مع ان غياب رئيس الحكومة تمام سلام عن البلاد في فترة تمتد الى الرابع والعشرين من أيلول سيتيح المجال امام فسحة البحث عن مخرج للمأزق الحكومي العالق عند تداعيات مقاطعة تكتل التغيير والاصلاح لجلسات مجلس الوزراء فان هذه الفسحة لا تبدو متسمة ببرودة سياسية كما يتراءى للكثيرين. ذلك ان حملة التسريبات والشائعات المركزة حول كل ما يتصل بموقف الرئيس سعد الحريري من المعركة الرئاسية والتي تتواصل فصولها تباعا تعكس ان المرحلة الإعدادية للتصعيد السياسي للتيار الوطني الحر لن تقف عند انتظار المساعي المحتملة لإيجاد مخرج للمأزق الحكومي بعدما رفع التيار سقف أجندته الى عنوان الميثاقية وحدد الخطوط التفصيلية والمواعيد الزمنية لتحركاته التصعيدية بدءا من موعد الجلسة الانتخابية الرئاسية المقبلة في 28 أيلول وصولا الى ذكرى 13 تشرين الاول التي يعتقد انها ستشهد تحريكا للشارع . وتعتقد اوساط سياسية مواكبة لهذا المناخ ان الايام الفاصلة عن عودة الرئيس سلام الذي يترأس وفد لبنان الى افتتاح اعمال الدورة العادية للأمم المتحدة في نيويورك ويشارك في مؤتمرين حول اللاجئين والمهاجرين قبيل افتتاح الدورة الاممية تتخذ طابعا مهما لجهة بلورة مواقف الافرقاء السياسيين كافة من المرحلة الطالعة لجهة تحديد اتجاهاتها من احتمالات بلوغ التصعيد العوني حدود التهديد بشل الحكومة بما يحدث واقعا جديدا بالغ الدقة فيما لو خرجت الحسابات السياسية عن الاطر المقدرة لها . وتقول هذه الاوساط ان ظاهرة المضي في إشاعة معلومات مغلوطة حول اتصالات او لقاءات تتصل بمرونة الرئيس سعد الحريري حيال انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية والتي يجري نفيها وتتضح عدم صحتها تطبع المشهد السياسي بأهداف باتت واضحة وهي محاولة حشر الفريق المستقبلي في زاوية تبعة التصعيد العوني فيما تحجب مسؤولية الافرقاء المعطلين للانتخابات الرئاسية تحت جنح هذه اللعبة . واستدلت الاوساط على ذلك بالموقف الذي أعلنه امس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي عاد الى رمي كرة تعطيل الانتخابات الرئاسية في مرمى تيار المستقبل وخصوم الحزب من زاوية اتهامهم بالرهان على مكاسب لجبهة النصرة وتنظيم داعش في سوريا ، ولم يخفي رهانه على انتصارات ميدانية لفريقه في سوريا مكررا ان العماد عون هو الرئيس الوحيد الذي يقبل به الحزب . هذا الموقف شكل بالنسبة الى الاوساط السياسية نفسها الدليل الاضافي على ربط الحزب للانتخابات الرئاسية بمجريات الحرب السورية في ما يثبت رهنه للاستحقاق الدستوري بحسابات المحور الاقليمي الذي يرتبط به الحزب . ومع ذلك فان الاوساط تعتقد انه لا بد من انتظار الامتحان الدقيق لتقاطع مصالح الحزب وحليفه العوني حول المرحلة الطالعة سواء في ما يتعلق بالوضع الحكومي او بتحريك الشارع وأين يمكن ان تظهر نقاط التمايز بينهما . اذ لم يعد خافيا ان ثمة تمايزا قائما لهذه الجهة الامر الذي سيضطر معه الحزب اما الى مجاراة حليفه لمنع ظهوره منفردا ومن ثم إعادته الى سكة التسويات الظرفية التي تحول دون انهيار الحكومة واما الى اتخاذ مبادرات عاجلة تحول دون ابتعاد التحرك العوني نحو تجاوز الخطوط التي تحافظ على الستاتيكو لان ذلك سيحشر الحزب ويضعه امام تحمل تبعة المرحلة الخطرة التي قد تنشأ ذلك . وفي ظل هذا المناخ تتوقع الاوساط ان يتوالى اطلاق البالونات الاختبارية في اللعبة السياسية والإعلامية الجارية منذ ايام لان حيزا كبيرا من أهدافها يتصل بإحراج بدأ يكبر على جبهة المعطلين للانتخابات الرئاسية بعدما وصلت تداعيات التصعيد العوني الى ملعب الحكومة.