يوما بعد يوم تتكشّف علاقة بعض المنظمات الإغاثيّة بالإرهاب. أكثر من جلسة عقدت، أمس، في المحكمة العسكرية تبيّن من مجرياتها أنّ بعض حالات مساعدة المحتاجين السوريين والحصول على تمويل خارجي، ليست سوى غطاء لتمويل بعض التنظيمات الإرهابيّة.
 
هذه العمليّات لا دليل على ارتكابها، إذ لا وجود لا لورقة ولا لمكتب تحويل أموال، بل هي عبارة عن تسليم أموال من شخصٍ إلى آخر. معظم هذه المبالغ صبّت في مكان واحد: أحد أبناء عرسال أو من القاطنين في المنطقة والذي يكون باستطاعته نقل الأموال بسهولة إلى الجرود حيث تتمركز المنظّمات المسلّحة.
 
ورد اسم السوري (ع. ح.) الملقّب بـ «أبو عمير» الذي يعمل مديرا تنفيذيا لإحدى الجمعيّات البيروتيّة المتخصّصة في مجال الإغاثة كمدّعى عليه في ملفّ عدد من التفجيرات التي نفّذها نعيم عبّاس لمصلحة «جبهة النصرة». وقد تأكّد أنّ نعيم عباس توجّه إلى مركز الجمعية حيث سلّمه «أبو عمير» 20 ألف دولار بعدما طلب منه (أ. ط.) الملقّب بـ «أبو الوليد» ذلك، مبرّراً الأمر أنّه لم يكن يعلم من يكون نعيم عبّاس بالإضافة إلى أنّ «أبو الوليد» أقنعه بأن الأمر يتعلّق بتجارة التلفزيونات.
 
و«أبو عمير» متّهم مع الشيخ مصطفى الحجيري الملقّب بـ«أبو طاقية» وولديه براء وعبادة بأنّهم كانوا يرسلون الأموال إلى التنظيمات الإرهابيّة تحت ذريعة التكفّل بعدد من أيتام بلدة عرسال.
 
ينفي «أبو عمير» هذا الموضوع، ويشير إلى أنّه كان يأتي بمساعدات ماليّة من قطر وعدد من الدول الخليجيّة لمساعدة المحتاجين، ومنها تكفّله عددا من الأيتام في عرسال. ولذلك، تواصل مع صديقه «أبو طاقية» الذي كان على علاقة معه منذ التسعينيات، وصار الأخير يتوجّه كلّ ثلاثة أشهر إلى مركز الجمعيّة في بيروت كي يستلم الأموال، قبل أن يطلب الحجيري قيام ابنه عمير بهذه المهمّة.
وهذا ما حصل عندما صار عمير الحجيري يتوجّه إلى بيروت من طرابلس حيث كان يتلقّى علومه، فيما أشار «أبو عمير» وبراء الحجيري الى أنّ الأخير تردّد في بعض الأحيان.
 
المستغرب في هذه الرواية أنّ هذه المساعدات الخارجيّة للأيتام توقفت فور دخول «أبو عمير» إلى السجن برغم أنه ليس صاحب الجمعيّة البيروتيّة، بالإضافة إلى كون ما ينطبق على عرسال بالنسبة لإرسال الأموال عبر «أبو طاقية» لم يسرِ على المناطق الأخرى. ولم ينكر «أبو عمير» أنّه في البقاع مثلاً فإنّ أولياء أمور الأيتام هم من كانوا يأتون إلى بيروت لاستلام الأموال!
 
اسم «أبو طاقية» تكرّر أيضاً في ملفّ آخر شبيه بالأوّل. فيما نفى الموقوف (عمر ج.) أن يكون جزءاً من الأموال التي كان يحصل عليها كمساعدات إنسانيّة من الخارج وصلت إلى يد «أبو طاقية»، ولكن الأخير أجبره على أن يساعد عددا من النساء المحتاجات في المرّة الأولى التي رآه فيها.
وكان (عمر ج.) الذي نزح من القصير إلى لبنان بطريقة غير شرعيّة، يحصل على مبالغ ماليّة وصلت إلى المليون دولار، وفق إفادته الأوليّة التي تراجع عنها، وذلك لكون شقيقه الذي ذهب إلى تركيا هو أحد المسؤولين الفاعلين في التنظيمات المسلّحة، بالإضافة إلى تعاونه مع طبيب كانت له علاقات قويّة مع جهات خليجيّة؟
 
خلال استجوابه، أمس، من قبل رئيس «العسكريّة» العميد الرّكن الطيّار خليل إبراهيم، نفى «أبو البراء» أن تكون الأموال المخصّصة للمساعدات والإغاثة قد وصلت إلى التنظيمات الإرهابيّة، وإن لم ينف أنّه نقل حوالي 7000 دولار إلى «الجيش السوري الحر» في عرسال، لافتاً الانتباه إلى أن لا تواصل مع التنظيمات الإرهابيّة في جرود عرسال.