استحضرت أوساط سياسية لمناسبة إطلالة مصر على الواقع اللبناني من البوابة الرئاسية الدور المحوري الذي كانت اضطلعت به القاهرة إبان الفراغ الرئاسي الذي بدأ في تشرين الاول 2007 لجهة دعم ترشيح قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان للرئاسة، ثم في المبادرة العربية التي تبلْورت رسمياً في كانون الثاني 2008 من خلال بيان الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي نص على "إنجاز انتخاب الرئيس التوافقي (العماد ميشال سليمان) على أسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وإجراء المشاورات للاتفاق على أسس تشكيل هذه الحكومة، وبدء العمل على صياغة قانون جديد للانتخابات النيابية فور تشكيل الحكومة".

وحسب هذه الأوساط، فإن ما بين 2008 و2016 عناصر مشتركة عدة أبرزها نقاط الارتكاز "المستنسخة" للأزمة الرئاسية وشروط حلّها التي حدّدتها قوى 8 آذار أخيراً على طريقة "العصا والجزرة"، ملوّحة بـ"حرب أهلية" قد تكون على الأبواب اذا حلّت 2017 دون انتخاب رئيس على قاعدة "سلة الحلّ" المتكاملة (الرئاسة، الحكومة الجديدة رئيساً وتوازنات وبياناً وزارياً وقانون انتخاب وعناوين أخرى).

وإذ تذكّر الأوساط نفسها بأن "سلّة 2008" للحلّ احتاج الوصول إليها 6 أشهر ولم يحصل ذلك الا «على الحامي» اي بعد أحداث 7 مايو 2008 (العملية العسكرية لـ"حزب الله" في بيروت والجبل) التي أريد منها انتزاع شروط التسوية "بالقوة" بعدما لم تسلّم قوى 14 بها طوعاً، تشير الى نقطة اختلاف جوهرية مع الشغور في "نسخة" 2016 وتتمثّل في انه قبل نحو 8 أعوام كان التفاهم حاصلاً وبالإجماع تقريباً ومنذ ما قبل بدء "عهد الفراغ" آنذاك على اسم الرئيس (العماد سليمان) الذي حظي ايضاً بمباركة غربية ولا سيما فرنسية ولكنه بقي مع "وقف التنفيذ" بعدما رفض سليمان السير مسبقاً بشروط 8 آذار، وأبرزها"الثلث المعطل" في الحكومة واسم قائد الجيش الجديد، ما جعل "حزب الله" وحلفاؤه يفرْملون انتخابه بعدما أقنعوا الرئيس بشار الأسد بذلك باعتبار انه كان قدّم التزاماً بالانتخاب الى باريس في غمرة مساعيه لإنهاء العزلة الدولية عليه وفق المنطق الذي ساد حينها بمحاولة فصله عن ايران.

وترى هذه الأوساط ان لحظة 2016 أكثر خطورة باعتبار ان الخلاف مستحكم على اسم الرئيس الذي لا يلوح في الأفق أي إمكان للتوافق عليه لبنانياً في المدى المنظور، في حين تبرز "شراسة المعركة" على مرتكزات الحلّ الذي تريده 8 آذار وتحديداً "حزب الله" أكثر اتساعاً من "دوحة 2008" انطلاقاً من تعاطيه مع الاستحقاق الرئاسي كمدخل لإعادة توزيع "كعكة السلطة" من ضمن فرصة قد "لا تتكرّر" لتعديل التوازنات في لبنان في ضوء "حرب النفوذ" بين القوى الاقليمية في المنطقة.

ومن هنا، رسمتْ الأوساط عيْنها ظلالاً من الشك حيال أي إمكان لإحداث اختراق قريب في الأزمة اللبنانية رغم ما يتم تداوله عن ان المسعى المصري الاستكشافي يسعى بغطاء دولي، وانه منسَّق مع دول عربية بينها السعودية وان نهايته ربما تكون على شكل مؤتمر في مصر، لافتة الى ان قوى 8 آذار "قالت كلمتها" اي شروطها برئيس جمهورية وبرلمان منها (العماد ميشال عون والرئيس بري) مع السلةّ، و14 آذار ترفض "الاستسلام" لـ"أحكام السلّة" رغم "الإغراء الشكلي" الذي قدّمه الأمين العام "لحزب الله" السيّد حسن نصر الله قبل أيام بمقايضة ممكنة بين عون رئيساً وسعد الحريري رئيساً للحكومة، وهو ما ردّت عليه "كتلة المستقبل" بإعلان ان هذا الكلام "تجاوز للدستور"، مشيرة إلى أنه"لا يمكن أن تقبل بتجاهل الدستور أو إهمال اتفاق الطائف".

الراي