملاحظات والرأي الشخصي حول قانونية وصحة هذا الزواج.

أولا: في القرار 60 ل.ر والاعتراف بالطوائف التاريخية:

في عهد الانتداب الفرنسي على لبنان أصدر المفوّض السامي دو مارتيل De Martel القرار 60 L.R تاريخ 13 آذار 1936 اعترف بموجبه بالطوائف التاريخية الموجودة في لبنان وعددها سبع عشرة: إحدى عشرة مسيحية، وخمس محمدية والطائفة الإسرائيلية.

بموجب القانون 553 تاريخ 24 تموز 1996 المنشور في العدد 33 من الجريدة الرسمية أضيفت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى الطوائف المعترف بها فأصبح عدد الطوائف ثمانية عشرة.

__________________________________________________________________
* محام. أستاذ محاضر في كليات الحقوق - باحث في قضايا الأحوال الشخصية

- يعتبر القرار 60 L.R من أهم القرارات في سلسلة التشريعات العائدة للأحوال الشخصية في لبنان، من حيث اعترافه بالعائلات الروحية اللبنانية وجعلها تتمتع بالشخصية المعنوية وبحقها في التشريع والقضاء في المواضيع العائدة للمواطن اللبناني على صعيد أحواله الشخصية.

أجازت المادة 14 من القرار المذكور إنشاء طائفة القانون العادي Communauté de droit commun بحيث ينتمي إليها اللبنانيون الراغبون والغير منتمين للطوائف المعترف بها قانوناً.
برأيي أنه يلزم لقيام طائفة القانون العادي مراسيم تنظيمية تصدر عن مجلس الوزراء طالما أن أية مادة من مواد القرار 60 L.R لم تعدل. وبذلك تكون طائفة القانون العادي موجودة قانوناً لكن المطلوب تنظيمها لجهة آلية الانتساب إليها وقانون الأحوال الشخصية الذي يرعى علاقات أفرادها الأمر الذي لم يتم حتى تاريخه.

بدأت تجليات الاعتراف بطائفة القانون العادي في بداية الستينات من القرن الماضي من خلال دعاوى شطب ذكر الطائفة والمذهب من قيود الأحوال الشخصية وقضى قرار صادر عن المحكمة الاستئنافية في بيروت برئاسة القاضي المرحوم يوسف جبران الرئيس الأول لمحكمة التمييز فيما بعد بشطب ذكر المذهب في قيود الأحوال الشخصية بناء لدعوى تقدم بها المحامي المرحوم سامي الشقيفي.

- اعترفت المادة 25 من القرار 60 L.R بالزواج المدني المنعقد خارج لبنان إذا احتفل به وفقاً للأصول المتبعة في البلد الذي يجري فيه العقد. ويبدو أن المفوّض De Martel راعى خصوصية الطوائف الدينية في لبنان وسوريا ولم يقرّ في إمكانية عقد زواج مدني في لبنان.

- اعترضت الطوائف الإسلامية على بعض أحكام القرار 60 L.R وسارت التظاهرات في بيروت ودمشق نظمها رجال الدين. نتيجة الضغوط المتزايدة أصدر دو مارتيل القرار 53 L.R سنة 1939 استثنى بموجبه الطوائف الإسلامية من الخضوع لأحكام القرار 60 L.R وهكذا يكون اللبنانيون المنتمون إلى الطوائف الإسلامية الكريمة ممنوعون شرعاً من عقد زواج مدني خارج الأراضي اللبنانية وقد جاءت المادة 79 من قانون أصول المحاكمات المدنية النافذ ابتداء من سنة 1983 تؤكد على أن أحكام الشريعة الإسلامية تطبق على الزيجات المدنية التي يعقدها المسلمون في الخارج:

"المادة 79: تختص المحاكم اللبنانية المدنية بالنظر في المنازعات الناشئة عن عقد الزواج الذي تمّ في بلد أجنبي بين لبنانيين أو بين لبناني وأجنبي بالشكل المدني المقرّر في قانون ذلك البلد. وتراعى أحكام القوانين المتعلقة باختصاص المحاكم الشرعية والدرزية إذا كان كلا الزوجين من الطوائف المحمدية وأحدهما على الأقل لبنانياً".

