خرج صباح أمس 100 مقاتل مع عوائلهم من حي الوعر الحمصي إلى ريف حمص الشمالي، وجاءت هذه الدفعة استكمالاً للدفعة التي خرجت يوم الخميس 22 سبتمبر الجاري، ليصل العدد الكلي للخارجين خلال الدفعتين إلى 750 شخصاً مقسمين إلى 250 مقاتل و120 عائلة من نساء وأطفال وشيوخ.

تمت الموافقة على خروج هاتين الدفعتين من حي الوعر بعد الاتفاق الذي جرى بين لجنة مفاوضات حي الوعر ولجنة النظام، لتكمل لجنة الحي التزاماتها أمام النظام ضمن الاتفاق المبرم وترمي الكرة في ملعب النظام مجدداً، فمن المفترض على النظام الآن إصدار بيان بمصير نحو 7365 معتقل عن كامل محافظة حمص، وبعدها سيتم إبرام اجتماع مع لجنة الحي في الأول من شهر أكتوبر القادم من أجل الاتفاق على آلية إطلاق سراح المعتقلين الذين مازالوا على قيد الحياة والإفراج عنهم.

كما ويلتزم النظام بفتح مكتب لتوثيق الذاتيات داخل حي الوعر من أجل توثيق حالات الولادات والطلاق والزواج التي جرت خلال الأعوام التي مضت.

معضلة اتفاق حي الوعر

سبق أن بدأ النظام تنفيذ هذا الاتفاق مع لجنة مفاوضات حي الوعر وقامت اللجنة بإخراج دفعة من المقاتلين في التاسع من ديسمبر عام 2015م، وقد سار الاتفاق في مساره الجيد من فتح للطرقات ودخول وخروج العوائل مع المواد الغذائية عامة دون المواد الطبية.

وفي شهر مارس الماضي قام النظام بالتهرب من التزاماته وطالب لجنة المفاوضات بترك بند المعتقلين جانباً وتنحيته عن سير الاتفاق، ترافق ذلك مع تهديد ووعيد من قبل النظام بالقصف والتدمير في حال عدم الرضوخ لأوامره، قابل ذلك رفضٌ من قبل لجنة المفاوضات التخلي عن المعتقلين.

علق النظام اتفاقه مع أهالي حي الوعر وأعاد حصاره للحي من جديد وفرض طوقا أمنيا ناريا كان على الناس الأشد منذ سنوات، قصف وقنص وتمشيط بالأسلحة الثقيلة، تدمير واستهداف للمراكز الحيوية، حرق للأطفال بقذائف النابالم المحرمة دولياً، 39 غارة طيران خلال أقل من 48 ساعة لمساحة لا تتجاوز 3 كيلومترات مربعة كلها منازل سكنية تحوي نحو 75000 نسمة.

إضافة لمنع مادة الخبز من الدخول للحي ومنع القوافل الإنسانية من الدخول أيضاً، يضاف لذلك حرمان الحي من المواد الطبية التي يشدد النظام قبضته عليها منذ 3 سنوات وحتى اليوم فيقوم حتى من سحبها من قوافل الأمم المتحدة والصليب الأحمر في أثناء دخولهم للحي.

كما وقام النظام بحرمان موظفيه الحكوميين في كثير من الفترات من الدخول والخروج من وإلى الحي من أجل تشديد الحصار عليه أكثر.
حتى وصل إجرام النظام لاعتقال لجنة المفاوضات الخاصة بحي الوعر بعد دعوتهم لاجتماع هام من أجل عودة المفاوضات من جديد، وإخراجهم بعملية تبادل مع عناصر مشفى البر الذي لم يقصف أبداً خلال فترة وجودهم داخله، واستهدافه المشفى بشكل مباشر لأكثر من ثلاث مرات إحداهما بالطيران الحربي بعد خروجهم منها.

حي الوعر إلى أين؟

يتساءل الكثيرون بعد عودة الاتفاق من جديد كيف سيتعامل النظام مع هذا الحي وأهله بعد إصراره على تهجيرهم، ومطالبته إخراج المقاتلين مع عوائلهم خصوصاً أن المقاتلين هم من أبناء حي الوعر، أو من أبناء مدينة حمص الذين نزحوا من حمص القديمة إلى حي الوعر وحملوا السلاح دفاعاً عن أهلهم وأنفسهم بعد ارتكاب النظام لمجزتين داخل حي الوعر احداهما كانت سيارة مفخخة تم تفجيرها عند كازية المحروقات، وقيامه بحملات اعتقالات يومية لشبان، يضاف إلى ذلك إصراره على إخراج دفعة من المقاتلين وأهالي الحي قبل بدئه بتنفيذ بنوده التي ألزم نفسه بها.

هذا ويعيش الناس اليوم في شيء من الرخاء وعينهم تترقب ما قد يحصل لهم في الأيام القادمة، فشبح التهجير يلاحقهم في ظل هذا الصمت الدولي العاجز وتهديد النظام بقصفهم وحرقهم في منازلهم متوقع في أي لحظة.
يذكر أن حي الوعر قد أبرم اتفاقه مع نظام الأسد تحت إشراف الأمم المتحدة بالإضافة لمتابعتها لأدق تفاصيله واطلاعها الكامل بحيثياته، وقد جاء مؤخراً عدم مشاركتها بتهجير أهالي الحي بعد تصريح جاء على لسان "استفاني خوري" مديرة المكتب السياسي "لديمستورا" لأحد المسؤولين داخل حي الوعر.

ذكر "محمد السباعي" الناطق باسم مركز حمص الإعلامي في حديثه للـ "العربية نت" أن سبب رفض الأمم المتحدة المشاركة في هذه العملية قد جاء إثر معرفتها بنية النظام الجادة في إخلاء حي الوعر من سكانه من خلال اتفاقه المبرم، ورفضها المشاركة بهذا الأمر جاء خوفاً على سمعتها المتسخة أصلاً في أعين الشعب السوري.

وتابع "السباعي" حديثه قائلاً "في الأمس القريب كانت قرية قزحل مثالاً واضحاً، أبناؤها المقاتلون يخرجون منها ضمن اتفاق مع النظام ليدخل شبيحته فيرتكبوا المجازر بحق من بقي من المدنيين ذبحاً بالسكاكين بحق 11 شخصاً من أبنائها، الأمر الذي أدى لهرب كل أهلها منها وريف حمص الجنوبي وأحياء حمص القديمة التي باتت مرتعاً لشبيحة النظام وعوائلهم الذين تم جلبهم إليها يضافوا كأمثلة واضحة من محافظة حمص.

أيام قليلة تفصلنا عن مصير حي الوعر فهل سيكون حي الوعر لسكانه الأصليين أم أن عين القرى الشيعية المحاذية له تترصده عن قرب مستعدة للتدخل السريع وحجز حصتها منه؟.

 
أسامة أبو زيد – العربية نت