اذا كانت نقطة الربط الاساسية بين الملف الارهابي المحكوم فيه الوزير السابق ميشال سماحة وملف التفجير المزدوج لمسجدي التقوى والسلام في طرابلس تتمثل في تورط المخابرات السورية في الملفين اعداداً وتنفيذاً، فلم يكن غريباً ان يحدث صدور القرار الاتهامي أمس في الملف الثاني دوياً مضاعفاً نظراً الى الطابع الدموي الذي أدى اليه التفجيران، فيما اقتصر الاول على الاعداد لعمليات ارهابية امكن تجنبها قبل تنفيذ مخططها. ذلك ان القرار الاتهامي الذي انجزه المحقق العدلي في ملف تفجير المسجدين القاضي آلاء الخطيب وسلمه امس الى وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي صدر بعد ثلاثة اعوام من التفجيرين اللذين حصلا في 23 آب 2013 وأديا الى مقتل نحو 55 ضحية ومئات الجرحى. وعلى رغم ان مجمل المعطيات التي استجمعتها التحقيقات سابقاً كانت تشير الى تورط المخابرات السورية في التفجيرين، الا ان وقائع القرار الاتهامي جاءت حاسمة لهذه الجهة اذ شكل الجانب الاتهامي لمخابرات النظام السوري النقطة الاشد توهجاً في مضمونه الذي أدرج ضمن أربعين صفحة فولسكاب. وتكتسب الوقائع الواردة في القرار أهمية جنائية (وضمنا سياسية ) كبيرة جداً اذ سمى المحقق العدلي الضابطين في المخابرات السورية النقيب في فرع فلسطين محمد علي والمسؤول في فرع الامن السياسي ناصر جوبان كمخططين للتفجيرين، علما ان المحقق سطر مذكرات تحر دائم لمعرفة هوية الضباط والامنيين في المخابرات السورية المتورطين في التفجيرين والمسؤولين عن اعطاء الامرة في هاتين العمليتين لملاحقتهم حسب الاصول. كما ان القرار سمى منفذي التفجيرين وهما الموقوف يوسف دياب والمطلوب الفار احمد مرعي مع آخرين. ويلقي القرار الضوء على دور الضابط السوري محمد علي في التفجيرين. فالى المسجدين المستهدفين، كانت هناك أهداف أخرى للمخطط منها استهداف الوزير ريفي والنائب خالد الضاهر والنائب السابق مصطفى علوش والعقيد المتقاعد عميد حمود. ويتضمن القرار تفاصيل اللقاءات الاعدادية للتفجيرين والبحث في احداثيات المسجدين والمكالمات الهاتفية التي سبقت التنفيذ ويبين المسار الذي سلكته السيارتان المفخختان الى مكاني التفجيرين.

أصداء
واثار صدور القرار ردود فعل وأصداء قيادية سياسية واسعة كان أهمها للرئيس سعد الحريري الذي أبرز اتهام القرار للنظام السوري ومخابراته واجهزته مباشرة وقال: "منذ اللحظة الاولى (للتفجيرين) قلنا إننا لن نكل عن ملاحقة المجرمين واننا سنثأر بالعدالة لارواح شهدائنا وها نحن أمام ساعة الحقيقة التي تسطر فيها العدالة مذكرات ملاحقة ضباط جهاز مخابرات نظام الاسد وعناصره الذين اعتقدوا يوماً ان أحداً لن يكشفهم". كما ان الرئيس نجيب ميقاتي وصف صدور القرار بأنه "خطوة أساسية على طريق احقاق الحق" داعياً الى "التعجيل في اجراء المحاكمات وملاحقة الضالعين في الجريمة الارهابية ومن وراءهم". وأشاد الوزير ريفي "بالمتابعة الدؤوبة والمهنية العالية والشجاعة للقاضي الخطيب" وقال: "لا نغالي ان قلنا إن هذا القرار الاتهامي يشكل الخطوة الاكثر وضوحاً على ان عهد وصاية النظام السوري على لبنان بدأ ينتهي الى غير رجعة"، وطالب تاليا "بطرد السفير السوري من لبنان ".