ثانيا: في وجوب إقرار مشروع قانون مدني للأحوال الشخصية موحد إلزامي أو اختياري استناداً إلى مبدأ حرية المعتقد المكرّسة بموجب المادة التاسعة من الدستور:

للتذكير يدور نقاش حول إمكانية إقرار قانون مدني للأحوال الشخصية منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي. استعرض بسرعة أبرز ما قدّم وأعدّ من مشاريع حول هذا الموضوع الذي يقوى الجدل حوله ويخف حسب الظروف السائدة في البلد علماً أن المجتمع المدني لاسيما الشبابي منه يميل بمعظمه إلى تأييد قانون موحد إلزامي للأحوال الشخصية ويُعتبر زواج خلود ونضال أحد الأمثلة على هذا التأييد والدعوة إلى الخروج من "طائفية عقد الزواج".

في الواقع، لا تزال المناقشة قائمة حوله منذ بدأت لجنة الإدارة والعدل بمعرض إقرار قانون 2 نيسان 1951 وقد طالب عدد من النواب في حينه بإقرار قانون مدني للأحوال الشخصية.
ثم كانت مبادرة نقابة المحامين التي أعلنت إضراباً استمرّ نحو ستة أشهر احتجاجاً على الصلاحيات التي أعطيت لرجال الدين بموجب قانون 2 نيسان 1951 لجهة البت بالنزاعات العائدة للأحوال الشخصية، وتقدمت بمبادرة تضمن العناوين الرئيسية لقانون مدني للأحوال الشخصية.

مبادرة العميد ريمون اده 1957: لم يقدم مشروعاً بل طرح أفكاراً أثناء مناقشات مجلس النواب، مع تأييد حزب الكتلة الوطنية لمشروع قانون الأحوال الشخصية الاختياري.

الورقة الإصلاحية للحركة الوطنية سنة 1976: تضمنت هذه الورقة بنداً يتعلق بالعلمنة يعبر عنها في بعض جوانبها بإقرار قانون للأحوال الشخصية لم تحدّد إذا كان إلزامياً أو اختيارياً.

مشروع الحزب الديمقراطي سنة 1972: هو أول مشروع متكامل يقدم حول قانون اختياري موحد للأحوال الشخصية يطبق على جميع اللبنانيين أعدّه المرحومان الأستاذان عبد الله لحود وجوزيف مغيزل، يلحظ إلغاء المحاكم الشرعية والمذهبية ونقل صلاحيات البت في شؤون الأحوال الشخصية إلى المحاكم المدنية.
قدم النائب السابق الأستاذ اوغست باخوس إلى مجلس النواب سنة 1977 اقتراح قانون ضمنه المشروع الذي أعده الحزب الديمقراطي.

مشروع الحزب السوري القومي الاجتماعي تموز 1977: يتضمن قانون أحوال شخصية اختياري مستوحى بغالبية نصوصه من مشروع الحزب الديمقراطي قدمه نواب الحزب القومي بشكل اقتراح قانون إلى مجلس النواب.

مشروع قانون الأحوال الشخصية المدني الاختياري المعروف بإسم مشروع المغفور له الرئيس الياس الهراوي: كلف الرئيس الهراوي مجموعة من رجال القانون لصياغة المشروع المذكور يتضمن أحكاماً متكاملة ترعى شؤون الأحوال الشخصية للمواطن اللبناني الغير راغب في الخضوع لأحكام قوانين الأحوال الشخصية الطائفية.

* أرى من المفيد التوقف أمام مشروع القانون الذي أقرّه مجلس الوزراء اللبناني بغالبية أصوات الوزراء خلال الجلسة المنعقدة في قصر بعبدا بتاريخ 18 آذار 1998.

حدّد الأسباب الموجبة لمشروع قانون الرئيس الهراوي الأطر الدستورية والأسس القانونية الثابتة التي تدعو إلى وجوب إقراره. جاءت على الشكل التالي:
"من المبادئ الأصلية الراسخة في الحقل الدستوري أن حق الدولة هو من البديهيات في مجال تنظيم الشؤون العامة، وفي سن التشريعات المستلهمة من الدستور نصاً وروحاً، والمتلائمة مع حاجات المجتمع وتطلعاته.

من هذه المبادئ أيضاً أن الأنظمة الديموقراطية تولي مسألة الحريات عنايتها الخاصة، كحرية المعتقد التي اعتبرتها المادة التاسعة من الدستور اللبنانية مطلقة، كما اعتبرتها مقدمة هذا الدستور – فضلا عن العدالة الاجتماعية والمساواة – من أركان نظام الأساسي للدولة.

