يحار المراقب في أن يختار من الأكذب سياسياً واقتصادياً وإنسانياً؟ الولايات المتحدة أم روسيا؟

الاثنتان تدعيان الانسانية، وأنّ الامم المتحدة هي المرجعية لكل العالم، وما تقرره يجب أن ينفّذ… وهنا يجب العودة الى التاريخ، ونسأل عن عدد القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بخصوص جرائم «إسرائيل» ووجوب انسحابها من الأراضي المحتلة منذ العام 1948 حتى اليوم؟! وهل نفّذ أي قرار من هذه القرارات؟!

المصيبة هنا، أنّ واشنطن وإذ تدعو الى العودة للأمم المتحدة، وهو كلام جميل، لم تفعل شيئاً لتنفيذ القرارات… فبالنسبة إليها كل قرار يعني «إسرائيل» ويدينها يجب أن لا ينفّذ…».

نقول هذا الكلام لنصل الى ما يجري في سوريا اليوم، وهي، أي أميركا، لو تدخلت في العام 2012، يوم أعلنت استعدادها للتدخل العسكري بسبب استخدام قوات النظام السوري الاسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري، كم كانت وفرت على العالم وعلى المنطقة، الى أن تدخلت روسيا وبسحر ساحر وأبدت استعدادها لنقل الاسلحة الكيميائية تلك، والنظام كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط.. كم كانت أميركا وفرت على سوريا من قتلى وجرحى ونازحين، وهم بالآلاف؟!.

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فقد دخلت روسيا على الخط، في وقت كان النظام السوري على مشارف السقوط، خلال أسبوع أو أسبوعين؟! والسؤال لماذا؟

إنّ سبب التدخل هو باختصار المصالح الاقتصادية وتحديداً بعدما فقدت روسيا سوق السلاح في العديد من الدول العربية، من مصر، الى العراق الى ليبيا وغيرها… ولم يبقَ لها في المنطقة سوى سوريا… وهنا لا بد من أن أذكر ما قاله لي يوماً مسؤول سوري رفيع المستوى، كاشفاً أنّ روسيا استطاعت أن تبيع كامل مخزون السلاح الذي أكله الصدأ في المستودعات…

من هنا نرى أنّ كل الادعاءات الاميركية بالحرص على الانسانية واللاجئين هي ادعاءات في غير محلها، وهي لو كانت حريصة فعلاً على ذلك لكانت اعتمدت مبدأ الصدق مع الذات ومع الآخرين.

وهنا أيضاً، لا بد من الاشارة الى أنّ ما يجري في سوريا اليوم هو في صلب أهداف أميركا وروسيا التي تتوزع كما يلي:

– الهدف الأول: تقسيم سوريا الى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية لتكون المبرّر لبقاء الدولة العبرية  اليهودية؟–

الهدف الثاني هو فتح باب تصريف السلاح على أوسع مداه.

– أما الهدف الثالث فهو القضاء على الجيش السوري… تنفيذاً لخطة كيسنجر بعد حرب 1973، التي نصّت على وجوب القضاء على الجيوش العربية، بدءًا بتحييد مصر عن الصراع، وتقليص عدد الجيش العراقي الذي تعرّض بعد غزو العراق من قِبَل أميركا الى ضربة قاصمة بقرار حلّه… الأمر الذي وفّر للإيرانيين فرصة لا تقدّر بثمن ليتوغلوا في بلاد ما بين النهرين ويقيموا دويلاتهم التابعة لهم… هذا مع الاشارة الى ما تعرّض له الجيش الليبي ولم يكن أقل خطراً…

إنّ تعريض الجيش السوري لأي خطر، يعني أنّه لن يبقى من جيش عربي يمكن الاعتماد عليه… ونسأل من أكذب، أميركا أم روسيا التي حطت بكامل ثقلها في المياه الدافئة سعياً وراء مصالحها؟!.

 

 

عوني الكعكي: الشرق