لا شك أن مساوئ "الفيسبوك" (في لبنان) قد فاقت محاسنه بأشواط، ولاسيما لجهة تحوله إلى سلاح رخيص، قذر، وفتّاك للتشهير وتلفيق الفضائح ونشر الإشاعات والتسبّب بالفتن والقلاقل.

البارحة انتشرت على صفحات الفيسبوك صور لأشخاص كبار في السنّ وعجزة، تعرّضوا للضرب والإعتداء والتعنيف والإهمال وسوء المعاملة، وادعى ناشرو الصور، زوراً وبهتاناً، أن هذه التعدّيات حدثت، وتحدث، في "مستشفى دار العجزة الإسلامية"، وذلك من دون أي تحقق أو محاولة لمعرفة مصدر الخبر ومدى حقيقته.

وسرعان ما انهالت التعليقات والشتائم والإتهامات من كل حدب وصوب، وطالت ظلماً "دار العجزة" والقيّمين عليها والعاملين فيها، ثم تجاوزتها إلى غيرها من المؤسسات الخيرية والاجتماعية والإنسانيّة الإسلامية!

وبعد التحقق من الصور والمعلومات تبيّن أن الصور ذاتها نشرتها وكالات أنباء ليبية وأن هذه التجاوزات المُشينة حصلت في دار العجزة في طرابلس (ليبيا).

إن هذا مُعيب بحق من يتناقل هذه الأخبار من دون تمحيص، بل أقول أن هذا إثم وبُهتان، ويساهم في تدمير مؤسساتنا الإسلاميّة وتلويث صدقيتها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكل ما سمع".

ومعروف إحصائياً أن الإشاعة إذا انتشرت ووصلت إلى 100 شخص، ثم تبعها توضيح مُدعّم بالإثباتات والدلائل وتمّ العمل على نشره على أوسع نطاق، فإنه رغم ذلك لا يصل سوى إلى 65 شخصاً على أكثر تقدير!! فمن يحمل وزر نشر الأكاذيب والأباطيل والإشاعات المُغرضة، ووزر تضليل الناس؟!

وجدير بالذكر أن الإشاعات نفسها طالت داراً للعجزة في الأردن، مما استدعى نفي الوزارة المعنيّة، وهذا دليل وبيّنة على علّة مُسيئة مٌعيبة، وانقياد أعمى وسلبيات، يتشارك فيها شبابنا العربي "الفيسبوكي".

إن أفراد مجتمعنا الإسلامي اللبناني، وبشكل عام، يسعون إلى الإلتزام بالتعاليم الإسلامية وإقامة الشعائر وإتمام الفروض الدينية، والنوافل وغيرها .. لكنهم للأسف، يُهملون، بامتياز، الآية الكريمة التي جاء فيها: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، صدق الله العظيم.

(اللواء)