وإذا كان القرار رقم 60 L.R أولى الطوائف التاريخية المعترف بها سلطة التشريع والقضاء في ميدان الأحوال الشخصية، فمن اللافت أن هذا النظام ذاته لحظ (في المادة 17 منه) حقوقاً لأبناء الطوائف غير المعترف بها، وحتى لأولئك الذين لا ينتمون إلى إحدى الطوائف الدينية، وأخضعهم جميعاً للقانون المدني. كما أنه أجاز للبناني (في المادة 25 منه) عقد زواجه في بلد أجنبي وفقاً للإشكال المتبعة في هذا البلد.
من هنا لا يمكن التسليم بأن الدولة قد فوضت أمور التشريع والقضاء في الأحوال الشخصية للطوائف وحدها. الواقع أن حقها في التشريع للمواطنين المنتمين إلى طائفة القانون العادي بقي محفوظاً.

إن القانون المدني اللبناني لم يعالج، حتى اليوم الشأن المتعلق بالأحوال الشخصية، وهذا النقص يدفع بفئة من اللبنانيين (حتى وإن كانوا منتمين إلى الطوائف المعترف بها) إلى الخارج بغية عقد الزواج وفقا لصيغ القوانين المدنية السائدة في بعض البلدان. يوجب هذا الواقع على المحاكم الوطنية المدنية المختصة تطبيق القانون الأجنبي المعقود في ظله الزواج مما يسيء إلى مبدأ سيادة الدولة اللبنانية في مجال التشريع، فضلاً عن إرهاق المواطنين بأعباء يرغمون على تحملها.

ولأن فئة ثانية من اللبنانيين – في ظل حرية المعتقد – تعمد إلى تغيير مذهبها ضمن الديانة الواحدة أحياناً، وإلى تغيير دينها أحياناً أخرى، في محاولة للتنصل من نتائج الزواج في إطار القانون الطائفي الذي رعاه، مما يسيء أيضاً إلى الاستقرار القانوني والاجتماعي.

ولأن الدولة مؤتمنة على توفير كل مناخ يسهم في إشاعة الاندماج الوطني... لأجل ذلك كله، إذا، كان من اللازم المبادرة إلى إصدار قانون أحوال شخصية مدني اختياري مع التأكيد الشديد على الآتي:

أ- المعتقدات الدينية، وتقاليد الطوائف اللبنانية وأنظمتها، والتطلعات الروحية السامية لدى أبناء الشعب اللبناني، تظل جديرة بكل حماية واحترام.

ب- ليس لبنان أول من يبادر إلى تنظيم الأحوال الشخصية عن طريق تشريع مدني. فكثيرة هي البلدان ذات الحضارة الإسلامية أو المسيحية، التي سبقته إلى ذلك، بل تخطته في تعميم التشريع المدني وفرضته على كل مواطنيها.

ج- القانون المقترح هو اختياري لا إلزامي. فمن شاء الخضوع لأحكامه كان له ذلك، ومن شاء الخضوع لأنظمة الأحوال الشخصية السائدة كان له ذلك أيضاً.
لا يمس المشروع بالمعتقد وليس موجها ضد ما هو قائم حالياً أي أنه لا يلغي المحاكم المذهبية والشرعية بل هو فسحة من حرية الاختيار تنسحب على الذين لا يريدون تطبيق النظام الديني على عقد الزواج وإفساح المجال أمام حرية المعتقد كما جاء في المادة 9 من الدستور اللبناني".

ثالثا: اللجوء إلى العملية الديمقراطية: مناقشة مشروع القانون في مجلس النواب إقراره أو رفضه وإزالة الالتباسات من الأذهان.

يعتبر مشروع قانون الرئيس الهراوي المشروع الرسمي الوحيد المقدم من الحكومة اللبنانية بعد نيله أكثرية الأصوات في مجلس الوزراء. من هنا يجب أن يكون إلى جانب بعض اقتراحات القوانين الأخرى موضوع مناقشة في مجلس النواب بحيث يسلك الطريق الدستوري والديمقراطي ويُصار إلى إقرار أو رفض أي مشروع قانون مدني ينال أغلبية أصوات النواب ما يعجل في إنهاء الجدل المزمن حول هذا الموضوع الذي يهم المواطن اللبناني في بلد لا يزال يتغنى بحرية المعتقد والممارسة الديمقراطية.
في كل مرة يطرح هذا الموضوع أو تثار قضية كزواج خلود ونضال يبادر بعض من المرجعيات السياسية والدينية إلى التصدي لطرح هذا الموضوع ويدلون بما خلاصته:

أ- "سحب المشروع من التداول": في هذا القول تحدّ سافر لحرية النقاش الديمقراطي. يحث لكل مواطن حق المعارضة، ولكن لا يحق لأحد "إقفال باب النقاش". وأصبح اليوم الاستمرار في النقاش أكثر أهمية للمسار الديمقراطي في لبنان من المشروع نفسه.

