على ذمة أحد الذين التقوا العماد عون مؤخراً أن "الجنرال" يبدو هذه الأيام مطمئناً إلى ما يمكن أن تفضي إليه التحركات الشعبية التي سيقوم بها "التيار الوطني الحر" ومؤيدوه، والتي تهدف إلى الضغط من اجل دفع الأمور نحو خواتيمها المرجوة، من دون كشفه عن طبيعة هذه التحركات التي تبقى رهن ما تقتضيه كل حالة على حدة، والتي يمكن أن تستولد تحركات متدرجة وفق ما تفرضه الظروف، ووفق ما سيكون عليه التجاوب الشعبي معها، فضلاً عن ردود الفعل من قبل جميع الأطراف المعنيين بالأزمات المتراكمة، وفي مقدمها أزمة رئاسة الجمهورية.


ووفق ما ينقله هذا الزائر، فإن العماد عون يقول أن ما يُحكى عن شغور في رئاسة الجمهورية هو امتداد لحالات الشغور التي كان يعيشها لبنان في ظل تهميش دور الرئاسة منذ عقود، معتبراً أن الجمهورية القوية هو الهدف وليس الرئيس، إذ ماذا ينفع لبنان لو انتخب رئيس لبلاد مسيّبة، وغير محدّدة أطرها السياسية والدستورية وغير ملتزمة اصول العقد الإجتماعي الذي يحكم علاقات اللبنانيين بعضهم بالبعض الآخر، وغير واضحة المعالم والأهداف.

وفي رأي "الجنرال"، وفق ما يُنقل عنه، أن هذه المرحلة التي يعيشها لبنان تشبه حال المخاض التي تسبق ولادة لبنان جديد، بكل ما يعنيه ذلك من إدخال ذهنية جديدة للحكم تؤّمن توازناً مستّقراً بين جميع مكوناته، على اسس جديدة وواضحة تكون نتاج قناعات مشتركة بين مختلف هذه المكونات التي تشكّل النسيج اللبناني، وتقوم على شراكة حقيقية بين الجميع، من دون تمييز أو مفاضلة بين فريق وآخر.

ووفق ما يُنقل عنه، ودائماً على ذمّة الراوي، أن ما يعتبره البعض تعطيلاً ليس سوى وضع النقاط على الحروف وتصحيحاً لمسار لو استمّر على ما هو عليه سيؤدي إلى ضياع الجمهورية، وسيبقى لبنان الحلقة الأضعف في منطقة غير مستقرّة، تحكمها التجاذبات الثنائية.

ويقول "الجنرال"، كما يقول الزائر، أن على اللبنانيين أن يشكروني بدلاً من تصويب سهام الإتهامات الباطلة التي يطلقها البعض لغايات لم تعد خافية، وهي إبقاء الجمهورية ورئاستها رهينة في ايدي "خاطفي" البلاد، وبالتالي الحفاظ على ما يعتبرونه مكتسبات ومصالح لا تمت بصلة إلى مصلحة مستقبل البلاد "الذي نسعى إلى إرساء أسسه الواضحة من دون زغل ومن دون خلفيات مسبقة ونوايا مبيتة".

ويخرج هذا الزائر بانطباع كوّنه من خلال هذه الجلسة بأن الذين يستميتون في عرقلة وصول "الجنرال" إلى قصر بعبدا إنما يفعلون ذلك خوفاً على مصالحهم، وخوفاً من أن يُهدم كل ما بنوه من "أمجاد" طوال عقود من الزمن.

رأي شخصي: هذه السطور، التي نقلناها بأمانة، قد تكون تعبيراً عن حالة تتعاطف مع منطقها فئة من اللبنانيين، من دون أن تعني تبنياً لمضمونها، الذي يبقى مثار جدل بين مكونات الوطن، والذي تجّلى في التباينات في وجهات النظر بين من يؤيد "التيار الوطني الحر" وبين من يعارض توجهاته، في آخر جلسة لطاولة الحوار، والتي دفعت الرئيس نبيه بري إلى تعليق الحوار إلى موعد لم يُحدّد، مع ما تلاه من نقاش غير مباشر وغير رسمي بين عين التينة والرابية.

قد يكون ما يطرحه "التيار الوطني الحر" من هواجس قابلاً للنقاش، وكذلك ما يطرحه الآخرون، ولكن ليس بهذه الطريقة التي قد تؤدي إلى تعميق الشرخ بين الطرفين، وإلى الوصول إلى مرحلة تصعب معها محاولات الجمع بين الأضداد.

لبنان 24