خلافات عميقة ومستحكمة شابت علاقة أبناء البلدة الواحدة والعائلة الواحدة، هم "قاسم. م" وولده "أيمن" من جهة و"حسن. م" من جهة ثانية، مردها إلى إستفزازات بين الطرفين، فشل معها كل أصحاب النوايا الحسنة في إصلاح ذات البين، لكن لم يكن يتوقع أحد أن تتطور هذه الخلافات الشكلية، إلى جريمة قتل في ساحة بلدة لاسا في وضح النهار، حولت "قاسم" الى جثّة هامدة.

يوم الحادث المشؤوم، مرّ "حسن" وهو يقود سيّارته من نوع "بي. أم. ف" بسرعة لافتة، ربما تعمّد المرور من أمام محلات قاسم وولده أيمن، الكائنة في ساحة بلدة لاسا في جبيل، حاول السائق استفزاز قريبيه على طريقته، فقام بعمليّة "تشفيط" أمام المحلات ما أدى إلى تطاير البحص والأتربة إلى داخلها، الأمر الذي أغاظ أيمن الذي خرج يستطلع ماذا يحدث، ثمّ لحق به والده قاسم ليبدأ الخلاف بين الطرفين، ويتطوّر إلى تلاسن ومن ثمّ إلى عراك بالأيدي، قام بنتيجته "حسن" بإحضار عصا خشبيّة، ضرب بها "قاسم" على رأسه فسقط أرضاً وبدأت الدماء تسيل من رأسه.

فوراً صعد الجاني إلى السيّارة وغادر المكان مسرعاً، في حين دخل "أيمن" برفقة والده الذي كان ينزف إلى المحل.. عبثاً حاول الإبن والمتجمهرون نقل المصاب إلى المستشفى قبل حضور رجال الدرك، واستمرّ النزيف لمدة ساعة تقريباً، وما إن جرى نقل الأب إلى المستشفى حتى فارق الحياة.

تلك الوقائع أوردها حكم محكمة جنايات جبل لبنان برئاسة القاضي فيصل حيدر، الذي أكّد في حيثياته أنّ المتهم أقدم على ضرب المغدور بعصا على رأسه، ما أدى إلى إصابته بجرح قطعي يشمل فروة الرأس طوله سنتمتر ونصف، وهذه الضربة لوحدها لا تثبت أنّ هناك نيّة للقتل ولا تؤكّد غايته أو هدفه بإزهاق روحه، وفي معظم الحالات المماثلة فإن الضربة التي تحصل بهذه الطريقة لا تؤدي إلى الوفاة مباشرة، بل إلى نزيف حاد يمكن تداركه بتلقي العلاج فوراً، والذهاب إلى المستشفى للخضوع لعملية تقطيب إذا لزم الأمر، لكنّ المغدور رفض الذهاب إلى المستشفى قبل حضور القوى الأمنيّة وبقي مصرّاً على موقفه لمدّة ساعة وهو ينزف، رغم معرفته بأنّه خضع لعملية قلب مفتوح ولا يمكنه التعرّض للضغط والإجهاد والإنفعال، مما دفع هيئة المحكمة إلى تجريم المتهم (غيابيا) بجناية التسبب بوفاة المغدور وإنزال عقوبة الأشغال الشاقة به لمدة 7 سنوات وألزمته بأن يدفع للجهة المدعيّة 56 مليون ليرة تعويضا عن الأضرار اللاحقة بها.

لبنان 24