ب- "المشكلة المطروحة يعاني منها عدد ضئيل من الناس": يعبّر هذا الموقف عن غياب مفهوم الفرد وحقوقه. عندما يتجنّد مجتمع للدفاع عن فرد مظلوم كقيمة إنسانية ذاتية، بمعزل عن اعتبارات عديدة، يكون هذا المجتمع قد توصّل إلى درجة عالية من الثقافة الديمقراطية.

ج- "ليس الظرف مؤاتياً لطرح المشكلة: يعبّر هذا القول عن هامشية حقوق الإنسان في الثقافة السياسية. حيث أن الموضوع يتعلق بحق أساسي من حقوق الإنسان وهو "حرية الاعتقاد المطلقة"، كما ورد في الدستور، فكل دقيقة مؤاتية لطرح القضية.

د- قضية "إلغاء الطائفية السياسية": لا ارتباط مباشر وسببي بين الأحوال الشخصية الاختياري وإلغاء الطائفية السياسية، لكنه عندما يرفض مجرد فتح نافذة صغيرة في الأحوال الشخصية، كمجال عام مشترك بين اللبنانيين، فهذا يعني أن إلغاء الطائفية السياسية كذبة كبيرة.

* برأيي أيضاً أنه في حال إقرار مشروع قانون مدني للأحوال الشخصية اختياري أو إلزامي يحق لرؤساء الطوائف مراجعة المجلس الدستوري، في ما يتعلق حصراً بالأحوال الشخصية وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية وحرية التعليم الديني" وهكذا يتبع المسار الدستوري في معالجة هذا الموضوع.

رابعاً: في واقع وقانونية عقد الزواج المدني المنعقد في لبنان بين خلود سكرية ونضال درويش:

يثير إجراء هذا الزواج بالشكل المدني في لبنان الإشكالية والملاحظات التالية.

لجهة الواقع لا يوجد ما يحول دون تلاقي إرادتين حرتين لتنظيم عقد ما ينظم علاقة بين فريقين وهنا عقد الزواج الجاري أمام الكاتب العدل.

نحن إذاً أمام عقد عادي مرتبط بإرادة فريقين صار التأكد من رضاهما أمام الكاتب العدل هل هذا كافٍ لاعتبار أن مثل هذا العقد ينتج مفاعيل قانونية ويمكن تسجيله بالتالي في دائرة الأحوال الشخصية المختصة لكي يصبح نافذاً تجاه الغير Opposable aux tiers ؟

1- في الملاحظة الأولى:

* في وجوب سماع عقد الزواج أمام موظف مختص مفوّض من السلطة المدنية:

من المتعارف عليه أن الدول التي تتبع القانون المدني في قوانين الأحوال الشخصية تنظم إجراء عقود الزواج وتعتبرها باطلة لعيب في الصيغة في حال عدم التقيد بالإجراءات الشكلية المفروضة لعقد الزواج الصحيح.

إن بعض الدول مثل فرنسا تفرض إجراء المناديات publication de bancs قبل خمسة عشرة يوماً من تاريخ عقد الزواج وإجراؤه في الدائرة حيث محل الإقامة المختار لفريقي العقد أمام رئيس البلدية بالمعنى اللبناني، أو رئيس الدائرة Maire de l’arrondissement.

لمزيد من التوضيح وبصورة قياسية نظم مشروع قانون الحكومة اللبنانية المعروف بإسم "مشروع الرئيس الياس الهراوي" في الفصل الثاني منه تحت عنوان إجراءات عقد الزواج على الشكل التالي:

"المادة 11: يعقد الزواج أمام موظف مختص تابع للمديرية العامة للأحوال الشخصية.
تحدّد شروط تعيين هذا الموظف ومركز عمله ونطاق وظيفته والسجلات التي يترتب عليه اعتمادها بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.

المادة 12: حضور طالبي الزواج أمام الموظف المختص هو الأصل.
غير أنه يصحّ حضور الوكيل في إطار الشرطين الآتيين:
1- أن يكون التوكيل رسمياً لا يعود تاريخه إلى أكثر من ثلاثة أشهر سابقة لعقد الزواج.
2- أن يتضمن سند التوكيل كامل هوية الشخص المراد عقد الزواج معه.
لا يجوز للوكيل أن يوكل سواه مهما كان نصّ الوكالة.

