أولاً: تحلُّل الطبقة السياسية..
فسُدت الحياة السياسية في لبنان، وبدأت الطبقة السياسية بالتّحلُل (هذا في حال مطابقتها لمفهوم الطبقة)، وبدأت الأجهزة القضائية والأمنية تعاني نفس الأعراض بالاستتباع، وفي ظل انعدام الفاعلية اللازمة للأحزاب الوطنية والمنظمات المدنية، ونظراً لما أصاب الحراك الشعبي العام الماضي من فشلٍ وإحباط لهشاشة تركيبته وسهولة اختراقه، ومحاصرته بالميليشيات وأشباهها، فضلاً عن انعدام الرؤية عند مُحرّكيه وأنصاره.وتبقى المعضلة الكبرى أنّه لا يمكن استنباط "بديلاً مؤقتاً" لما يُسمّى دولة (والتعبير لجوزيف أبو خليل من كتابه قصة الموارنة في الحرب)، دولة ولو بحدٍّ أدنى من شروط قيامها بأوصافها وإمكانياتها، وللأسف، ليس في القاموس السياسي بديلاً من هذه الدولة، لأنّ مجتمعاً لا ينتظم في دولة هو مجتمع سائب أو تحت الوصاية( وكُنّا في صميمها لزمنٍ قريب)، أو مُعرّض للزوال والانحلال.
ثانياً: دعاوى الميثاقية تُنذر بانهيار الدولة..
لما سبق وذكرناه، وأسباب أخرى طبعا لا مجال لتفصيلها هنا، يتفاقم خطر انهيار الدولة أمام انفلات المشروع "الميثاقي" للتيار الوطني الحر، الذي يُنذر بانقسامات طائفية وإنزال خسائر جسيمة في جسم الدولة وهيبتها المفقودة منذ زمن، والأخطر من ذلك، أنّ دُويلات جاهزة للانقضاض على ما يتبقّى من الدولة، وعندها لا يبقى مسيحيّون لتُحفظ حقوقهم، ولا مسلمون بمنأى عن الحركات الأصولية المتطرفة، يستوي في ذلك السُّنة والشيعة والدروز، ويذهب العلمانيون واليساريون وأصحابُ النيات الحسنة، والمواطنون المغلوبون على أمرهم تحت سنابك الفوضى المدمّرة والحروب الطائفية والمذهبية المرعبة.