التطورات الميدانية في  سوريا  تتسارع، والتحالفات تتقلب وفق المصالح، فبعد معارك  حلب, اشتعلت الجبهات في الحسكة ليدخل بعدها العنصر التركي ويسحب الأنظار نحو جرابلس ومحيطها، وتزامناً مع استمرار المعارك على هذه الجبهات اشتعلت جبهة جديدة في حماة، في وقت يستمر فيه النظام بسياسة البراميل المتفجرة وطوّرها مع الحلفاء باستخدام قنابل "النابالم" الحارقة، أما في السياسة فلا وجود جدياً للائتلاف على الساحة، بل تتنقل التطورات بناء على التحالفات الروسية-التركية-الأميركية وما يحيطها من توافقات ايرانية وسورية.

ثلاثة أيام على انطلاق المعارك في حماه، ويبدو أن المسار الميداني لا يزال لصالح فصائل المعارضة التي تهدف من معركتها الوصول إلى المدينة ومطارها وتحريرهما، وبدأت معركتها بالهجوم على بلدة حلفايا في ريف حماة الشمالي، ويسرد الناشط السوري علاء الدين اسماعيل لـ"النهار" تفاصيل المعركة: "بعد تمهيد بالأسلحة المتوسطة والثقيلة من قوات  الجيش السوري الحر (العزة وجيش النصر) أقدمت عناصر "جند الأقصى" على الانغماس داخل البلدة والاشتباك مع عناصر النظام وتحرير النقاط داخل المنطقة وخارجها".
في اليوم التالي ووفق اسماعيل "بدأ الهجوم على البلدة المحاذية وهي طيبة الامام وعلى الحواجز المحيطة بها، فتم تحريرها وهي تبعد حوالي 2 كم عن بلدة محردة الموالية التي تعتبر خزاناً بشرياً للنظام، وتعود أهمية المنطقة الى انها تحوي محطة حرارية تغذي معظم محافظة حماه بالطاقة الكهربائية ويبعد الثوار حالياً عن هذه المحطة حوالي كلومتر واحد فهي تتوسط الطريق بين طيبة الامام ومحردة".
المناطق تم تحريرها خلال الأيام الثلاثة "حلفايا وطيبة الامام وبالأمس صوران واليوم الخميس معردس"، وفق اسماعيل الذي يؤكد أن "العمل مستمر لتحرير بلدة قمحانة، وتم ايضاً تحرير كتيبة الصواريخ الروسية شمال معردس واغتنام مستودع صواريخ من نوع غراد"، لافتاً إلى أن "الهدف من المعركة الوصول لمدينة حماه وتحريرها وتحرير مطار حماه العسكري، وفتح الطريق نحو الريف الشمالي لحمص تلبيسة والرستن".
ويشارك في المعارك "جيش العزة" و"جيش النصر" وهما من فصائل "الجيش السوري الحر"، بالاضافة الى "جند الاقصى" و"اجناد الشام" وبعض مجموعات صغيرة من فيلق الشام من "جيش الفتح" وفصيل جديد يدعى "ابناء الشام".

ويوضح الناشط السوري قصي الحسين لـ"النهار" أن "جند الأقصى هي مجموعة لا تتبع لأي جهة محددة، بل هي مجموعة انشقت منذ سنوات عن تنظيم "الدولة الاسلامية"، وذلك بعدما وقعت المعارك بين فصائل "الجيش الحر" والتنظيم ومعه "النصرة"، فاتخذ حينها عبد العزيز القطري قرار الانشقاق عن "داعش" مع عشرات المقاتلين وشكلوا "جند الاقصى"، وقتل القطري منذ عامين، وحالياً هذا الفصيل مستقل ولا يتبع لأي جهة ويبلغ عدد مقاتليه نحو الفي مقاتل"، مذكراً بأن "سبق ان حرر عناصر "جند الاقصى" مدينة مورك من النظام واتخذوها موقعاً لهم".
وفي العودة إلى مسار المعركة، فان الحسين يعتبر أن "سبب نجاح المعارضة حتى اليوم في معركة حماة يعود إلى طبيعة المنطقة التي تعتبر خاصرة ضعيفة، وهي تشهد للمرة الأولى مثل هذه المعارك ومن فيها لم يشارك سابقاً بمعارك مشابهة تتضمن كثافة في القصف أو هجوماً مباغتاً، ما دفعهم إلى الانسحاب". ومن الأسباب أيضاً بحسب الحسين، أن "فصائل عدة انضمت الى المعركة منها جيشا العزة والنصر (جيش حر) اضافة إلى اجناد القوقاز والتركستان وجند الاقصى وهي فصائل اسلامية".
وفي شأن امكانية الوصول إلى المدينة، يعتبر الحسين أن "الأمر صعب لأن الثوار تخلصوا من عبء السهل لكن المهمة الأصعب تكمن في عائق جبل زين العابدين واذا تحرر فيعني الأمر أن تحرير حماة بات يحتاج إلى يومين لا اكثر".
ويلفت الحسين الى أن "تحرير منطقة سلمية في ريف حماة سيؤدي إلى محاصرة النظام في حلب لأن الطريق الذي يمرّ في شرقي سلمية يغذي النظام في حلب ويدعى اثرياً خناصر ويمرّ ايضاً بريف حمص وحماة وادلب وحلب الشرقي".

 

محمد نمر