المادة 13: على كل من طالبي الزواج أن يبرز للمرجع المختص المستندات الآتية:
1- إخراج قيد مفصّلا يثبت أنه غير مقيّد بزواج قائم (إذا كان لبنانياً)، أو جواز سفر مع إفادة صادرة عن السلطات المختصة في بلاده تثبت أنه غير مقيّد بزواج قائم (إذا كان أجنبياً).
2- القرار القاضي بالترخيص كلما كان ذلك واجباً.
3- الشهادة الطبية الإلزامية المنصوص عليها في القوانين أو الأنظمة النافذة.
في حال تعذر الحصول على أيّ من المستندات المبينة في البند الأول من هذه المادة، يمكن الاستعاضة عنه بما يقوم مقامه بقرار معلّل تتخذه المحكمة المختصة في غرفة المذاكرة.

المادة 14: يعلّق الموظف المختص على باب دائرته إعلاناً يتضمن اسم كل من طالبي الزواج وشهرته ومهنته ومحل إقامته وعنوان سكنه.
يستمرّ تعليق الإعلان مدة خمسة عشر يوماً على الأقل. وإذا لم يجر العقد خلال مدة سنة من تاريخ انقضاء هذه المهلة، يُصار إلى الإعلان مجدداً بالطريقة عينها.
يمكن للمحكمة المختصة الإعفاء من موجب الإعلان في حالات استثنائية يعود لها حق تقديرها.

المادة 15: لكل ذي علاقة أن يقدم خلال مهلة الإعلان اعتراضاً أمام المحكمة المختصة بواسطة الموظف المولج بإجراء العقد.
فور تقديم الاعتراض يمتنع الموظف عن إجراء العقد ويرفع الاعتراض إلى المحكمة التي تفصل فيه في غرفة المذاكرة بعد الاستماع إلى ملاحظات من ترى الاستماع إليهم، وذلك بقرار نافذ على أصله لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة.

بعد انقضاء مدّة الخمسة عشر يوماً على تعليق الإعلان دون التقدّم بأي اعتراض، أو إذا ردّ الاعتراض، يجري الموظف المختص عقد الزواج وفقاً للأحكام اللاحقة.

المادة 16: يعقد الزواج في مركز الموظف المختص التابع له مقام أحد طالبي الزواج، أو مسكنه الدائم، أو مسكنه المؤقت شرط أن لا تقلّ إقامته فيه عن مدّة شهرين سابقة لتقديم الطلب.
يعفى الأجنبي من أحكام هذه المادة.

المادة 17: يتحقق الموظف المختص من رضا الفريقين المتبادل بسؤال كلّ منهما تباعاً عمّا إذا كان يريد الآخر زوجاً له، وذلك بحضور شاهدين راشدين. وينبغي أن يكون الجواب بالقبول صريحاً وغير معلّق على شرط.
في حال تعذر التعبير عن القبول بشكل صريح لأي سبب كان ، يصحّ استثباته بأية وسيلة ملائمة، كالكتابة أو الإشارة المفهمة أو سواهما.

المادة 18: ينظم الموظف المختص محضراً بالواقع ويسجل عقد الزواج في سجل خاص يوقعه مع الزوجين والشاهدين. تعطى وثيقة الزواج للزوجين فوراً".

من هنا يتبين أن عقد زواج خلود ونضال الجاري أمام الكاتب العدل يعتبر غير مستوفٍ للشروط الشكلية لصحته لعدم وجود نص قانوني مدني حتى تاريخه ينظم مثل هذه العقود ويعتبر هذا العقد برأيي مجرّد تلاقي إرادتين في عقد معين يمكن تسميته "زواج بالتراضي".

2- في الملاحظة الثانية:

* في تسجيل عقد الزواج:

نظم المشترع اللبناني قيد وثائق الأحوال الشخصية بموجب القانون الصادر بتاريخ 7/12/1951.
أوجبت المادة 22 من القانون المذكور على المتزوج أن يقدم تصريحاً بزواجه إلى قلم الأحوال الشخصية في خلال شهر يلي تاريخ الزواج ويصدق هذا التصريح من الرئيس الروحي الذي تمّ على يده العقد ويوقعه المختار وشاهدان.

- أما الزيجات المنعقدة خارج لبنان فيُصار إلى تنظيم وثيقة الزواج أمام القنصلية اللبنانية حيث جرى العقد وترسل إلى الدائرة المختصة في لبنان لتسجيله.
من هنا أجد استحالة قانونية في تسجيل عقد زواج خلود ونضال في دائرة الأحوال الشخصية لعدم وجود مرجعية مدنية حتى تاريخه تنظم وثيقة الزواج المدني المنعقد في لبنان وتوقع عليه ما يوجب برأيي ردّ طلب تسجيل العقد من قبل المديرية العامة للأحوال الشخصية لانتفاء الشروط الشكلية المطلوبة.

3- في الملاحظة الثالثة:

* في القانون الواجب التطبيق على عقد الزواج المدني المنعقد في لبنان:

تبين لي من خلال أخبار الصحف والتعليقات وتصريحات العروسين خلود ونضال أن المبنى القانوني المفترض لزواجهما هو رغبتهما الانتماء إلى طائفة القانون العادي المعترف بها بموجب المادة 14 من القرار 60 L.R ما يوجب التمييز بين إنشاء هذه الطائفة المدنية وقانونها الذي لم يرَ النور بعد.

جاء في المادة 10 فقرة 2 من القرار رقم 60 L.R ما يلي:
"يخضع السوريون واللبنانيون المنتمون إلى طائفة تابعة للحق العادي وكذلك السوريون واللبنانيون الذين لا ينتمون لطائفة ما للقانون المدني في الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية".

وجاء أيضاً في المادة 17 فقرة أولى من ذات القرار:
"إن الأحوال الشخصية العائدة للسوريين أو اللبنانيين المنتمين إلى إحدى الطوائف المذكورة في المادة الرابعة عشرة وما يليها، أو غير المنتمين إلى إحدى الطوائف الدينية تخضع للقانون المدني".

من هنا يطرح السؤال التالي: طالما ليس هناك قانون مدني اختياري أو إلزامي ينظم ويرعى الزيجات المدنية المنعقدة في لبنان نحن إذاً أمام فراغ قانوني. وبالتحديد في حال خلاف خلود ونضال لاسمح الله أي قانون يطبق على نزاعهما؟

في غياب قانون مدني يرعى مثل هذه الحالات فإن المبدأ القياسي Par analogie المسند إلى أحكام المادة 79 من قانون أصول المحاكمات المدنية تحيل إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي ينتمي إليها المتعاقدان بحيث يُصار إلى تطبيقها على النزاع الذي قد ينشأ بينهما.

من المفيد التكرار أنه بعد استثناء الطوائف الإسلامية من بعض أحكام القرار 60 L.R لم يعد جائزاً للمسلمين عقد زواج مدني وباتت الشريعة هي المطبقة لتعلق الأمر بالانتظام العام اللبناني الذي يعتبر النظام العام الطائفي جزءاً منه.

من هنا، تنتفي إرادة خلود ونضال المنتمين إلى الطائفة الإسلامية في إخضاع زواجهما لقانون مدني مهما كانت تسميته بالرغم من عقدهما "زواجاً مدنياً على الطريقة اللبنانية".

خامساً: خاتمة:

مما لا شك فيه أن واقعة "زواج" خلود ونضال أعادت النقاش إلى حيويته لجهة وجوب إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية إلزامي أو اختياري.

وحتى لا تتكرّر "تجارب الزواج المدني في لبنان" ويختلط الأمر على الرأي العام اللبناني لاسيما المجتمع المدني المؤيد بمغالبيته للقانون المدني يجب أن يسلك مشروع الحكومة (مشروع الرئيس الياس الهراوي) وغيره طريقه الدستوري إلى مجلس النواب على أن يتم النقاش حوله باحترام إرادة الغير وعدم تصوير الموضوع كأنه مواجهة بين الدين والدولة وإخراجه من إطاره الطائفي الضيق.

علينا أن لا ننسى أن الدولة اللبنانية علمانية بحسب الدستور، لكن النظام والممارسات طائفية ومذهبية.
تجربة خلود سكرية ونضال درويش فتحت الباب للفتاوى والآراء القانونية علها تعجل في إقرار القانون المدني للأحوال الشخصية. الجواب برأيي سيكون كالعادة "مش وقتها" البلاد مشغولة بأمور أخرى منها مشاريع القوانين الانتخابية وارتداد الأوضاع الدولية والإقليمية على لبنان هذه "اسطوانة" نسمعها منذ خمسين عاماً.